1- تعريف التلوث:
فالتعريف البسيط الذي يرقي إلي ذهن أي فرد منا: "كون الشيء غير نظيفاً" والذي ينجم عنه بعد ذلك أضرار ومشاكل صحية للإنسان بل وللكائنات الحية، والعالم بأكمله ولكن إذا نظرنا لمفهوم التلوث بشكل أكثر علمية ودقة:
"هو إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية مما يؤدي إلي ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلي اختلاله".
يختلف علماء البيئة والمناخ في تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي، وأيا كان التعريف فإن المفهوم العلمي للتلوث البيئي مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الإيكولوجي حيث أن كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وتصاب بشلل تام عند حدوث تغير في الحركة التوافقية بين العناصر المختلفة فالتغير الكمي أو النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يؤدي إلى الخلل في هذا النظام، ومن هنا نجد أن التلوث البيئي يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي أو انه يزيد أو يقلل وجود أحد عناصره بشكل يؤدي إلى عدم استطاعة النظام البيئي على قبول هذا الأمر الذي يؤدي إلى أحداث خلل في هذا النظام.
2 - أنواع التلوث:
2 -1 التلوث الهوائي:
يحدث التلوث الهوائي عندما تتواجد جزيئات أو جسيمات في الهواء وبكميات كبيرة عضوية أو غير عضوية بحيث لا تستطيع الدخول إلى النظام البيئي وتشكل ضررا على العناصر البيئية. والتلوث الهوائي يعتبر أكثر أشكال التلوث البيئي انتشارا نظرا لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى وبفترة زمنية وجيزة نسبيا ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيرا مباشرا ويخلف آثارا بيئية وصحية واقتصادية واضحة متمثلة في التأثير على صحة الإنسان وانخفاض كفاءته الإنتاجية كما أن التأثير ينتقل إلى الحيوانات ويصيبها بالأمراض المختلفة ويقلل من قيمتها الاقتصادية، أما تأثيرها على النباتات فهي واضحة وجلية متمثلة بالدرجة الأولى في انخفاض الإنتاجية الزراعية للمناطق التي تعاني من زيادة تركيز الملوثات الهوائية بالإضافة إلى ذلك هناك تأثيرات غير مباشرة متمثلة في التأثير على النظام المناخي العالمي حيث أن زيادة تركيز بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى انحباس حراري يزيد من حرارة الكرة الأرضية وما يتبع ذلك من تغيرات طبيعية ومناخية قد تكون لها عواقب خطيرة على الكون.
2-2 التلوث المائي:
الغلاف المائي يمثل أكثر من 70% من مساحة الكرة الأرضية ويبلغ حجم هذا الغلاف حوالي 296 مليون ميلا مكعبا من المياه. ومن هنا تبدو أهمية المياه حيث أنها مصدر من مصادر الحياة على سطح الأرض فينبغي صيانته والحفاظ عليه من أجل توازن النظام الإيكولوجي الذي يعتبر في حد ذاته سر استمرارية الحياة . وعندما نتحدث عن التلوث المائي من المنظور العلمي فإننا نقصد إحداث خلل وتلف في نوعية المياه ونظامها الإيكولوجي بحيث تصبح المياه غير صالحة لاستخداماتها الأساسية وغير قادرة على احتواء الجسيمات والكائنات الدقيقة والفضلات المختلفة في نظامها الإيكولوجي. وبالتالي يبدأ اتزان هذا النظام بالاختلال حتى يصل إلى الحد الإيكولوجي الحرج والذي تبدأ معه الآثار الضارة بالظهور على البيئة. ولقد أصبح التلوث البحري ظاهرة أو مشكلة كثيرة الحدوث في العالم نتيجة للنشاط البشري المتزايد وحاجة التنمية الاقتصادية المتزايدة للمواد الخام الأساسية والتي تتم عادة نقلها عبر المحيط المائي كما أن معظم الصناعات القائمة في الوقت الحاضر تطل على سواحل بحار أو محيطات. ويعتبر النفط الملوث الأساسي على البيئة البحرية نتيجة لعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز الطبيعي في المناطق البحرية أو المحاذية لها، كما أن حوادث ناقلات النفط العملاقة قد تؤدي إلى تلوث الغلاف المائي بالإضافة إلى ما يسمى بمياه التوازن والتي تقوم ناقلات النفط بضخ مياه البحر في صهاريجها لكي تقوم هذه المياه بعملية توازن الناقلة حتى تأتي إلى مصدر شحن النفط فتقوم بتفريغ هذه المياه الملوثة في الحبر مما يؤدي إلى تلوثها بمواد هيدروكربونية أو كيميائية أو حتى مشعة ويكون لهذا النوع من التلوث آثار بيئية ضارة وقاتلة لمكونات النظام الإيكولوجي حيث أنها قد تقضي
على الكائنات النباتية والحيوانية وتؤثر بشكل واضح على السلسلة الغذائية كما أن هذه الملوثات خصوصا العضوية
منها تعمل على استهلاك جزء كبير من الأكسجين الذائب في الماء كما ان البقع الزيتية الطافية على سطح الماء تعيق دخول الأكسجين وأشعة الشمس والتي تعتبر ضرورية لعمليات التمثيل الضوئي.
