زيري الصنهاجي
عضو جديد
- البلد/ المدينة :
- bousaada
- العَمَــــــــــلْ :
- PES
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 16
- نقاط التميز :
- 47
- التَـــسْجِيلْ :
- 02/10/2010
المجتمعات الناجحة تعطي حيزا كبيرا واهتماما مضاعفا لاتقان الجانب التربوي للنشء الجديد لاسيما من لدن الأبوين، فتكرّس الجهات المعنية كالمؤسسات التربوية المختصة الرسمية وغيرها كل امكانياتها من أجل دعم وتطوير الدور التربوي الأبوي للابناء على الوجه الأمثل، والكل يعي أهمية هذا الدور وقدرته على الاسهام المباشر والفعال في بناء الشخصية الناجحة أو العكس في حالة فشل التربية الأبوية للأبناء.
لهذا كان التركيز على تطوير القدرات التربوية للآباء والأمهات متواصلا في المجتمعات التي تعي أهمية هذا الدور، ويرى بعض الآباء أو معظمهم أن الحب وحده كفيل بإنشاء وتوصيل تربية ناجحة للأبناء (من كلا الجنسين) أي أن الأب قد يوهم نفسه بأنه اذا أغدق بحبه على أبنائه فإن هذا العامل وحده قادر على جعل الابناء مطيعين صبورين متوازنين وناجحين في أعمالهم ومسعاهم أيا كان نوعه او شروطه، كما أن الكثير من الاباء والامهات يغفلون او يتغافلون عن دور التدريب والتمرس على التربية الصحيحة ويعتمدون على ما اكتسبوه من آبائهم وامهاتهم سابقا، وهي نظرة قاصرة بالطبع، إذ أن التربية لايمكن أن تثبت على مر الازمان.
وهنا يرى (د. سال شيفر في كتابه / كيف تكون قدوة حسنة لابنائك/ ان الغالبية العظمى من الاباء لديهم اعتقاد خاطئ بأنهم اذا أحبوا أولادهم الى أبعد مدى، فسوف يحسّن ذلك من سلوكهم السيّئ يوما ما. وبالرغم من أن الحب والدفء والود من الاشياء الاساسية والجوهرية، لكن تظل الحاجة الى المعرفة الجيدة قائمة).
وبهذا فإن الحب وحده لا يمكن أن يكون سببا لنجاح التربية، لأنها لا ترتبط بالحب وحده، فثمة الكثير مما يتعلق بنجاح الجانب التربوي او فشله، ومنها ضرورة أن يتدرب الآباء والامهات على الانماط التربوية المعاصرة، وأن لا يعتمدوا فقط على ما اكتسبوه من التجربة التربوية لآبائهم، وهنا يتساءل الدكتور سال في كتابه المذكور آنفا:
(لمَ لا تسير العملية التربوية بنفس النهج الذي كانت تسير به منذ عشرين او ثلاثين عاما ؟ ولمَ لا ننتهج الطرق القديمة ؟ ولماذا يكون الآباء كثيري السؤال والاضطراب ؟. –ثم يضيف قائلا- إن كثيرا من التغييرات طرأت على حياتنا الثقافية كان لها الأثر الأكبر والهائل على المنهج التربوي وعلى أدوارنا كآباء، كذلك فإن حالتنا الاقتصادية خلقت نوعا من التوتر المالي داخل الاسر، وأن الآباء يعودون للمنزل ويبدو عليهم وطأة الاجهاد وينتابهم الغضب سريعا).
وهذا يدل بطبيعة الحال على أن حياة الآباء ليست كحياة الابناء، فمع مرور الوقت تزداد الحياة تعقيدا وتزداد متطلبات التربية لكي تضمن نجاحها، فالبساطة واليسر التي كانت تقوم عليه التربية قبل ثلاثين عاما لا يمكن أن تنطبق على واقع الحال الآني الذي يغص بمشكلات العمل والسعي الدائم وراء كسب الرزق.
كما أن تطلعات الانسان أصبحت أكثر تنوعا سواء في النوع او الكم، وهذا الامر لابد أن ينعكس على الجانب التربوي للاولاد، بمعنى أن الانشغال وراء النجاح سواء في الجانب العملي او الفكري لابد أن يأخذ حيزا أوسع من جهود الآباء وأوقاتهم وبالتالي سيأخذ هذا من الوقت المخصص للتربية ومن الجهد والاعصاب والتفرغ الأبوي لذلك، هنا لابد أن نقر بصعوبة واختلاف التربية المعاصرة عن الازمان السالفة، ومع وعينا لهذا الجانب لابد أن نكون على قدر كاف من السعي نحو تحقيق الاهداف التربوية الناجحة للابناء، ولايمكن أن يتم ذلك عشوائيا.
أي أن المسألة برمتها تحتاج الى المراس والتفاعل والاطلاع والتدريب على اتقان التربية الصحيحة، وليس في هذا ضير او تعجّب، نعم مثلما يحاول الأب او الانسان عموما أن يتقن عملا ما سواء كان ماديا ملموسا او فكريا تعليميا محضا، فعليه أن يتدرب على ذلك لكي يصل الى درجة جيدة من الاتقان، كذلك عليه أن يتدرب على اتقان التربية الناجحة، وفي هذا المجال يرى (د. سال) أن كل أم وكل أب يحتاج الى أن يقوم بثلاثة تعهدات لكي يكون أكثرا نجاحا في الجانب التربوي ويلخص هذه التعهدات كالتالي:
(أولا: تعهد بأن تكون لديك الشجاعة للتحلي بالصراحة وقبول الافكار الجديدة، وداوم على فعل الشيء الذي تجد منه نفعا، واذا لم تجد منه نفعا فتحلَّ بالشجاعة لتجرب شيئا جديدا.
ثانيا: تعهد بأن تتحلى بالصبر، بل بالكثير من الصبر، فإن بلغ طفلك الثانية عشرة من العمر، فقد قضى هذه الأثني عشر عاما في تحسين أنماط سلوكه، وتعهد بإعطاء الوقت الكافي حتى يتغير، فهذه هي النقطة التي يفشل بها أغلب الآباء.
ثالثا: تعهّد بالتدريب، فكل أب وأم يجب عليه أن يتدرب).
وهكذا يبدو لنا من النقاط والتعهدات الثلاثة أعلاه أن قضية التدريب على التربية ينبغي أن تكون ركنا هاما بالنسبة للابوين، وكلما كان الاستعداد قائما لديهما في هذا المجال كلما كان نجاحهما في تربية الأبناء أكثر دقة وضمانا.