أم عبد الرحمن
عضو نشيط
- البلد/ المدينة :
- بلد الشهداء
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 571
- نقاط التميز :
- 639
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/09/2010
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ربما أخذ المتيقظ بيت شعر فأخذ منه إشارة فانتفع بها .
قال الجنيد : ناولني سري رقعة مكتوب فيها : سمعت حاديا في طريق مكة شرفها الله تعالى يقول :
أبكي و ما يدريـــــــــــك ما يبكيني
أبكي حــــــــــــــــذارا أن تفارقيني
و تقطعي حبــــــــــلي و تهجريني
فا نظر - رحمك الله و وفقك - إلى تأثير هذه الأبيات عند سري حتى أحب أن يطلع منها الجنيد على ما اطلع عليه
و لم يصلح للاطلاع على مثلها إلا الجنيد .
فإن أقواما فيهم كثافة طبع ، و خشونة فهم ، قال بعضهم لما سمع مثل هذه : إلام يشار بهذه ؟ إن كان الحق ، فالحق
عز و جل لا يشار إليه بلفظ تأنيث . وإن كان إلى امرأة فأين الزهد ؟
و لعمري إن هذا حداء أهل الغفلة إذا سمعوا مثل هذا ، و لذلك يُنهى عن سمــــــــــاع القصائد و أقوال أهل الغنـــاء
لأن الغالب حمل تلك الأبيات على مقاصد النفس ، و غلبات الهوى .
و من أين لنا بمثل الجنــيد و ســـــري ؟
و إذا وجدنا مثلهما فهما خبيران بما يسمعان .
و أما اعتراض هذا الكثيف الطبع ، فالجواب : أن سريا لم يأخذ الإشارة من اللفظ ، و لم يقس ذلك على مطلوبه
فيصيره تأنيثا أو تذكيرا .
و إنما أخذ الإشارة من المعنى ، فكأنه يخاطب حبيبه بمعنى الأبيات ، فيقول : أبكي حذارا من إعراضك و إبعادك .
فهذا الحاصل له ، و ما التفت قط إلى تأنيث و لا إلى لفظ تذكير ... فافهم هذا .
و ما زال المتيقظون يأخذون الإشارة من مثل هذا حتى كانوا يأخذونها من هذا الذي تقوله العامة .
فرأيت بخط ابن عقيل عن بعض مشايخه الكبار أنه سمع امرأة تنشد :
غسلت له طول الليل *** فركت له طول النهار
خرج يعاين غيري *** زلق وقع في الطين .
فأخذ من ذلك إشارة معناها : يا عبدي إني حسنت خلقك ، و أصلحت شأنك ، و قوَّمت بنيتك ، فأقبلت على غيري
فانظر عواقب خلافك لي .
ـــــــــــــــــــــــــ صـــــــــــــــــــــــــــيد الخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاطر ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــ أبو الفرج ابن الجوزي ــــــــــ
اللهم وفقنا لما تحب و ترضى .......آمين .
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد و على آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا .
ربما أخذ المتيقظ بيت شعر فأخذ منه إشارة فانتفع بها .
قال الجنيد : ناولني سري رقعة مكتوب فيها : سمعت حاديا في طريق مكة شرفها الله تعالى يقول :
أبكي و ما يدريـــــــــــك ما يبكيني
أبكي حــــــــــــــــذارا أن تفارقيني
و تقطعي حبــــــــــلي و تهجريني
فا نظر - رحمك الله و وفقك - إلى تأثير هذه الأبيات عند سري حتى أحب أن يطلع منها الجنيد على ما اطلع عليه
و لم يصلح للاطلاع على مثلها إلا الجنيد .
فإن أقواما فيهم كثافة طبع ، و خشونة فهم ، قال بعضهم لما سمع مثل هذه : إلام يشار بهذه ؟ إن كان الحق ، فالحق
عز و جل لا يشار إليه بلفظ تأنيث . وإن كان إلى امرأة فأين الزهد ؟
و لعمري إن هذا حداء أهل الغفلة إذا سمعوا مثل هذا ، و لذلك يُنهى عن سمــــــــــاع القصائد و أقوال أهل الغنـــاء
لأن الغالب حمل تلك الأبيات على مقاصد النفس ، و غلبات الهوى .
و من أين لنا بمثل الجنــيد و ســـــري ؟
و إذا وجدنا مثلهما فهما خبيران بما يسمعان .
و أما اعتراض هذا الكثيف الطبع ، فالجواب : أن سريا لم يأخذ الإشارة من اللفظ ، و لم يقس ذلك على مطلوبه
فيصيره تأنيثا أو تذكيرا .
و إنما أخذ الإشارة من المعنى ، فكأنه يخاطب حبيبه بمعنى الأبيات ، فيقول : أبكي حذارا من إعراضك و إبعادك .
فهذا الحاصل له ، و ما التفت قط إلى تأنيث و لا إلى لفظ تذكير ... فافهم هذا .
و ما زال المتيقظون يأخذون الإشارة من مثل هذا حتى كانوا يأخذونها من هذا الذي تقوله العامة .
فرأيت بخط ابن عقيل عن بعض مشايخه الكبار أنه سمع امرأة تنشد :
غسلت له طول الليل *** فركت له طول النهار
خرج يعاين غيري *** زلق وقع في الطين .
فأخذ من ذلك إشارة معناها : يا عبدي إني حسنت خلقك ، و أصلحت شأنك ، و قوَّمت بنيتك ، فأقبلت على غيري
فانظر عواقب خلافك لي .
ـــــــــــــــــــــــــ صـــــــــــــــــــــــــــيد الخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاطر ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــ أبو الفرج ابن الجوزي ــــــــــ
اللهم وفقنا لما تحب و ترضى .......آمين .
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد و على آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا .