منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


avatar

يوسف بن علي

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
المدية
المُسَــاهَمَـاتْ :
60
نقاط التميز :
123
التَـــسْجِيلْ :
28/10/2010
دُعاء المخلوق غير التّوسّل به للخالق

<< كان الأستاذ الزّاهري نقل عن سعادة الوزيرالعلاّمة الحجوي مقالا في شأن الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب ورأيُه فيالتّوسّل إلى الخالق بالمخلوق , ووقع الغلط في فهم رأيه ونسب إليه ما ليسمن قوله , وقد بيّنت حقيقة المسألة بما نُشر في العدد الخامس من الصّراط ,وقد أردنا ــ بمناسبة ما نشره الصّراط في المسألة ــ أن ننقل اليوم علىصفحاته ما كان حرّره الأستاذ عبد الحميد ابن باديس في المسألة ونشره في جالثّالث م الثّامن من مجلّته الشّهاب , ونصّه فيما يلي >> : التُوجّه إلى الله , برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم



قال أبو عيسى الترمذي : ( حدّثنا محمود بن غيلان نا عثمان بن عمر نا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عنعُثمان بن حنيف أنّ رجلا ضرير البصر أتى النّبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم فقال : ادع الله أن يُعافيني , قال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهوخير لك , قال فادعُه , قال فأمره أن يتوضّأ فيُحسن وُضوءه ويدعو بهذاالدّعاء : اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة ,إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه لتُقضى لي , اللّهمّ فشفّعه في ّ .هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهوغير الخطمي ) .
السّند : محمود بن غيلان ثقة من رجال البُخاريومُسلم , عثمان ابن عمر هو ابن فارس العبدي المُتوفّى سنة ( 209 ) ثقة روىعنه السّتة وهو الرّاوي عن شُعبة ولهم عثمان بن عمر بن موسى التيميمُتقدّم غير هذا , أبو جعفر هكذا عند الترمذي غير منسوب وقال فيه هو غيرالخطمي يعني أبا جعفر يزيد بن عُمير الأنصاري الخطمي لكن ابن ماجه قال : (حدّثنا أحمد بن منصور بن يسار ثنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن أبي جعفرالمدني إلى آخر السّند والمتن ) فصرّح بأنّ أبا جعفر هو المدني , وهذا هوأبو جعفر القارئ يزيد بن القعقاع , قال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديثوكان إمام أهل المدينة في القراءة فسُمّي القارئ لذلك , عمارة بن خُزيمةبن ثابت الأنصاري روى له أصحاب السّنن الأربعة وثّقه النّسائي وابن حبّانوابن سعد . عثمان بن حنيف هو الأنصاري الأوسي الصّحابي المشهور .
مُخرّجوا الحديث : رواه ابن ماجه في باب ما جاء فيصلاة الحاجة من سُننه , والنّسائي والحاكم والبيهقي وابن خُزيمةوالطّبراني .
رُتبة الحديث العلميّة والعمليّة : قال فيهالتّرمذي كما تقدّم حسن صحيح غريب , فالصّحيح ما رواه العدل الضّابط عنمثله إلى آخر سنده سالما من العلّة والشّذوذ , فإذا خفّ الضّبط في بعضرُوّاته فهو الحسن , وما يقول فيه أبو عيسى التّرمذي حسن صحيح أقوى ممّايقول فيه حسن فقط , لأنّ وصفه بالصّحة مع وصفه بالحُسن يُفيد أنّ خفّةالضّبط في بعض رجاله تكاد لا تُؤثّر عليه حتّى كأنّها لم تحطّه عن رُتبةالصّحيح التّام , وأمّا الغريب فهو ما انفرد بروايته راو فقط , وإذا كانذلك المُنفرد ثقة فذلك الانفراد لا يضرّ , فالغرابة لا تُنافي الصّحةوالحُسن , وغرابته جاءته من انفراد أبي جعفر به كما تقدّم , وصحّحه أيضاابن ماجه والحاكم والبيهقي والطّبراني , فبعد ما عرفنا من حال سنده وتصحيحهؤلاء الأئمّة له حصل لنا العلم الكافي ــ وهو الظّن الغالب ــ بثُبوته ,وحيث كان بهذه المنزلة من الثبوت فإنّه صالح لاستنباط الأحكام الشّرعيّةالعمليّة منه .
