أم عبد الرحمن
عضو نشيط
- البلد/ المدينة :
- بلد الشهداء
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 571
- نقاط التميز :
- 639
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/09/2010
سقطت على الأرض مغشيا عليها ..
ليست المرة الأولى ... فهي تعاني من إرهاق نفسي متواصل منذ أن تزوجت قبل سنتين ...
لقد أخبروها أنه رجل طيب ... و فيه خير ... تستطعين التأثير عليه لكي يتدارك أمور دينه ... و يحافظ على الصلاة
مع الجماعة ...
و أنت يا بنيتي ... قد تزوجت أختك الصغرى قبلك ... و أعتقد أن هذا هو الأصلح لك ..
و أصرت أمي على هذا الخاطب ... فهو ميسور الحال ... و من عائلة معروفة ... ومركزه الوظيفي جيد ...
مظاااااااهر براقة لا تهمني ...
فقد سألت عن الدين ... هذا ماااااااايهمني ... أريد رجلا صالحا يعينني على الخير و على الطاعة ... إن أحبني
أكرمني وإن كرهني سرحني سراحا جميلا ... فما أكثر ما نسمع من تلك القصص المبكية من ظلم الأزواج
و مشاكلهم مع زوجاتهم لقلة الدين و الخلق .
كنت أحلم بمن يوقظني للصلاة في جوف الليل ...
كنت أدعوا الله في ظلام الليل و دموعي تتساقط أن يرزقني الرجل الذي يعينني على الطاعة و أعيش معه
على مرضااااة الله ...
نسير سويا متجهين إلى الله ... نقتفي أثر الرسول صلى الله عليه و سلم ، وأصحابه الطيبين ...
كنت أحلم بالرجل الذي يربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة ...
كأنني أقف بالباب أرمقه هو و ابني و هما ذاهبان إلى المسجد ...
دعوت الله أن يتردد على مسامعي ... قول زوجي ... كم حفظت اليوم من القرآن ...و كم جزءا قرأت ...
أحلم أنني أقف بطفلي أمام الكعبة وأدعوا له ... سأنجب أكبر عدد من الأبناء طالما أن في ذلك أجر...
و أنني سأخرج للدنيا من يوحد الله ... طالما حلمت الأحلام الكثيرة ... و طالما متعت نفسي بتلك الأحلام ...
الحمد لله على كل حاااااااال ...
احتسبت الأجر و صبرت على زوجي ... في البداية كان ينهض للصلاة ... مع مرور الأيام بدأ يتثاقل ....
ماذا تريدين ... الله غفور رحيم ...
سأصلي ...
الوقت مبكر ...
هذا هو الرد السريع عندما أحثه على صلاة الجماعة حتى لا تفوته ... أحس أنه يتغير مع إلحاحي إلى الأفضل ...
على الأقل هذا ما أتفاءل به ...
كنت أخشى رفقاء السوء فقد حدثني عن بعضهم ... أصبحت أخشى عليه من تأثيرهم ... فكرت في طريقة قد
تكون مجدية أكثر من نصحي له .
لماذا لا أعرفه على الشباب الصالح فقد يتأثر بهم ....
زوج صديقتي شاب طيب و ملتزم و صالح إن شاء الله ...
أسرعت للهاتف ... رحبت صديقتي بالفكرة و شجعت زوجها ...
أخبرته أن صديقتي ستأتي و معها زوجها ...
زارتني صديقتي هي و زوجها ...
قلبي يرجف من الفرح ... عسى الله يلقي في قلبه حبه ... كلما طال وقت الزيارة كلما زادت دقات قلبي ...
ودعت زميلتي عند الباب ...
رجعت إليه بسرعة ...
جلست أضغط على أصابعي بقوة ... انتظره يقول شيئا ...نظرت في عينيه ... فقال ... لقد كان لطيفا و ذو خلق
و لكنه لم يبد حماسا للقائهم و للذهاب إليهم كما وعدهم برد الزيارة ... حاولت بشتى الوسائل و السبل ....
أن أعينه على المحافظة على الصلاة في المسجد ...
الآن إلحاحي زاد بعد أن أنجبت منه ابنا ... أسهر الليالي الطويلة لوحدي ...
هو يقهقه مع زملائه و أنا أبكي مع طفلي ...
اكثرت من الدعاء له بالهداية ...
قررت أن أصلي صلاة الليل في غرفتنا بجواره عسى أن يستيقظ قلبه ... أحيانا يستيقظ و يراني أصلي
و في النهار يتأثر من صلاتي و طولها ...
مساء ذلك اليوم أخبرني أن أجهز له ثيابه ... سيسافر ... إلى المدينة الفلانية في رحلة عمل ... لا أعرف
صدقه من غيره ... غالبا يسافر و لا يتصل بنا ... أحيانا أخرى يتصل و يترك رقم غرفته ... إذا اتصل عرفت
أين هو ... لكن أحيانا كثيرة لا أعلم أين يذهب ... ولكني أحسن الظن بالمسلم إن شاء الله ...
في مدة سفره سأخصه بالدعاء ... في اليوم التالي لسفره ... اتصل بنا ... الحمد لله ... اطمأننت عليه ...
انقطع صوته ثلاثة أيام ... و في اليوم الرابع ... أتى صوته ... لم أكد أعرفه ... صوت حزين ... مابك ...
سأعود الليلة إن شاء الله ...
في تلك الليلة لم أنم من كثرة بكائه ... ماذا جرى لك ...أخذ في البكاء كالطفل ... ثم تبعته في البكاء و أنا لا أعلم
ماذا به ... و بعد فترة سادها الصمت الطويل ... أخذ ينظر إلي ... و الدموع تتساقط من عينيه ...
مسح آخر دمعة ثم قال : سبحان الله زميلي في العمل ...
سافرنا سويا لإنجاز بعض الأعمال ... ننام في غرفتين متجاورتين ...تعشينا ذلك المساء ... تمشينا في أسواق
المدينة ... و أعيننا لم نغضها عن المحرمات ...
ثم افترقنا على أمل العودة في الصباح لإنهاء أعمالنا ...
نمت نوما جيدا ... صليت الفجر على الساعة السابعة و النصف ...
اتصلت به ... لم يرد ... عاودت الاتصال فلم يرد ....
االساعة الآن الثامنة ... طرقت الباب ... لا مجيب ... اتصلت باستعلامات الفندق لعله خرج ...
و لكنهم أجابوا أنه موجود في الغرفة ... لابد أن نفتح لنرى ...
أصبح الموقف يدعو للخوف ... احضروا مفتاحا احتياطيا للغرفة ...
إنه نائم ... ناديته ... رفعت صوتي أكثر و أنا أقترب منه ... نائم و لكنه عاض لسانه ... متغير اللون ...
اقتربت أكثر ... لا حراك ... التقرير الطبي يقول ... مات البارحة بسكتة قلبية ...
أين الصحة ... و العافية ... و الشباب ... البارحة كنا نسير سويا ... لم يشتك من شيء ... ليس به مرض ...
أعدت حساباتي ...
هذا موت الفجأة لا نعرف متى سيأتي ... بل بدون مقدمات ...
سألت نفسي لماذا لا أكون أنا من مات ... ماذا سأواجه الله به ...
أين عملي ... ماذا قدمت ... لا شيء مطلقا ...
عرفت أنني مقصر في حق الله ....
سكت زوجي ... بكى و أبكاني ...
حمدت الله على هذه الهداية ... عشنا بعدها كما كنت أحلم أو أكثر ...
في الأسبوع التالي ...
شكر لي جهدي و حرصي على هدايته ...و أخبرني أننا سوف نذهب لأداء العمرة ... لنبدأ صفحة جديدة مع
الاستقااااامة ...
أكاد أطير من الفرح ... فأنا لم أذهب إلى مكة من قبل ...
حقق الله ما كنت أحلم به ...
وقفت بابني أمام الكعبة ... لكني لم أستطع الدعاء له لأنني بكيت و بكيت ... حتى تقطع قلبي ...
بعد طواف الوداع ... عدنا من الحرم ... لنستعد للسفر ... ما هذا الذي معك ... هذا كتاب ابن رجب جامع العلوم
و الحكم ...و هذا كتاب ابن القيم زاد المعاد في هدي خير العباد ... هذا كتاب الوابل الصيب لابن القيم ......
و هذا القرآن الكريم بحجم صغير ... لن يفارق جيبي .......................................
أيتها الحبيبة ....
هذه معالم في طريقنا إلى الدار الأخرة ... ثم أخذ يردد و هو يحمل الحقائب ( ربي اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي
ربنا و تقبل دعاء ، ربي اغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب ) .