2-3 التلوث الأرضي:
وهو التلوث الذي يصيب الغلاف الصخري والقشرة العلوية للكرة الأرضية والذي يعتبر الحلقة الأولى والأساسية من حلقات النظام الإيكولوجي وتعتبر أساس الحياة وسر ديمومتها ولا شك أن الزيادة السكانية الهائلة التي حدثت في السنوات القليلة الماضية أدت إلى ضغط شديد على العناصر البيئية في هذا الجزء من النظام الإيكولوجي واستنزفت عناصر بيئية كثيرة نتيجة لعدم مقدرة الإنسان على صيانتها وحمايتها من التدهور فسوء استخدام الأراضي الزراعية يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتها وتحويلها من عنصر منتج إلى عنصر غير منتج قدرته البيولوجية قد تصل إلى الصفر. ونجد أن سوء استغلال الإنسان للتكنولوجيا قد أدى إلى ظهور التلوث الأرضي حيث آن زيادة استخدام الأسمدة النيتروجينية لتعويض التربة عن فقدان خصوبتها والمبيدات الحشرية لحماية المنتجات الزراعية من الآفات أدت إلى تلوث التربة بالمواد الكيماوية وتدهور مقدرتها البيولوجية كما ان زيادة النشاط الصناعي والتعديني أدى إلى زيادة الملوثات والنفايات الصلبة سواء كانت كيميائية أو مشعة وتقوم بعض الحكومات بإلقاء هذه النفايات على الأرض أو دفنها في باطن الأرض وفي كلتا الحالتين يكون التأثير السلبي واضح وتؤثر على الإنسان والحيوان والنبات على المدى الطويل.
مصادر التلوث في الجزائر :
التلوث الحراري:
يحدث التلوث الحراري للماء نتيجة قذف مياه التبريد المستعملة في محطات الطاقة الكهربائية والمصانع وغيرها ,في المسطحات المائية مما ينجم عنها تغيير الخواص الطبيعية للماء وتأثر كافة نشاطات الكائنات الحية المائية ,وهذا ينعكس على الكائنات الحيوانية التي تعيش في الماء و بالتالي على الإنسان .
* التلوث بالنفط:
ظاهرة تلوثا لمياه بالنفط ظاهرة حديثة لم يعرفها الإنسان إلا في النصف الثاني من القرن الماضي, وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تلوث المياه بالنفط و أهمها :
- حوادث ناقلات البترول
- استثمار النفطي عرض البحر
- النفايات والمخلفات النفطية التي تلقيها ناقلات النفط
- مصافي النفط
و يظهر تأثيرا لنفط على تلوث الماء من خلال تشكيل طبقة عازلة تعيق التبادل الغازي بين الهواء والماء ,مما يجعل عملية التشبع بالأوكسجين عملية صعبة تؤثر على حياة الكائنات الحية الحيوانية و النباتية
* التلوث بالمخلفات الصناعية :
يعتبر تلوثا لماء بالمواد المختلفة الناتجة عن الصناعات المتعددة واحداً من أهم المشكلات المقلقة التي تواجه الإنسان ,وتأتي هذه الخطورة من خلال
- كثرة مثل هذه المواد الضارة
- عدد كبير من هذه المواد قابلة للتراكم في أجسام الكائنات الحية
- هذه الملوثات وخاصة القابلة للذوبان أو المعلقة في الماء تؤثر بصورة ضارة على نمو وتكاثر معظم الكائنات المائية النباتية و الحيوانية
* التلوث بالمبيدات :
رغم الخطورة الشديدة لاستعمال المبيدات الحشرية على الأشجار و الخضار وخاصة الجهازي منها على الإنسان ,فإنها أيضاً بدأت تصل إلى المياه عن طريق ري التربة الزراعية المحتوية على بقايا المبيدات التي تتسرب في مياه الري وتصل إلى المسطحات المائية
* التلوث بمياه الصرف الصحي :
يصحب إلقاء مياه الصرف الصحي في المسطحات المائية زيادة الملوثات في تلك المسطحات ومن ثم تلوث التربة و المياه الجوفية إلى جانب التأثير السلبي على الكائنات الحية وحدوث مشاكل مرضية لذا يفضل أن لأ تزيد نسبة مياه الصرف الصحي التي تلقى في الأنهار عن جزء واحد من مياه الصرف الصحي لكل (70) جزءاً من مياه النهر, ويمكن خفض هذه النسبة إلى واحد لكل (40) إذا تمت معالجة مياه الصرف الصحي
* التلوث بالمخصبات الزراعية :
عند استخدام الأسمدة الزراعية بطريقة عشوائية فإن قسماً من هذه الأسمدة يبقى في التربة وعند ري التربة المحتوية على الأسمدة الزائدة ,فإن هذا القسم يذوب في الماء و يصل في نهاية الأمر إلى المياه الجوفية و يلوثها .
* التلوث بمركبات الفسفور:
تعتبر مركبات الفسفور من المركبات الهامة التي تلوث مياه المجاري المائية ,وهي مركبات ثابتة من الناحية الكيميائية وتبقى آثارها في التربة زمناً طويلاً لايمكن التخلص منها بسهولة ,وتتصف بأثرها السام لكل من الإنسان و الحيوان كما تسبب زيادة نسبة مركبات الفوسفورفي مياه البحيرات ,بحدوث نمو زائد بالطحالب و النباتات المائية الأخرى,كما هو الحال في بحيرة قطينة نتيجة تأثرها بملوثات معامل الأسمدة ,وكذلك في عين التنور لإحاطاتها بالأراضي الزراعية التي يكثر فيها استعمال الأسمدة.
*التلوث بمركبات النترات:
يمثل وجود مركبات النترات في ماء الشرب أو في طعام الإنسان خطورة على الصحة العامة ,ويأتي التلوث بها إما من الإسراف في استخدام الأسمدة المحتوية على النتروجين أو من وجودها بنسبة عالية في بعض النباتات التي تستعمل في طعام الإنسان.
4- الإجراءات الضرورية لوقاية الماء من التلوث
وتهدف هذه الإجراءات إلى الإبقاء على الماء في حالة كيميائية وطبيعية وبيولوجية بحيث لا تسبب ضررا للإنسان و الحيوان و النبات و أهمها:
- بناء المنشآت اللازمة لمعالجة المياه الصناعية الملوثة ومياه الصرف الصحي قبل صرفها إلى المسطحات المائية
- مراقبة المسطحات المائية المغلقة أو شبه المغلقة كالبحيرات
- حماية فوهات الينابيع من خطر التلوث من خلال بناء حجرة إسمنتية فوق مخرج الماء
- وضع المواصفات الخاصة التي يجب توفرها في المياه تبعاً للغاية المستخدمة من أجلها, أي لا بد من توفر مواصفات خاصة لمياه الشرب و أخرى للمياه المستخدمة في السباحة و الزراعة
- الاهتمام الشديد بمياه الأنهار و شبكات الري و الصرف و البحيرات و المياه الساحلية ورصد كافة الإمكانيات لحمايتها من التلوث الكيميائي و خاصة المواد الكيميائية و السامة التي تتراكم في أنسجة الكائنات الحية
- تدعيم و توسيع عمل مخابر التحاليل الكيميائية و الحيوية الخاصة بمراقبة تلوث الماء و القيام بتحاليل دورية للمياه للوقوف على نوعيتها...