ألفاظ المتن : زاد ابن ماجه بعد قوله ( فأمره أنيتوضّأ فيُحسن وُضوءه ) قوله ( ويُصلّي ركعتين ) ولذلك أخرجه في باب ماجاء في صلاة الحاجة , وهذه زيادة عدل فهي مقبولة , والأمر بالوُضوء ممّايُؤيّدها وزاد النّسائي بعد قوله ( اللّهمّ شفّعه في ّ ) : ( وشفّعني فينفسي , فرجع وقد كشف الله عن بصره ).
المُفردات : ( التّوجّه ) إلى الشيء هو القصد إليهفأتوجّه إليك أي أقصد إليك و( الباء ) في بنبيّك وفي إنّي توجّهت بك هيباء الاستعانة والمُستعان به هو السّبب المُحصّل للمُستعان عليه ولذلك جعلبعضهم باء الاستعانة من باء السّببيّة , فالنّبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم مُستعان به على السّؤال أي على نجح السّؤال بحصول الشّيء المسئول منالله تعالى ومُستعان به على التّوجّه بمعنى القصد أي على نجح ذلك القصدبحصول المطلوب منه تعالى فهو مُتوصّل به إلى نجح السّؤال ونجح القصد وكلّما يُتوصّل به إلى الشّيء يُقال فيه وسيلة إليه فالسّؤال به توسّل بهفيُمكن أن تُسمّى هذه الباء باء التّوسّل وهي الدّاخلة على ما هو وسيلة فيحُصول شّيء , و( الهاء ) في قوله فادعه , هاء السّكت أو ضمير عائد علىالله تعالى , ( الشّفاعة ) سُؤال الخير لغير السّائل فقوله شفّعه فيّ , أياقبله فيّ أي اقبل دعاءه وسُؤاله لي . التّراكيب : قوله أسألكوأتوجّه إليك بنبيّك وقوله إنّي أتوجّه بك يحتمل أن يكون على ظاهرهبالسّؤال والتّوجّه والتّوسّل بذات النّبيّ صلّى الله عليه وآله سلّم نظرالمقامه عند الله تعالى ويكون هذا نظير قول القائل أسألك بالله من قولهتعال : (<< واتّقوا الله الذي تسّاءلون به >>) وفي سنن أبيداود والنّسائي مرفوعا : << ومن سألكم بالله فأعطوه >> وقولالقائل أسألك بالرّحم من قوله تعالى : (<< والأرحام >>)بالجرّ في قراءة الشّاميين , وقول عائشة لفاطمة رضي الله تعلى عنهما<< عزمت عليك بما لي عليك من الحق لمّا حدّثتني ما قال لك رسول اللهصلّى الله عليه وآله سلّم >> ويُحتمل أن يكون على تقدير مُضاف هكذابدعاء نبيّك في العبارة الأولى وبدُعائك في العبارة الثّانيّة لأنّه إنّماسأله أن يدعو له فيكون التّوسّل بدعائه ولقوله فشفّعه في أي قبل دعائه لي, وجُملة فشفعه معطوفة على جملة أسألك , وجُملة إنّي توجّهت بك مُعترضةبين المُتعاطفين .
المعنى : هذا رجل أعمى جاء إلى النّبيّ صلّى اللهعليه وآله وسلّم يسأله أن يدعو الله تعالى له أن يشفيه من العمى , فخيّربين أن يدعو له وأن يصبر على بلواه وأخبره أنّ الصّبر خير له من جهة الأجروالمثوبة فاختار الرّجل أن يدعو له فأمره أن يتوضّأ وُضوءا حسنا مُستكملالفرائضه وفضائله في ظاهره وباطنه وأن يُصلّي ركعتين ويدعو بالدّعاءالمذكور والظّاهر أنّه بعد الفراغ من الرّكعتين مثل ما جاء في دُعاءالاستخارة بعد ركعتيها . وكان الدّعاء سُؤالا من الله تعالى وتوجّها إليهوتوسّلا بنبيّه أو بدُعائه وثناء على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّمبما بعثه الله به من الرّحمة المُناسب ذكرها غاية المُناسبة في مقامالدّعاء والتّوسّل وخطابا له عليه السّلام بأنّه توجّه به إلى ربّه لتُقضىحاجته ثمّ رُجوعا إلى سُؤال الله تعالى أن يقبل فيه شفاعة النّبيّ صلّىالله عليه وآله وسلّم .
