Mr-bra
طاقم الإدارة
- رقم العضوية :
- 1
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 6459
- نقاط التميز :
- 8835
- التَـــسْجِيلْ :
- 08/06/2008
هذا الموضوع منقول
وهو يتكلم عن أحد النساء الجزائريات قامت بروبورتاج في وسط الشباب الجزائري وقام بجمع آرائهم
ادعكم تقرأون
نصف قرن على ثورة "الحقيقة المفقودة"
شباب جزائري بين تهميش الذكرى ونفي ابوّتها
وهو يتكلم عن أحد النساء الجزائريات قامت بروبورتاج في وسط الشباب الجزائري وقام بجمع آرائهم
ادعكم تقرأون
نصف قرن على ثورة "الحقيقة المفقودة"
شباب جزائري بين تهميش الذكرى ونفي ابوّتها
نورالهدى غولي من الجزائر :بعيدا عن الخطاب الرسمي المتداول،وبعيدا عن أبجديات ثورة قرأناها في الكتب وتلقينا بطولات شهدائها عبر وسائل الإعلام.. بعيدا عن حكايات المجاهدين والمجاهدات المتواترة بين الصدق والزيف وأقرب قليلا من صوت شباب الجزائر اليوم ،ومن صدى هواجسهم عن الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاق أول رصاصة اعلنت بداية نهاية حقبة استعمارية فاقت القرن.. نزلت إلى الشارع يسبقني سؤالي عن المعنى الذي تحمله هذه الذكرى عند جيل اليوم..
لم أكن أبحث عن إجابة "مقدسة" ترضي عشقي لهذا النوع من الثورات، ولم أكن متفائلة كثيرا.. كنت كمن يتوقع صدمة خفية قادمة فراح يهيئ نفسه لها.. اقتربت من الشباب بصورة عشوائية، حتى ارصد مختلف الآراء والأحلام الكامنة في نفوسهم. رفض بعضهم التعليق استهزاء من فحوى السؤال، فيما أصرّ آخرون على قول كلمتهم في ثورة قيل فيها وعنها الكثير.. ثورة تراوحت كفتها بين التفرّد والتميّز في كل شيء، إذ لم يدفع أي شعب من قبل، وفي فترة سبع سنوات، أكثر من مليون ونصف مليون شهيد..
ارتفع سقف الحديث بعدها عن الثورة الجزائرية، وأخذ منحى آخر مغاير تماما، وصل الأمر حدّ القول بأنّ ثورة نوفمبر كانت ثورة تعج بالخونة والمجاهدين المزيفين. وراح بعض المؤرخين الفرنسيين يفتعلون قصصا "تاريخية" من أجل الطعن في هذه الثورة التي أجبرتهم على لملمة أشيائهم والرحيل..
ابتسم أحمد (35 سنة ) حين اقتربنا منه وكان متحمسا للحديث حين سألناه عن ذكرى أول نوفمبر "أنا أقدّس هذا اليوم لأنّه شهد اتّحاد كل الجزائريين الأوفياء للوطن من أجل قمع الاستعمار، فكانت الاستجابة كاملة، وبكل ربوع هذا الوطن الغالي، كانت ثورة تحريرية لكل العالم، وثورة المعجزات.." يضيف بعدها، مستشهدا ببيت الشاعر مفدي زكريا، والملقب بشاعر الثورة الجزائرية والذي يقول فيه: "جزائر يا أرض المعجزات ويا حجة الله في الكائنات".
لم يختلف رأي رمضان (31 سنة) كثيرا عن احمد ،فهو يرى ان هذه الثورة عظيمة إذ " اتخذ الشعب الجزائري يوم أول نوفمبر من سنة 1954 قرارا لا رجعة فيه من أجل وضع حد للظلم، وهو اليوم الذي عبّر فيه الجزائريون عن سخطهم للجرائم التي كانت تتركب من طرف المستعمر، وبعد سبع سنوات من المقاومة أتى تاريخ 05 جويلية 1962 ليكون تتويجا لهذه الرحلة القاسية الطويلة بيوم الاستقلال.. والحريّة". موقف سعاد( 30 سنة) كان اكثر حدة فبادرت بحنق بالغ تشرح ما الت اليه هذه الثورة "أدرك تماما أن هذا التاريخ كان بداية لحقبة جديدة جميلة، لكن وهج هذا التاريخ اليوم أصبح يختفي شيئا فشيئا، ليدخل دهاليز الذاكرة.." وأشارت بيدها إلى رفوف الكتب المتراكمة في المكتبة التي تعمل فيها "..توجد عندي في المكتبة مثلا كتب كثيرة في التاريخ الإسلامي، التاريخ الثقافي الجزائري، وتاريخ الثورات في العالم، لكننا نعاني من نقص كبير في كتب الثورة الجزائرية ومذكرات مجاهدينا من أجل توعية هذا الجيل الذي يعاني من فراغ معرفي رهيب، لقد أصبحت هذه الذكرى عندنا مرتبطة بسلسلة الأفلام القديمة عن الثورة وبمجموعة من الأغاني التي تشيد بالثورة لا اكثر".
حالة الغضب التي انتابت سامية (27 سنة ) لا تقل حدة عن موقف سعاد الحانق فهي وان كانت تحمل ليسانس في علم النفس لا تزال عاطلة عن العمل ، فبالنسبة لها لم يعد لتلك الذكرى اي بريق "لم يعد تاريخ أول نوفمبر يعني أكثر من إعادة طهي عظام الشهداء والمجاهدين في كل مرة.." تضيف بعد صمت "أفضّل أن يمحوه من كراس التاريخ، لأن كل من يقوم بإحياء هذه الذكرى هم من الخونة، ويمكنكم الاطلاع على أرشيف مركز "الأبيار" للتأكد ممّا أقول، كما أنّ تلك الأموال التي يفترض أن تكون للمجاهدين وأبناء الشهداء هي من نصيب الخونة وأبناء الحركة" تصمت قليلا ثم تعقب ".. أتمنى أن نتوقف عن العودة إلى الماضي، ولنلتفت إلى المستقبل ونبحث عن انطلاقة نحو ما هو آت، لننسى تاريخنا المزيّف، لأنّ المجاهدين الحقيقيين ماتوا".
ابتعد كلام محمد (23 سنة) _ طالب بمعهد الطب_ عن هامش القدسية الذي طبع حديث البعض، ورأى أن الثورة التحريرية عنده لا تعدو أن تكون مناسبة لتكريم المجاهدين، وإقامة الاحتفالات وتقديم الأغاني. "..لقد كانت هناك تصرفات خفية في خضم هذه الثورة، أحيانا أشك في صدقها، كان هناك خونة وعملاء لفرنسا، كما أنّ المستعمر قبل خروجه ترك في السلطة أناسا لا يمتّون بصلة إلى المجاهدين الحقيقيين، وهم لا يمثلون الشعب أبدا" ويتابع بسخرية مريرة ".. لقد كنت منذ شهرين في فرنسا، ورأيت المستوى المعيشي الذي ينعمون به ، حين عدت، وللأسف، تمنيت لو أن فرنسا لم تخرج من بلدنا.." ابتسم بعد أن لاحظ استغراب رفيقه الذي كان معه، فقال "الحرية شيء جميل، لكن هل نحن أحرار حقا".
بما يشبه الخشوع عددت وهيبة (24 سنة) المعاني الكبيرة التي تحملها هذه الثورة ".. أول نوفمبر هو حدث عظيم للمجاهدين، ولولا هذه الثورة لما خبر هذا الجيل الحرية، ولما تمتعنا بالاستقلال، مان عيشه اليوم لم يأت من العدم، هناك مشاعر كثيرة تنتابني.. أتمنى لو عشت تلك الفترة، لكنت قد مت شهيدة، أو كنت على الأقل صديقة مجاهدات كجميلة بوحيرد وحسيبة بن بوعلي وغيرهن.. في ذاك الزمن كان المجاهدون يتحركون بصدق، تسبقهم صفاء نيّتهم لأجل الحريّة، أمّا اليوم فالكل يتصرف بخداع ومكر لأجل مصلحته الخاصة وفقط".
