RITAJ
عضو متميز
- رقم العضوية :
- 12689
- البلد/ المدينة :
- biskra
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2950
- نقاط التميز :
- 3208
- التَـــسْجِيلْ :
- 21/02/2011
الوظيفة .. أم الأعمال الحرة ؟
بالرغم من قلة الفرص الوظيفية وندرتها؛ إلا أن كثيراً من طلابنا وذويهم مازالوا ينظرون إلى أن سبيل الرزق هو الوظيفة - والوظيفة فحسب - فأغلقوا على أنفسهم وعلى أبنائهم باباً مهماً من أبواب الرزق، ومصدراً من أهم مصادر الدخل، ونسوا أن المضاربة في الأسواق والمتاجرة في الأرزاق أنفع وأكسب، فالمجالات فيها متاحة، والفرص متوفرة، والأعمال مُهيأة، والمال ينمو ويتجدد ويزكو ببركة السعي والحركة، وكما روي فإن " تسعة أعشار الرزق في التجارة "[ذكره الماوردي في أدب الدين والدنيا ص 211. وابن مفلح في الآداب الشرعية 3/178 .وانظر إصلاح المال رقم 213]
ولم لا يكون الأمر كذلك فالبيع والشراء يُنمي في الإنسان حقيقة التوكل والاستعانة بالله تعالى، حيث إن صاحبه يبذل السبب ثم يلتجئ إلى الله بطلب التوفيق والسداد، بعكس الموظف الذي اعتاد في نهاية كل شهر على استلام راتبه كاملاً، ولهذا حينما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي الكسب أطيب؟ قال "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور"[أخرجه أحمد في المسند ، برقم 16628]
وقال صلى الله عليه وسلم "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"[أخرجه البخاري ، برقم 2072]
وقال صلى الله عليه وسلم "ما بعث الله نبياً إلا راعِيَ غنم"[أخرجه ابن ماجة برقم 2149 ، وصححه الألباني، انظر صحيح سنن ابن ماجة، للألباني 2 / 6 ]
وهكذا كان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصحابة ومن بعدهم من التابعين الكرام كانوا يشتغلون بالتجارة والمهن المختلفة التي لم تنقص من قدرهم، ولم تُقلل من مكانتـهم فقد كان آدم عليه السلام ( حرَاثاً )، ونوح وزكريا ( نجارين )، وإدريس ( خياطاً )، وإبراهيم ولوط ( زرّاعين )، وصالح ( تاجراً )، وموسى وشعيب ( رعاة )، وداود ( حداداً ) يصنع الدروع، ونبينا محمد صلوات الله عليه وعلى إخوانه الأنبياء كان ( راعياً ) يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط، فلما أغناه الله بما فرض له من الفيء لم يحتج إلى التكسب.
وكان أبو بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة رضوان الله عليهم ( بزازين )، وكذلك كان محمد بن سيرين وميمون بن مهران .
وكان الزبير بن العوام وعمرو بن العاص ( خزازين )، وكذلك كان أبو حنيفة .
وكان سعد بن أبي وقاص ( يبري النبل ) ، وكان عثمان بن طلحة ( خياطاً ) [انظر تلبس إبليس ، ابن الجوزي ص 318]
هذه المهن وغيرها ما زالت قائمة ومتوفرة ومُهيأة ، وبالرغم من كثرة المجالات الواسعة في هذا الباب، إلا أن كثيراً من طلابنا مازال معرضاً عنها؛ مؤثراً الراحة والخمول، ويشكو في الوقت نفسه من ندرة الفرص وعدم توفرها ؟! فتركوا هذه المجالات لغيرهم من الوافدين - على اختلاف دياناتهم - يجنون منه الذهب ، ويبنون به المجد لأنفسهم ولأوطانهم!!.
والعمل الحر ليس شرطاً أن تكون بداياته رأس مال كبير، بل يكفي ما تيسر لبدء مشروع صغير - أياً كان نوعه - وسيكبر وينمو ويبارك الله فيه مع الوقت بإذنه تعالى، فالمهم ألا يصبح الإنسان عالة على نفسه وأسرته ومجتمعه.
ومضة:
أخرج ابن الجوزي رحمه الله، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه "إذا رأى غلاماً فأعجبه سأل عنه: هل له حرفة ؟ فإن قيل لا، قال: سقط من عيني"[ تلبيس إبليس ، ص 321]