سؤال : الرّجل اختار أن يدعو له فأمره أن يتوضّأويُصلّي ويدعو بذلك الدّعاء ولم يدع هو له مع أنّه قد قال له في التّخييرإن شئت دعوت وإن شئت صبرت ؟
جوابه : الظّاهر أنّه دعا له وإن لم يُصرّح بذلك فيمتن الحديث لقول الأعمى اللّهمّ شفعه فيّ , أي : اقبل دعاءه وسُؤاله لي .
الأحكام : لم يدع الأعمى النّبيّ صلّى الله عليهوآله وسلّم ولم يسأله أن يشفيه هو لأنّ الدّعاء لقضاء الحوائج وكشفالبلايا ونحو ذلك هو العبادة وفي حديث النّعمان بن بشير المرفوع ( الدّعاءهو العبادة ) رواه أحمد وأصحاب السّنن , والعبادة لا تكون إلاّ لله لميدعه لا وحده ولا مع الله لأنّ الدّعاء لا يكون إلاّ لله , وهذا بخلاف مايفعله الجهّال والضّلال من طلبهم من المخلوقين من الأحياء والأموات أنيُعطوهم مطالبهم ويكشفوا عنهم بلاياهم , وإنّما سأله أن يدعو له اللهتعالى أن يُعافيه وهذا جائز أن يسأل المُؤمن من أخيه في حال حياته أن يدعوالله تعالى له ومن هذا حديث البخاري في سُؤال أمّ أنس بن مالك من النّبيّصلّى الله عليه وسلّم أن يدعو لأنس خادمه , فدعا له , ومن هذا ما رواهالتّرمذي وأبو داود عن عمر بن الخطّاب قال : استأذنت النّبيّ صلّى اللهعليه وسلّم في العُمرة فأذن لي وقال : أشركنا يا أخي في دُعائك ولا تنسنا, زاد في رواية التّرمذي فقال كلمة ما يسرّني أنّ لي بها الدّنيا , يعنيقوله أشركنا الخ , ثمّ إنّه توسّل بذاته بحسب مقامه عند ربّه وهذا علىالوجه الأوّل من الوجهين المُتقدّمين في فصل التّراكيب أو توسّل بدعائهوهذا على الوجه الثاني منهما فمن أخذ بالوجه الأوّل قال يجوز التّوسّلبذاته ومن أخذ بالوجه الثاني قال إنّما يتوسّل بدعائه ثمّ إنّ من أخذبالوجه الأوّل فهذا الدّعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته ومن أخذبالوجه الثاني لا يكون بعد وفاته لأنّ دعاءه إنّما كان في حياته لمن دعاله , فالوجهان المُتقدّمان ــ كما ترى ــ هما مثار الخلاف في جوازالتّوسّل بذاته وعدم جوازه فمن أخذ بالوجه الأوّل جوّز ومن أخذ بالثانيمنع .
سؤال : فإن قلت قد عرفنا القولين وعرفنا مدركهما فما هو الرّاجح عندك منهما ؟
جوابه : الرّاجح هو الوجه الأوّل الذي يُجيزالسّؤال بذات النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم نظرا لمقامه العظيم عندربّه لوجهين , الأوّل : أنّ ذلك هو ظاهر اللّفظ ولا مُوجب للتّقدير ولامُنافاة بين أن يكون في قوله أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك وقوله إنّي توجّهتبك قد سأل بذاته وفي قوله اللّهمّ شفعه في قد سأل قبول دعائه وسُؤاله ,والثاني : أنّه لمّا كان جائزا السؤال من المخلوقين بما له مقام عظيمعندهم فلا مانع من أن يسأل الله تعالى بنبيّه بحسب مقامه العظيم عنده .
سؤال آخر : بعد ما رجّحت جواز التّوسّل بذاته صلّىالله عليه وسلّم نظرا لمقامه العظيم عند الله تعالى فهل يُقاس عليه غيرهمن كلّ ذي مقام عند الله تعالى , فيُتوسّل به أو يكون هذا مقصورا عليه ؟
جوابه : القياس في باب العبادات ضعيف وإذا ارتكب هنا فلا يُقاس عليه إلاّ كلّ ذي مقام مُحقق عند الله تعالى .