تفاجأت سميرة (29 سنة) بالسؤال الذي طرحناه عليها، فأخبرتنا بأسى "..بالصدفة فارق زوجي ووالدي الحياة جراء حادث مرور، وقد كنا لحظتها نتحدث عن عظمة الثورة التحريرية وعن الصعوبات التي لاقاها المجاهدين في الجبال"، أخبرتنا سميرة أن حديثها عن الثورة بعد هذا الحادث الأليم الذي لأصاب عائلتها قد أخذ طعما آخر من الإحساس الذي كانت تستشعره ".. لقد نجح الثوار والدبلوماسيين الجزائريين في انتزاع الاستقلال من أعتى قوة عسكرية في العالم آنذاك، وحتى في فترة التفاوض كانت هناك جهود ومناورات ذكية، لقد قام ذاك الجيل بما كان لزاما عليه أن يفعل وأكثر، لذا يجب علينا نحن اليوم أن نواصل المسيرة التي انطلقت مع أول رصاصة.. ثورتنا كانت عظيمة وقوية، وفضائلها يجب أن تلقن لكل جيل جديد يكون له دور حمل المشعل..".
لم يكن الخجل الذي بدأ به عبد الغني (26 سنة) حديثه ليصمد امام حماسته عن الحديث عن رأيه ن فما لبث ان انطلق على سجيته معبرا عن نظرته الخاصة " اعتبر ذلك اليوم يوم اجازة ،انام فيه وارتاح بل وأكثر هو يوم لا يعني لي شيئا.و على الرغم من معرفتي التامة انه يوم تاريخي اندلعت فيه شرارة الثورة التحريرية، الا انني أقضيه في الفراش لأنني لا أومن بعظمة هذه الثورة التي يتحدثون عنها. حين استقلت الجزائر، كان المجاهدون يعدّون على الأصابع، أيّ كانوا قليلون ومعروفون، لدى الناس، أمّا الآن فقد أصبح الجميع "قدماء مجاهدين" وأضحى الكل "أبناء شهداء". فأين هي الحقيقة؟".
في السياق ذاته يضيف محمد العيد (28 سنة) "عندما كنت طفلا كنت أتمنى قدوم هذا اليوم، وحين كبرت شعرت بغصة المخدوع . لم أعش الثورة التحريرية لكنّي أحببتها حين قرأت عنها في كتب التاريخ، وسمعت ببطولات مجاهديها من جدتي رحمها الله، أنا أتنفس حب الجزائر أكثر من المجاهدين، لأني لم أعش أحداثها، ومع ذلك أنا أقدّر كثيرا هذا اليوم وأتمنى بالفعل أن يكون الاحتفال بهذا اليوم عظيما بقدر عظمة الثورة".
في السياق ذاته يضيف محمد العيد (28 سنة) "عندما كنت طفلا كنت أتمنى قدوم هذا اليوم، وحين كبرت شعرت بغصة المخدوع . لم أعش الثورة التحريرية لكنّي أحببتها حين قرأت عنها في كتب التاريخ، وسمعت ببطولات مجاهديها من جدتي رحمها الله، أنا أتنفس حب الجزائر أكثر من المجاهدين، لأني لم أعش أحداثها، ومع ذلك أنا أقدّر كثيرا هذا اليوم وأتمنى بالفعل أن يكون الاحتفال بهذا اليوم عظيما بقدر عظمة الثورة".
من المسلم به جدلا وعلى الرغم من كل الاختلافات في اراء وتصريحات الشباب فإن مسؤولية "تناسي" هكذا ثورة تتحمله السلطات بشكل عام .
ولعل أخطر ما قيل هو تمني البعض بقاء الاستعمار الفرنسي وكأن الحرية التي يتمتعون بها شيء إضافي، بل وكانه عائق للعيش الحسن.من المؤكد ان اي تفضيل للاستعمار على الحرية _ في اي بلد كان _ تفضيل صادر عن قلة وعيّ وعدم إدراك كاف .. فلو عاشوا معاناة أبائهم وأجدادهم، لما تجرأ اي منهم التفكير هكذا جملة أصلا..
ما يجعلك تستشيط غيظا هو القانون الفرنسي الذي صدر مؤخرا والذي تم عرضه على البرلمان الفرنسي من أجل التصويت.
هذه المسودة "القبيحة" التي اعتبرت أن قواها الظلامية قد أهدت للدول التي استعمرتها "سحر الحضارة والتمدن".. الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأخرجه عن طوره، وجعله يلقي خطابا طويلا عريضا يعلن فيه رفضه رفضا قاطعا التوقيع على اتفاقية الصداقة المزمع توقيعها مع فرنسا، وطالب فرنسا باعتذار رسمي من الشعب الجزائري. ولا تزال "الطبخة" تنتظر حلا عاجلا قبل أن تحترق‼
ولعل أخطر ما قيل هو تمني البعض بقاء الاستعمار الفرنسي وكأن الحرية التي يتمتعون بها شيء إضافي، بل وكانه عائق للعيش الحسن.من المؤكد ان اي تفضيل للاستعمار على الحرية _ في اي بلد كان _ تفضيل صادر عن قلة وعيّ وعدم إدراك كاف .. فلو عاشوا معاناة أبائهم وأجدادهم، لما تجرأ اي منهم التفكير هكذا جملة أصلا..
ما يجعلك تستشيط غيظا هو القانون الفرنسي الذي صدر مؤخرا والذي تم عرضه على البرلمان الفرنسي من أجل التصويت.
هذه المسودة "القبيحة" التي اعتبرت أن قواها الظلامية قد أهدت للدول التي استعمرتها "سحر الحضارة والتمدن".. الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأخرجه عن طوره، وجعله يلقي خطابا طويلا عريضا يعلن فيه رفضه رفضا قاطعا التوقيع على اتفاقية الصداقة المزمع توقيعها مع فرنسا، وطالب فرنسا باعتذار رسمي من الشعب الجزائري. ولا تزال "الطبخة" تنتظر حلا عاجلا قبل أن تحترق‼
لقد كان هامش الأحاديث المنقسمة سببا في حدوث إسقاط آخر على انفصال رأي الشباب، إذ لم يخفي الكثيرون شعورهم بالخيبة من سماع أفعال الخيانة والعمالة لصلح المستعمر، وصرحوا بأمنية واحدة ووحيدة تكمن في معرفة الحقيقة وفقط، بعيدا عن الأكاذيب التي تلفق بصورة مستمرة.
طبعا هي رغبة صادقة منهم كي لا تبقى الصورة المشوهة ، واختصارها بأفلام تعرض بالأبيض والأسود، وأناشيد وطنية تشيد بالحرية والوطن، وأعلام تعلق في ساحات المؤسسات العمومية والطرقات ورصاصات تطلق عند منتصف ليلة أول نوفمبر..
وكي لا تكون مجرد اسم يرتفع دون المعنى علينا اخراج الجزء الأكبر من تاريخنا عتمة دهاليز مراكز الأرشيف..وعلينا ان ننفض غبار النسيان والإهمال. .لتكون الذكرى تليق بالثورة .
طبعا هي رغبة صادقة منهم كي لا تبقى الصورة المشوهة ، واختصارها بأفلام تعرض بالأبيض والأسود، وأناشيد وطنية تشيد بالحرية والوطن، وأعلام تعلق في ساحات المؤسسات العمومية والطرقات ورصاصات تطلق عند منتصف ليلة أول نوفمبر..
وكي لا تكون مجرد اسم يرتفع دون المعنى علينا اخراج الجزء الأكبر من تاريخنا عتمة دهاليز مراكز الأرشيف..وعلينا ان ننفض غبار النسيان والإهمال. .لتكون الذكرى تليق بالثورة .