نجم الإسلام
طاقم الإشراف العام
- رقم العضوية :
- 192
- العَمَــــــــــلْ :
- التربية و التعليم
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 5608
- نقاط التميز :
- 8397
- التَـــسْجِيلْ :
- 06/06/2009
بديع الزمان الهمذاني – من المقامة البغدادية
حَدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ:
اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ، وَلَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ،
فَخَرْجْتُ فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ،
فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ،
مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ،
فَقَالَ السَّوادِي: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ،
فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ،
أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ،
فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟
فَقَالَ: َقدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو الله أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ،
فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلاَ حَوْلَ ولاَ قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم،
وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ، إِلى الصِّدَارِ، أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ السوادِي عَلى خَصْرِي بِجِمُعْهِ،
وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لا مَزَّقْتَهُ،
فَقُلْتُ: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً،
وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، فطَمِعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ،
ثُمَّ أَتَيْنَا شَوَّاءً فَقُلْتُ: افْرِزْ لأَبِي زَيْدٍ مِنْ هَذا الشِّواءِ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ،
واخْتَرْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الأَطْباقِ، وانْضِدْ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ.
ثُمَّ جَلسَ وَجَلَسْتُ، ولا نبسَ وَلا نبِسْتُ، حَتىَّ اسْتَوْفَيْنَاهُ،
ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ،
لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ، وَيَفْثأَ هذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ،
اجْلِسْ يَا أَبَا َزيْدٍ حَتَّى نأْتِيكَ بِسَقَّاءٍ، يَأْتِيكَ بِشَرْبةِ ماءٍ،
ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولاَ يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ،
فَلَمَّا أَبْطَأتُ عَلَيْهِ قَامَ السوادِي إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ،
وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً،
فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ: هَاكَ، وَمَتَى دَعَوْنَاكَ؟ زِنْ يَا أَخَا القِحَةِ عِشْرِينَ،
فَجَعَلَ السوادِي يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ
وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهْوَ يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو زَيْدٍ.
حَدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ:
اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ، وَلَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ،
فَخَرْجْتُ فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ،
فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ،
مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ،
فَقَالَ السَّوادِي: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ،
فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ،
أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ،
فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟
فَقَالَ: َقدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو الله أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ،
فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلاَ حَوْلَ ولاَ قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم،
وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ، إِلى الصِّدَارِ، أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ السوادِي عَلى خَصْرِي بِجِمُعْهِ،
وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لا مَزَّقْتَهُ،
فَقُلْتُ: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً،
وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، فطَمِعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ،
ثُمَّ أَتَيْنَا شَوَّاءً فَقُلْتُ: افْرِزْ لأَبِي زَيْدٍ مِنْ هَذا الشِّواءِ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ،
واخْتَرْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الأَطْباقِ، وانْضِدْ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ.
ثُمَّ جَلسَ وَجَلَسْتُ، ولا نبسَ وَلا نبِسْتُ، حَتىَّ اسْتَوْفَيْنَاهُ،
ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ،
لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ، وَيَفْثأَ هذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ،
اجْلِسْ يَا أَبَا َزيْدٍ حَتَّى نأْتِيكَ بِسَقَّاءٍ، يَأْتِيكَ بِشَرْبةِ ماءٍ،
ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولاَ يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ،
فَلَمَّا أَبْطَأتُ عَلَيْهِ قَامَ السوادِي إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ،
وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً،
فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ: هَاكَ، وَمَتَى دَعَوْنَاكَ؟ زِنْ يَا أَخَا القِحَةِ عِشْرِينَ،
فَجَعَلَ السوادِي يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ
وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهْوَ يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو زَيْدٍ.