الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
[size=64]كان بشرا ثم ارتد...[/size]
وتراني هنا في موقف متردد بين سماع أقواله وحكم عشيرته وبين تصديق ما سمعتْه أذناي ولم تراه عيناي ....
كان بشرا ثم ارتد .. ثم ازداد صدا ونفورا’وذات مساء جاء كإخوة يوسف- عليه السلام- يبكي عشاء ويتمسكن ’ معللا ’ معتذرا متحججا
يلقي معاذيره ولكن هيهات هيهات ’ ضيّعت الصيف اللبن ’ وسبق السيف العذل ’ وقد أعذر من أنذر ’ إنها لكبيرة قد اقترفها في حق والديه هذا العتل ....
*- أنا نادم ’ ولله تائب ’ دلني على سبيل أصلح به كل عثراتي وفجراتي وما ارتكبته في حقهما قبل فوات الأوان ’ لا تتركني ’ لا تدر وجهك عني’ تكلم أرجوك’ أرجوك ’ أرجوك..
*- ليس لك من توبة وقد نزل بساحتك سخط الله عليك إلى الأبد ’ هيا غادر المكان ’ لا شأن لي بك أبدا.
*- أرجوك’ أرجوك, أرجوك’ الدنيا مظلمة أمام عيني’ إني لا أرى سبيلا وقد ضاق صدري وأكاد أن أنفجر .. إلى أين أنت ذاهب ؟ أتتركني في حيرتي ’ في نار على فؤادي جمرها يلتهب ’ إني أتدمر باطنيا ’ إني أحترق ’ إني أغرق ’ إني...
*- أترك يدي ولا تلمسني ’ أنت عاق ولجهنم حصى ووقود وخشب..
*- إلى من تكلني يا سيدي وأنت الشيخ الوحيد هنا بباديتنا ’ أنت من لا يعقد مجلس إلا وأنت صدره ’ صاحب الكلمة والحكمة ولك الرأي أولا وأخيرا..
عندما وصل الأمر إلى هذا المنتهى ’ وتأكدت أن الباب قد أوصد في وجه هذا الشاب – بغض النظر عما سبق منه- حز في نفسي وأدمى قلبي وفتت كبدي ’ فقلت في نفسي أكيد أنه صادق ’ نادم ’ تائب’ أحاول مساعدته ’ سائلا الله العزيز الرحيم أن يوفقني فيما أريد عمله..
مرة ثانية سلمت على الشيخ وحييته ’ ترجيته أن يسمع مني كلمة ’ فإن شاء عمل بها وإن أبى فلست عليه بمسيطر...
*- تفضل هات ما عندك والقوم يسمعون . - قال الشيخ لي-
قلت: قال الحق سبحانه وتعالى [ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم].
ذكرتك بهذا وأنت تعلمه أحسن مني وإنما رأفة بحاله وحال أبويه والله أرحم منا بأنفسنا ..
*- أتدري ما فعله هذا يا هذا ..؟- قل الشيخ لي-
قلت : لو عدنا إلى الماضي ما نجا منا أحد. والآن ولله الحمد لدينا كتاب الله فنحكمه وعندنا سنة رسوله محمد – عليه الصلاة والسلام – فلنتبعها
جلس الشيخ واضعا راحة يده اليمنى على جبينه ’ مطاطئ الرأس تفكيرا وتخمينا ’ ثم بعد وقت يسير والكل مبحلق فيه ’ والأعناق مشرئبة شطره في إنتظار ما سيقول ..
نظر في نظرة أوجست منها خيفة ورهبة وكأنني أنا المعني بالحكم أقصد التهمة’ ثم قال: إنه بظلمه وعقوقه لأبويه كأنما وأدهما أحياء ..
قلت: وأن ذلك الذي قتل تسعا وتسعين رقبة وأتمها بمئة ’ ما كان حكم الحاكم القدير حينهافيه وعليه...؟
انتفض ’ تململ وعن مكانه تزحزح ’ يمّن ثم يسارا تأمل ثم وقف ثم قال
رحم الله أبويك ومن علّمك وأنار بصيرتك كما أنرت بصيرتي ’ غاب عني هذا وكأنني لأول مرة أسمعه ..
قلت: لا عليك نحن بشر نصيب ونخطي ونسهوا وننام ونعصوا ونتوب
ونادى على الشاب المسكين الحزين وامتثل أمامه بقامة ذل وقلب منكسر لا يرفع هامته ولا إلى وجه الشيخ استطاع فيه ينظر ’ أبكم أصم ’ ضرير
لما هو عليه من الهم والغم ’ جذبه الشيخ بيده من ساعده وأجلسه بيني وبينه ’ فتح المصحف وأشار إلى قوله سبحانه وتعالى ’ آمرا الشاب أن يقرأ وبصوت عال وقرأ الشاب [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغنّ عندك الكبرَ أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا].
غادرنا الشيخ للحظات ثم عاد بصحبة شيخ تربه ومن ورائهما امرأة مسنة ’ كانا هما والدا الشاب ’ وبمجرد ما وقعت عين الوالدة على ولدها ارتمت في حجره تبكي وتلتمس أطرافه وتدعو له ..
سبحان الله ’ سبحان الله ’ سبحان الله ’ رغم ما فعل بهما وبها على وجه خاص ها هي تدعو له ’ ما أرحمها الأم ’ ما أرحمها الأم ’ ما أرحمها الأم
صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أحق الناس بحسن الصحبة’ : . قال أمك ’ قال ثم من ’ قال أمك’ قال ثم من ’ قال أمك’’ قال ثم من’ قل أبوك’ / حديث على شهرته- غريب-
ألآ أيها التائهون’ ألا أيها الضائعون’ ألآ أيها العاقون’ ألآ أيها المتمردون
قبل أن يقع المنشار على العقدة’ ما دام أبواكما أو أحدهما حيا ’ سارعوا ’ إلى تقبيل قدميهما قبل يديهما ’ واطلبا العفو والسماح ’ إن غضب الله وسخطه إن حل لا مرد له ....
الحمد لله رب العالمين.