منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عصام01

عصام01

عضو نشيط
رقم العضوية :
1776
البلد/ المدينة :
تلمسان
العَمَــــــــــلْ :
تقني سامي اعلام آلي
المُسَــاهَمَـاتْ :
398
نقاط التميز :
519
التَـــسْجِيلْ :
24/09/2010
سلام الله عليكم

من فضلك عاهد نفسك على قراءة الموضوع أكثر من مرة

و عاهد نفسك على ترك نصيحة و ليس ردا

اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ




كرر( لاحول ولا قوةإلا بالله ) فإنها تشرح البال , وتصلح الحال,وتحمل بها الأثقال , وترضي ذا الجلال



أكثر من الإستغفار , فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع والتيسير وحط الخطايا









يالله قم صل ترى هاللي مشغلك مهوب نافعك !! ..

تلك الجملة التي اسمعها دائماً من أبي وهو ينسف شماغه على رأسه خارجاً إلى المسجد

فأجيبه مراراً بجملة: طيب طيب بقوم إن شاء الله !! ..

و ما هي الا ثواني ( محسوبة ) حتى تداهمني أمي بجلالها المنقط

وهي تصرخ:

قم بيخلصون من الصلاة وانت جالس عند هالمخزي

الله لا يعيد اللي اخترعه !! ..

فأجيبها وأنا أتظاهر بالنهوض من أمام الكمبيوتر قائلاً:

يالله خلاص هذاني قمت !! ..

فما أن يزول الخطر و تخرج أمي حتى أرجع إلى ما كنت عليه !! ..

و لكن يبدو أني تسرعت بالإستهتار في دهاء الوالدة

حيث استدارت بإحترافية

ثم داهمتني

متجهة إلى فيش المودم و الجلال يتطاير وراها

حتى أمسكت بسلك المودم قائله:

بتقوم ولا أفصله !! ..

و من هنا يبدأ مشوار تسحيب الرجول إلى المسجد ..

يا إلهي ما أثقله من مشوار

خصوصاً إذا كان بيتك على دحديرة !!




وفي المسجد أخذت أكمل ركعاتي على عجالة
بعد أن فرغ المصلين من صلاة الجماعة
حتى بلغت التشهد الأخير
وقدمي تترقب التفاف رأسي يساراً
كي تقفز بي للخروج من المسجد ..
فما إن إنتهيت من صلاتي لأشق الحشد عند الباب
حتى استوقفني وقوف أحد الدعاة
وهو يقرب اللاقط أو الميكرفون من فمه قائلاً:
استميحكم عذراً بخمس ثواني فقط
بل أقل إن تيسر ذلك !! ..
فحدثتني نفسي ساخرة:
أوما أقل من خمس ثواني ..
شكله بينفخ في المكرفون يجربه شغال ولا لا
هههههه !!

وقفت مترقباً حديث الداعية حيث اعتلت السكينة ملامحه
وهو يهمس بصوت روحاني قائلاً:
إستغل وجودك في الحياة !! ..
بعدها أنزل الميكرفون
واستدار نحو القبلة كي يصلي النافلة
بينما أنا لا زلت واقفاً أتأمل التصرف الغريب لهذا الداعية
الذي اكتفى بمقولة مستهلكة
لا تحوي في طياتها دليلاً واحداً
أو حتى موقفاً وعظياً يؤثر بالنفوس !! ..
هل يعقل أنه لا يجيد فن الخطابة ؟؟
أم انه لا يملك من العلم الشرعي ما يدعم خطابه الديني ؟؟

قطع تساؤلي دعاء متسول يجلس بجانب الباب
فوقعت عيني على أحد المتصدقين وهو يدخل يده في جيبه
ويخرج منها ما تيسر من المال ..
قد يكون مشهد روتيني رأيته مرات عديدة
ولكن هذه المره استحكم ذهني هاجس التفكر في ذلك المتصدق
كيف يستغل سريان كل قطرة دم في عروق يده ببسطها للإنفاق
وهو يستحضر قول ابن القيم حيث قال رحمه الله:
( إعلم أن حاجتك إلى أجر الصدقة أشد من حاجة من تتصدق عليه إلى الصدقة ) ..
فالأمر ليس مجرد مساعدته لمسكين
وإنما إستغلال لسلطته على يده و طوعها لأوامره بعمل الخير
قبل أن تنقلب ضده وتصبح شاهداً عليه يوم القيامة !!

هام بي الهاجس في رحاب المسجد
لأرمق رجلاً وهو يستغل لسانه بالذكر والإستغفار مستشعراً حكمة الله سبحانه وتعالى
في جعل اللسان أيسر الجوارح حركة
وهو العضو الوحيد الذي لا يكل ولا يمل مهما استفاض به مجهود الكلام
وذلك لتطبيق قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ) ..
وقوله عزوجل: ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) ..
كما أن الله سبحانه مدح أولي الألباب بقوله:
( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ) !! ..
إذن لا يزال ذلك العابد يستغل حيوية لسانه بذكر الله
وهو يعلم حق المعرفة بأن اللسان ترجمان القلب
وحصاد للجنة أو النار
كما أن سائر الجوارح تستقيم بإستقامته
بل إن النبي صلى الله عليه و سلم وعد بضمان الجنة
لمن يضمن لسانه و فرجه كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ..
فإن لم يستغل الإنسان لسانه في الدنيا ليفوز بضمانة النبي صلى الله عليه وسلم ..
فمتى سيستغله ؟؟ ..
سؤال وجدت إجابته في إحدى زوايا المسجد
وهي تحتضن رجلاً
يقرأ القرآن الكريم بسكينة ووقار ..
فمثل هؤلاء هم من يسعون جاهدين لاستغلال ألسنتهم فوق الأرض
قبل أن تتحلل تحت الأرض وتشهد عليهم يوم العرض ..
إذن جوارحنا في واقع الأمر ليست لنا بل علينا !!

عجباً لأمري كيف أتأمل مشاهد رأيتها مراراً
وكأني لم أرها من قبل ..
بل إن إمام المسجد كان يراقبني بريبة
ولسان حاله يقول: أين لجنة التعريف بالإسلام عنه ؟؟ ..
حاولت التراجع
ولكن هاجس التفكر اقتحم ذهني من جديد
والندم يضع أحماله على قلبي برؤية ذلك المصلي
الذي يطيل في ركوعه وسجوده
وشفتاه تتأنى بالتمتمة متلذذاًَ بقراءة القرآن والتسبيح والدعاء ..
كان يصلي الصلاة ليرتاح بها
لا ليرتاح منها كما كنت افعل في تثاقلي للقدوم إليها وتعجلي في أداءها !!

ربما رأيت تلك المشاهد الروحانية مراراً كما أسلفت
ولكني اليوم ولأول مره أراها بقلبي لا بعيني ..
فما أراه الآن هو المعنى الحقيقي للاستغلال ..
استغلال الدنيا من أجل الآخرة ..
استغلال العمر والجوارح والمال من أجل التقرب إلى الله
وإبتغاء رحمته التي وسعت كل شي ..
استغلال لا يدركه إلا العاقل
كما قال الشافعي رحمه الله:
( أعقل الناس من ترك الدنيا قبل أن تتركه ..
وأنار قبره قبل أن يسكنه ..
وأرضى ربه قبل أن يلقاه ..
فاليوم عمل بلا حساب
وغداً حساب بلا عمل )

صحيح أن ذلك الداعية نطق بجملة واحدة فقط
ولكنه أراد بهذه الجملة أن يصيغ في جوف كل فرد منا خطابا دينيا طويلا
يعكس حالنا مع عبادة الله ..
فهناك من زادته تلك المقولة سعياً بزيادة الاجتهاد على الأعمال الصالحة
حتى اطمأن باستعداده لبغتة الموت ..
وهناك من أطرق أذنه وعقد حاجبيه كنايه عن التأثر
ولكن سرعان ما ارتد إلى حاله البائس
حتى إذا جاءه الموت انطبقت عليه الآية الكريمة:
( قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ
كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا
وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ..
فأي الفريقين أنا وأنت ؟ ..
سؤال لا يجيبه اللسان و إنما العمل ..
بل إن وقود العمل هو الخشية من ( ما بعد ) الموت
...
هذا ما أصاغته نفسي من مقولة :
( استغل وجودك في الحياة ) ..
فماذا عن صياغتك لهذه المقولة ؟ ..
هل سيجعل الله كتابك في عليين بتجاوبك (العملي) مع هذه المقولة ..
أم هل ستبقى على حالك
تثقل بكفة السيئات على ميزانك فقط
لأن هذه المقولة كانت ( مجرد ) جملة قرأتها ذات يوم
بتصفح سريع دون التعمق في معناها ؟؟

فكر بمصيرك الذي ستخلد فيه
لا بواقعك الذي ستفنى منه عاجلاً أم آجلاً ..
لك الخيار !!



أخوكم عصام
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى