أم عبد الرحمن
عضو نشيط
- البلد/ المدينة :
- بلد الشهداء
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 571
- نقاط التميز :
- 639
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/09/2010
بسم الله الرحمن الرحيم
قد أشكل على الناس أمر النفس و ماهيتها ، مع إجماعهم على وجودها ، و لايضر الجهل بذاتها مع إثباتها
ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت ، و مذهب أهل الحق أن لها وجودا بعد موتها ، وأنها تُنعّم و تعذب .
قال أحمد بن حنبل : أرواح المؤمنين في الجنة ، و أرواح الكفار في النار ، و قد جاء في أحاديث الشهداء :
أنها في حواصل طير خضر تعلق من شجر الجنة *1.
و قد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم ، فقالوا: إن الموتى يأكلون في القبور وينكحون .
و الصـــــــواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب ، و أنها تجد ذلك إلى يوم القيامة .
فإذا كانت القيامة ، أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط . و قوله : ( في حواصل طير خضر )
دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بواسطة .
إلا أن تلك اللذة لذة مطعم أو مشرب ، فأما لذات المعارف و العلوم فيجوز أن تنالها بذاتها مع عدم الوسائط
و المقصود من هذا المذكور أني رأيت بعض الانزعاج من الموت ، و ملاحظة النفس بعين العدم عنده .
فقلت لها : إن كنتِ مصدقة للشريعة فقد أخبرت بما تعرفين ، و لا وجه للإنكار .
و إن كان هناك ريب في أخبار الشريعة صار الكلام في بيان صحة الشريعة فقالت : لا ريب عندي ، قلت :
فاجتهدي في تصحيح الإيمان و تحقيق التقوى و أبـــــــــــشري حينئذ بالراحة من ساعة الموت ، فإني لا
أخاف عليك إلا من التقصير في العمل و اعلمي أن تفاوت النعيم بمقدار درجات الفضائل ... فارتفعي بأجنحة
الجد إلى أعلى أبراجها و احـــــــــذري من قانص هوى أو شرك غرة .... و الله الموفق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1* صحيح : أخرجه الترمذي برقم (1641) و قال : حديث حسن صحيح .
صيد الخاطرلـــ ـــ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي .
قد أشكل على الناس أمر النفس و ماهيتها ، مع إجماعهم على وجودها ، و لايضر الجهل بذاتها مع إثباتها
ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت ، و مذهب أهل الحق أن لها وجودا بعد موتها ، وأنها تُنعّم و تعذب .
قال أحمد بن حنبل : أرواح المؤمنين في الجنة ، و أرواح الكفار في النار ، و قد جاء في أحاديث الشهداء :
أنها في حواصل طير خضر تعلق من شجر الجنة *1.
و قد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم ، فقالوا: إن الموتى يأكلون في القبور وينكحون .
و الصـــــــواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب ، و أنها تجد ذلك إلى يوم القيامة .
فإذا كانت القيامة ، أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط . و قوله : ( في حواصل طير خضر )
دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بواسطة .
إلا أن تلك اللذة لذة مطعم أو مشرب ، فأما لذات المعارف و العلوم فيجوز أن تنالها بذاتها مع عدم الوسائط
و المقصود من هذا المذكور أني رأيت بعض الانزعاج من الموت ، و ملاحظة النفس بعين العدم عنده .
فقلت لها : إن كنتِ مصدقة للشريعة فقد أخبرت بما تعرفين ، و لا وجه للإنكار .
و إن كان هناك ريب في أخبار الشريعة صار الكلام في بيان صحة الشريعة فقالت : لا ريب عندي ، قلت :
فاجتهدي في تصحيح الإيمان و تحقيق التقوى و أبـــــــــــشري حينئذ بالراحة من ساعة الموت ، فإني لا
أخاف عليك إلا من التقصير في العمل و اعلمي أن تفاوت النعيم بمقدار درجات الفضائل ... فارتفعي بأجنحة
الجد إلى أعلى أبراجها و احـــــــــذري من قانص هوى أو شرك غرة .... و الله الموفق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1* صحيح : أخرجه الترمذي برقم (1641) و قال : حديث حسن صحيح .
صيد الخاطرلـــ ـــ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي .