salim
طاقم المتميزين
- رقم العضوية :
- 531
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2244
- نقاط التميز :
- 2838
- التَـــسْجِيلْ :
- 07/04/2010
"طارق بن زياد" من القادة البارزين الذين سجلوا أسماءهم في صفحات تاريخ المسلمين المجيدة، مثل "خالد بن الوليد" و"سعد بن أبى وقاص" و "عمرو بن العاص" ، و"صلاح الدين الأيوبي" و"محمد الفاتح" وعلى يد "طارق بن زياد" قامت دولة للمسلمين في بلاد "الأندلس" المعروفة الآن بإسبانيا و"البرتغال" ، وقد ظلت تلك الدولة قائمة هناك ثمانية قرون .
هذا البطل العظيم ليس من أصل عربي ، ولكنه من أهالي البربر الذين يسكنون بلاد "المغرب" العربي ، وكثير من هؤلاء البربر دخل في الإسلام ، منهم "عبد الله" جد "طارق بن زياد" ، وهو أول اسم عربي إسلامي في نسبه ، أما باقي أجداده فهم من البربر الذين يتميزون بالطول واللون الأشقر .
التفكير في فتح بلاد "الأندلس"
كانت بلاد "الأندلس" يحكمها ملك ظالم يدعى " لذريق" ، كرهه الناس وفكروا في خلعه من الحكم والثورة عليه بالاستعانة بالمسلمين الذي يحكمون الشمال الإفريقي بعد أن سمعوا كثيرًا عن عدلهم ، وتوسط لهم الكونت "يوليان" حاكم "سبتة" القريبة من "طنجة" في إقناع المسلمين بمساعدتهم ، واتصل بطارق بن زياد يعرض عليه مساعدته في التخلص من "لذريق" حاكم الأندلس ، وقد رحب "طارق" بهذا الطلب ، ووجد فيه فرصة طيبة لمواصلة الفتح والجهاد ، ونشر الإسلام وتعريف الشعوب بمبادئه السمحة ، فأرسل إلى "موسى بن نصير" أمير "المغرب" يستأذنه في فتح "الأندلس" ، فطلب منه الانتظار حتى يرسل إلى خليفة المسلمين "الوليد بن عبد الملك" بهذا العرض ، ويستأذنه في فتح "الأندلس" ويشرح له حقيقة الأوضاع هناك ، فأذن له الخليفة ، وطلب منه أن يسبق الفتح حملة استطلاعية يكشف بها أحوال "الأندلس" قبل أن يخوض أهوال البحر .
حملة "طريف" الإستطلاعيةواستجابة لأمر الخليفة بدأ "طارق" يجهز حملة صغيرة لعبور البحر المتوسط إلى "الأندلس" بقيادة قائد من البربر يدعى "طريف بن مالك" ، وتضم خمسمائه من خير جنود المسلمين وذلك لاستكشاف الأمر ومعرفة أحوال "الأندلس" ، وتحركت هذه الحملة في شهر رمضان من سنة (91 ه = يوليو 710 م) فعبرت في أربع سفن قدمها لها الكونت "يوليان" ، ونزلت هناك على الضفة الأخرى في منطقة سميت بجزيرة "طريف" نسبة إلى قائد الحملة ، وقامت هذه الحملة الصغيرة بدراسة البلاد وتعرفوا جيدًا عليها ، ولم تلق هذه الحملة أية مقاومة وعادت بغنائم وفيرة.
حملة "طارق بن زياد"
وقد شجعت نتيجة هذا الحملة أن يقوم "طارق بن زياد" بالاستعداد لفتح بلاد "الأندلس" ، وبعد مرور أقل من عام من عودة حملة "طريف" خرج "طارق بن زياد" في سبعة آلاف جندي معظمهم من البربر المسلمين ، وعبر مضيق البحر المتوسط إلى " الأندلس" ، وتجمع المسلمون عند جبل صخري عرف فيما بعد باسم جبل "طارق" في (5 من شهر رجب 92 ه = 27 من إبريل 711 م) .
وأقام "طارق" بتلك المنطقة عدة أيام ، وبنى بها حصنًا لتكون قاعدة عسكرية بجوار الجبل ، وعهد بحمايتها إلى طائفة من جنده لحماية ظهره في حالة اضطراره إلى الانسحاب .
ثم سار "طارق بن زياد " بجيشه مخترقًا المنطقة المجاورة بمعاونة الكونت "يوليان" ، وزحف على ولاية "الجزيرة الخضراء" واحتل قلاعها ، وفى أثناء ذلك وصلت أنباء الفتح إلى أسماع "لذريق" ، وكان مشغولاً بمحاربة بعض الثائرين عليه في الشمال ، فترك قتالهم ، وأسرع إلى "طليطلة" عاصمة بلاده ، واستعد لمواجهة جيش المسلمين .
كان "طارق بن زياد" قد سار بجيشه شمالاً إلى "طليطلة" وعسكرت قواته في سهل واسع ، يحدها من الشرق نهر "وادي لكة" ، ومن الغرب نهر "وادي البارباتى" ، وفى الوقت نفسه أكمل "لذريق" استعداداته ، وجمع جيشًا هائلاً بلغ مائة ألف مقاتل مزودين بأقوى الأسلحة ، وسار إلى الجنوب للقاء المسلمين ، وهو واثق كل الثقة من تحقيق النصر .
ولما علم "طارق" بأنباء هذه الحشود بعث إلى "موسى بن نصير" يخبره بالأمر ، ويطلب منه المدد ، فبعث إليه بخمسة آلاف جندي من خيرة الرجال ، وبلغ المسلمون بذلك اثني عشر ألفًا.
اللقاء المرتقب
رحل "لذريق" إلى بلدة "شذونة" وأتم بها استعداداته ، ثم اتجه إلى لقاء المسلمين ، ودارت بين الفريقين معركة فاصلة بالقرب من "شذونة" وكان اللقاء قويًّا ابتدأ في
(28 من رمضان 92 ﻫ =18 من يوليو 711م ) وظل مستمرًّا ثمانية أيام ، أبلى المسلمون خلالها بلاء حسنًا ، وثبتوا في أرض المعركة كالجبال رغم تفوق عدوهم في العدد والعدة ، ولم ترهبهم قوته ولا حشوده ، وتفوقوا عليه بالإعداد الجيد ، والإيمان القوى ، والإخلاص لله، والرغبة في الشهادة في سبيل الله.
وتحقق لهم النصر في اليوم الثامن من بدء المعركة ، وفر "لذريق" آخر ملوك القوط عقب المعركة ، ولم يعثر له على أثر ، ويبدو أنه فقد حياته في المعركة التي فقد فيها ملكه
ما بعد النصر
وبعد هذا النصر العظيم طارد "طارق بن زياد" فلول الجيش المنهزم ، وسار بجيشه يفتح البلاد ، ولم يجد مقاومة عنيفة في سيرة تجاه الشمال ، وفى الطريق إلى "طليطلة" عاصمة القوط كان "طارق" يرسل حملات عسكرية صغيرة لفتح المدن ، مثل "قرطبة" ، و"غرناطة" و"ألبيرة" و"مالقة" . وواصل "طارق" سير شمالاً مخترقًا هضاب "الأندلس" حتى دخل "طليطلة" بعد رحلة طويلة شاقة بلغت أكثر ما يزيد على (600) كيلومتر عن ميدان المعركة التي انتصر فيها .
ولما دخل "طارق" مدينة "طليطلة" أبقى على من ظل بها من السكان ، وأحسن معاملتهم ، وترك لهم كنائسهم , وتابع زحفه شمالاً حتى وصل إلى خليج "بسكونيه" ، ثم عاد ثانية إلى "طليطلة" ، وكتب إلى "موسى بن نصير" يحيطه بأنباء هذا الفتح وما أحرزه من نصر ، ويطلب منه المزيد من الرجال والعتاد لمواصلة الفتح ونشر الإسلام في تلك المناطق وتخليص أهلها من ظلم القوط .