سؤال آخر : بعدما عرفنا حكم سّؤال الله تعالى بأهلالمكانة عنده من مخلوقاته فهل الأفضل هو سُؤاله بمخلوقاته أو سُؤالهبأسمائه وصفاته وأعمال العبد في طاعاته ؟
جوابه : الأفضل هو سُؤاله تعالى بأسمائه وصفاتهوأعمال العبد في أنواع طاعاته , وذلك لوجهين : الأوّل أنّ ذلك هو مُقتضىالنّص القرآني الصّريح القطعي في قوله تعالى : (<< ولله الأسماءالحسنى فادعوه بها >>) ويشمل ذلك تسميته بها ونداءه بها وسُؤاله بها, الوجه الثاني : ما جاء في السّنة العمليّة في أحاديث كثيرة ثابتةمُستفيضة كان سُؤاله تعالى فيها كلّها بأسمائه وصفاته منها حديث ( أسألكالله بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك الخ ) رواه أحمد في مُسنده عن عبد اللهبن مسعود ومنها حديث رجل كان يُصلّي في المسجد فقال اللّهمّ إنّي أسألكبأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت الحنّان المنّان بديع السّماوات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيّوم أسألك , فقال النّبيّ صلّى الله عليهوآله وسلّم ( دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل بهأعطى ) , رواه أصحاب السنن الأربعة من طريق أنس , ومنها حديث ( إنّي أسألكبعلمك الغيب وقدرتك على الخلق ) رواه النّسائي والحاكم من طريق عمّار بنياسر وهكذا سائر الأحاديث التي جاءت في هذا الباب كلّها مُتواترة علىدُعاء الله تعالى بأسمائه وصفاته , وهي كلّها تحقيق وبيان لقوله تعالى(<< ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها >>) هذا كلّه في دُعائهتعالى بأسمائه وصفاته وأمّا ما جاء في دُعائه والتّوسّل إليه بعمل العبدفي أنواع طاعاته فمنها حديث بُريدة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم سمع رجلا يقول اللهم إنّي أسألك بأنّي أشهد ( والشّهادة عمل العهد )أنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت الأحد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكنله كفؤا أحد فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ( لقد سألت اللهبالاسم الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب ) , رواه أبو داودوالتّرمذي وحسّنه وابن ماجه وابن حبّان في صحيحه والحاكم إلاّ انّه قال (لقد دعوت الله باسمه الأعظم ) وقال صحيح على شرط الشّيخين قال الحافظ عبدالعظيم المُنذري قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي وإسناده لا مطعن فيهومنها حديث الثلاثة الذين آووا إلى غار فانحطّت على فم غارهم صخرة منالجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة للهفادعوا الله تعالى بها لعلّه يُفرّجها عنكم , فدعا أحدهم ببروره والديهفانفرجت منها فرجة ودعا الثاني بعفته عن الزّنا بعدما كاد فانفرجت فُرجةودعا الثالث بوفائه لأجيره فانفرجت البقيّة وهذا حديث صحيح مشهور رواهالشّيخان وغيرهما ومن ذلك حديث سارة زوج إبراهيم عليه السّلام لمّا مدّالجبّار الظالم إليها يده يُريدها على السُوء قامت توضّأ وتُصلّي وقالتاللهمّ إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلاّ على زوجي فلا تُسلّط عليّالكافر , فغط حتّى ركض برجله فقالت اللّهمّ إن يمت يُقال هي قتلته فأرسلفعاد إليها وعادت إلى الدّعاء كالمرّة الأولى وفي الثالثة تركها وقالأرجعوها إلى إبراهيم , رواه مُفصّلا البُخاري في كتاب البيوع من صحيحه منطريق أبي هريرة , فانظر إليها كيف توسّلت لربّها بإيمانها الذي هو أشرفأعمالها وبعفّتها وإحصانها لفرجها , ولم تتوسّل إليه برسوله وخليله زوجهاإبراهيم عليه الصّلاة والسّلام .
سُؤال آخر : بعدما عرفنا رُجحان سُؤاله تعالى بالأسماء والصّفات والطّاعات فهل ثبت عن الصّحابة سُؤالهم وتوسّلهم بذاته ؟
جوابه : لم يثبت عن واحد منهم شيئا من ذلك فيمالدينا من كُتب السّنة المشهورة بل ثبت عُدولهم عن ذلك في وقت مُقتض له لوكانوا يفعلونه وذلك في حديث استسقاء عُمر بالعبّاس رضي الله تعالى عنهمافقد أخرج البخاري في صحيح بسنده عن أنس أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنهكان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المُطّلب فقال اللّهمّ إنّا كنّانتوسّل إليك بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم فتسقينا وإنّا نتوسّل إليك بعمّنبيّنا فاسقنا , قال فيُسقون , ومعنى الحديث أنّهم كانوا يتوسّلونبالنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يدعو لهم في الاستسقاء ويدعون ثمّصاروا يتوسّلون بالعبّاس فيدعو لهم ويدعون فالتّوسّل هنا قطعا بدُعائهمالا بذاتهما . ووجه الاستدلال بالحديث على مرجوحيّة التّوسّل بالذات أنّالصّحابة لم يقولوا في موقفهم ذلك اللّهمّ إنّا نتوسّل إليك بنبيّنا أيبذاته ومقامه بل عدلوا عن ذلك إلى التّوسّل بالعبّاس يدعو لهم ويدعون كماكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفعل في الاستسقاء ولقد استدلّ بعضهمبعدول الصّحابة عن التّوسّل بذات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذاالمقام على منعه ونحن لمّا بيّنا قبل من دليل جوازه إنّما نستدلّ بعدولهمعلى مرجوحيّته .
سُؤال آخر : قد عرفنا فيما تقدّم مشروعيّة سُؤالالمُؤمن من أخيه في حياته أن يدعو له فهل يُشرع الذهاب إلى القبر وطلبالدّعاء من الميّت ؟
: جوابه : لو كان هذا جائزا لفعله الصّحابة فيالحديث المُتقدّم ولذهبوا لقبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسألونه أنيدعو لهم كما كان يدعو لهم في حياته ولم يرد في حديث عن واحد منهم أنّهكان يذهب إلى القبر النّبوي ويطلب منه صلّى الله عليه وسلّم أن يدعو له بلجاء عن ابن عمر ــ وهو من عُرف بشدّة اتّباعه وتحرّيه ــ أنّه كان يقففيُسلّم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ على أبي بكر ثمّ على عمررضي الله تعالى عنهما ثمّ ينصرف لا يزيد شيئا خرّجه مالك في الموطّأ .
تلخيص وتحصيل : تحصّل لنا من جميع ما تقدّم ( 1) :أنّ دُعاء المخلوق وحده أو مع الله ممنوع . ( 2 ) : وأنّ التّوسّل بدعائهفي حياته وهو من المؤمنين مطلوب ومشروع . ( 3 ) : وأنّ التّوسّل بذاتالنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم جائز مرجوح . ( 4 ) : وأنّ التّوسّلبذات غيره من أهل المكانة المُحققة له وجه في القياس . ( 5 ) : وأنّالتّوسّل بذات غيره ممّن ليس لنا اليقين القاطع بمقامه لا وجه له . ( 6 ): وأنّ طلب الدّعاء منه بعد موته بدعة لم يفعلها الصّحابة . ( 7 ) : وأنّالرّاجح في التّوسّل إلى الله هو التّوسّل إليه بأسمائه وصفاته وأعمالالعبد في أنواع طاعاته .
هذه سبع مسائل كثر فيها هذه الأيّام القال والقيلوتعرّض لها من الكُتّاب الأصيل والدّخيل وقد منّ الله بتحريرها على هذاالوجه الذي لم أره لغيري وقد كنت في تحريرها علم الله باحثا مُنصفامُتجرّدا فما كان فيها من حق وصواب فهو من الله وما كان فيها ــ عياذابالله ــ من باطل وخطأ فهو منّي وأستغفر الله والخير قصدت وحسبنا اللهونعم الوكيل .
(الصّراط السّوي العدد التّاسع )
مقالات أخرى
 
فارسة الاسلام

فارسة الاسلام

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
2996
البلد/ المدينة :
الجزائر
العَمَــــــــــلْ :
طالبة
المُسَــاهَمَـاتْ :
4059
نقاط التميز :
-4
التَـــسْجِيلْ :
12/10/2010
شكرا لك يا يوسف بن لقد بذلت في كل جهدك وقدمت موضوعا رائعا وفي غاية الروعة
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى