نجم الإسلام
طاقم الإشراف العام
- رقم العضوية :
- 192
- العَمَــــــــــلْ :
- التربية و التعليم
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 5608
- نقاط التميز :
- 8397
- التَـــسْجِيلْ :
- 06/06/2009
بديع الزمان الهمذاني - المقامة الكوفية
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كُنْتُ وَأَنَا فَتِىُّ السِّنِّ أَشُدُّ رَحْلِي لِكُلِّ عَمَايَةٍ، وَأَرْكُضُ طِرْفَي إِلَى كلِّ غِوَايَةٍ،
حَتَّى شَرِبْتُ مِنَ العُمْرِ سَائِغَهُ، وَلَبِسْتُ مِنَ الدَّهْرِ سابِغَهُ، فَلَمَّا انْصَاحَ النَّهَارُ بِجَانِبِ لَيْلَى،
وَجَمَعْتُ للمَعَادِ ذَيْلي، وَطِئتُ ظَهْرَ المَرُوضةِ، لأداءِ المَفْرُوضَةِ، وَصَحِبَني فِي الطَّريقِ رَفيقٌ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ سُوءٍ،
فَلَمَّا تجَالَيْنا، وَخَبَّرْنا بحالَيْنا، سَفَرَتِ القِصَّةُ عَنْ أصْلٍ كُوفيّ، وَمَذْهَبٍ صُوفِيّ،
وَسِرْنا فَلَمَّا أَحَلَّتْنا الكُوفَةُ مِلْنا إِلى دَارِهِ، وَدَخلْنَاهَا وَقَدْ بَقَلَ وَجْهُ النَّهَارِ وَاخْضَرَّ جَانِبُهُ وَلَّما اغْتَمَضَ جَفْنُ اللَّيْلِْ
وَطَرَّ شَارِبُهُ، قُرِعَ عَلَيْنا البابُ، فَقُلْنا: مَنِ القارِعُ المُنْتابُ؟
فقالَ: وَفْدُ اللَّيْلِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرُّ قَادَهُ الضُّرُّ، والزَّمَنُ المُرُّ، وَضَيْفٌ
وَطْؤُهَ خَفيفٌ، وَضَالَّتُهُ رَغيفٌ، وَجَارٌ يَسْتَعْدِى عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ المَرْقُوعِ،
وَغَرِيبٌ أَوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَ العَوَّاءُ عَلَى أَثَرِهِ، وَنُبِذَتْ خَلْفَهُ الحُصَيَّاتُ، وَكُنِسَتْ بَعْدَهُ العَرَصاتُ،
فَنِضْوُهُ طَليحٌ ، وَعَيْشُهُ تَبْريحٌ، وَمِنَ دُونِ فَرْخَيْهِ مَهَامِهُ فِيحٌ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَقَبَضْتُ مِنْ كِيسي قَبْضَةَ اللَّيْثِ،
وَبَعَثْتُها إِلَيهِ وَقُلْتُ: زِدْنا سُؤَالاً، نَزِدْكَ نَوَالاً،
فَقَالَ: ما عُرِضَ عَرْفُ العُودِ، عَلى أَحَرَّ مِنْ نَارِ الجُودِ، وَلا لُقِيَ وَفْدُ البِرِّ، بأَحْسَنَ مِنْ بَريدِ الشُّكْرِ،
وَمَنْ مَلَكَ الفَضْلَ فَلْيُؤَاسِ، فَلَنْ يَذْهَبَ العُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ،
وَأَمَّا أَنْتَ فَحَقَّقَ اللهُ آمَالَكَ، وَجَعَلَ اليَدَ العُلْيا لَكَ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشامٍ: فَفَتَحْنا لَهُ البَابَ وَقُلْنا: ادْخُلْ، فَإِذا هُوَ وَاللهِ شَيْخُنا أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَريُّ،
فَقُلْتُ: يا أَبَا الفَتْح، شَدَّ مَا بَلَغتْ مِنْكَ الخصَاصَةُ. وَهذَا الزِّيِّ
خَاصَّةٌ، فَتَبَسَّمَ وَأَنْشأَ يَقولُ:
لاَ يَغُـرَّنَـكَ الـذِي *** أَنَا فيهِ مِنَ الطَّلَـبْ
أَنَا فِي ثَـرْوَةٍ تُـشَ *** قُّ لَهَا بُرْدَةُ الطَّرَبْ
أَنَا لَوْ شِئْتُ لاَتَّـخَـذْ *** تُ سُقُوفاً مِنَ الذَهَبْ
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كُنْتُ وَأَنَا فَتِىُّ السِّنِّ أَشُدُّ رَحْلِي لِكُلِّ عَمَايَةٍ، وَأَرْكُضُ طِرْفَي إِلَى كلِّ غِوَايَةٍ،
حَتَّى شَرِبْتُ مِنَ العُمْرِ سَائِغَهُ، وَلَبِسْتُ مِنَ الدَّهْرِ سابِغَهُ، فَلَمَّا انْصَاحَ النَّهَارُ بِجَانِبِ لَيْلَى،
وَجَمَعْتُ للمَعَادِ ذَيْلي، وَطِئتُ ظَهْرَ المَرُوضةِ، لأداءِ المَفْرُوضَةِ، وَصَحِبَني فِي الطَّريقِ رَفيقٌ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ سُوءٍ،
فَلَمَّا تجَالَيْنا، وَخَبَّرْنا بحالَيْنا، سَفَرَتِ القِصَّةُ عَنْ أصْلٍ كُوفيّ، وَمَذْهَبٍ صُوفِيّ،
وَسِرْنا فَلَمَّا أَحَلَّتْنا الكُوفَةُ مِلْنا إِلى دَارِهِ، وَدَخلْنَاهَا وَقَدْ بَقَلَ وَجْهُ النَّهَارِ وَاخْضَرَّ جَانِبُهُ وَلَّما اغْتَمَضَ جَفْنُ اللَّيْلِْ
وَطَرَّ شَارِبُهُ، قُرِعَ عَلَيْنا البابُ، فَقُلْنا: مَنِ القارِعُ المُنْتابُ؟
فقالَ: وَفْدُ اللَّيْلِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرُّ قَادَهُ الضُّرُّ، والزَّمَنُ المُرُّ، وَضَيْفٌ
وَطْؤُهَ خَفيفٌ، وَضَالَّتُهُ رَغيفٌ، وَجَارٌ يَسْتَعْدِى عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ المَرْقُوعِ،
وَغَرِيبٌ أَوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَ العَوَّاءُ عَلَى أَثَرِهِ، وَنُبِذَتْ خَلْفَهُ الحُصَيَّاتُ، وَكُنِسَتْ بَعْدَهُ العَرَصاتُ،
فَنِضْوُهُ طَليحٌ ، وَعَيْشُهُ تَبْريحٌ، وَمِنَ دُونِ فَرْخَيْهِ مَهَامِهُ فِيحٌ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَقَبَضْتُ مِنْ كِيسي قَبْضَةَ اللَّيْثِ،
وَبَعَثْتُها إِلَيهِ وَقُلْتُ: زِدْنا سُؤَالاً، نَزِدْكَ نَوَالاً،
فَقَالَ: ما عُرِضَ عَرْفُ العُودِ، عَلى أَحَرَّ مِنْ نَارِ الجُودِ، وَلا لُقِيَ وَفْدُ البِرِّ، بأَحْسَنَ مِنْ بَريدِ الشُّكْرِ،
وَمَنْ مَلَكَ الفَضْلَ فَلْيُؤَاسِ، فَلَنْ يَذْهَبَ العُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ،
وَأَمَّا أَنْتَ فَحَقَّقَ اللهُ آمَالَكَ، وَجَعَلَ اليَدَ العُلْيا لَكَ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشامٍ: فَفَتَحْنا لَهُ البَابَ وَقُلْنا: ادْخُلْ، فَإِذا هُوَ وَاللهِ شَيْخُنا أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَريُّ،
فَقُلْتُ: يا أَبَا الفَتْح، شَدَّ مَا بَلَغتْ مِنْكَ الخصَاصَةُ. وَهذَا الزِّيِّ
خَاصَّةٌ، فَتَبَسَّمَ وَأَنْشأَ يَقولُ:
لاَ يَغُـرَّنَـكَ الـذِي *** أَنَا فيهِ مِنَ الطَّلَـبْ
أَنَا فِي ثَـرْوَةٍ تُـشَ *** قُّ لَهَا بُرْدَةُ الطَّرَبْ
أَنَا لَوْ شِئْتُ لاَتَّـخَـذْ *** تُ سُقُوفاً مِنَ الذَهَبْ