يعدّ التهاب الزائدة الدودية الحاد أحد أشهر مسبّبات آلام البطن الحادّة التي يتعرّض إليها الشباب خلال المرحلة الممتدّة بين 15 و30 عاماً.
ويحدث التهاب الزائدة الدودية الحاد، نتيجة لـ:
- انسداد بالفتحة التي تصل الزائدة الدودية بالمعي أو انسداد داخل الأنبوب غالباً عند الثلث الأوسط منه. ويؤكّد الأطباء أن الانسداد الحاد يحدث لأسباب عدّة، منها: تكوّن أجزاء من البراز الصلب وهو الأكثر شيوعاً بين البالغين ونشوء بعض الديدان والإصابة بتليّف أو نمو سرطاني أو مرور جسم غريب إلى داخلها عادة ما يكون بذور بعض الفاكهة!
- ضيق في تجويف الزائدة الدودية نتيجةً لتضخّم الأنسجة اللمفاوية الموجودة في الجدار، وهذا الأخير شائع بين الأطفال. وفي هذا الإطار، تشير الأبحاث الطبية الصادرة عن جامعة "أكسفورد" إلى أن النمو المفرط في الأنسجة اللمفاوية قد يحدث نتيجةً لرد فعل المناعة بسبب تعرّض الأطفال المتكرّر إلى عدوى بكتيرية أو فيروسية. ويؤدّي هذا الضيق أو الانسداد في تجويف الزائدة الدودية إلى تراكم الإفرازات المخاطية المتكوّنة، ما يعمل على زيادة نموّ البكتيريا وتكاثرها، وبالتالي حدوث الالتهاب، فتتحوّل الزائدة الدودية نتيجة لذلك إلى جيب منتفخ يملؤه القيح.
وتشمل أكثر أنواع البكتيريا المسبّبة للالتهاب: البكتيريا المعوية السالبة الجرام، كما يمكن أن تنتقل العدوى عبر الدم كعدوى المكورات العقدية. وتعتبر الزائدة الدودية معرّضة بشكل كبير لحدوث العدوى ونموّ البكتيريا نظراً إلى كونها ذات نهاية مغلقة وتجويف ضيّق، إلى جانب اتصالها بالمعي المحمّل بكم هائل من البكتيريا.
وتتمثّل أعراض التهاب الزائدة الدودية الحاد، في:
- وجود ألم حاد و مستمر في الربع السفلي الأيمن من البطن، غالباً ما يبدأ بعد 6 إلى 12 ساعة من الإصابة، ويزداد مع الحركة أو السعال. ويمكن تحديد مكانه على جسم المصاب عند نقطة اتصال ثلثي المسافة بين السرّة وعظمة الحوض بالثلث الأخير. كما تزداد شدّة الألم بمجرّد لمس موضع الالتهاب أو الضغط عليه. وقد يكون الألم محدّداً بدايةً حول السرّة أو في الجزء الكامن فوق المعدة، وقد يمتدّ ليصيب أجزاء البطن بالكامل.
- حدوث ارتفاع بسيط في درجة الحرارة بعد مرور الساعات الست الأولى، إذ قد تصل درجة حرارة الجسم إلى 38,5 وذلك عند حدوث المضاعفات الناتجة عن الالتهاب كانفجار الزائدة أو تعرّضها للثقب.
- فقدان للشهية والشعور بالغثيان.
- قيء وغثيان في حال امتلاء المعدة.
مضاعفات بالجملة...
وتبيّن دراسة صادرة عن جامعة "هارفارد" أن التشخيص المتأخّر لالتهاب الزائدة الدودية يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات للمصاب بعد 48 ساعة أو أكثر من الإصابة بنسبة تتراوح بين 37 و65% من الحالات، أبرزها:
- ثقب الزائدة الملتهبة بعد مرور من 12 إلى 24 ساعة، وذلك عند نقطة الانسداد أو عند طرف الزائدة الدودية. وتتمثّل أعراضه، في: زيادة حدّة الألم وارتفاع شديد في درجة الحرارة.
- التهاب الغشاء البريتوني أو غشاء البطن، علماً أنه يحدث كنتيجة ثانوية لثقب الزائدة الملتهبة وإفراغ محتوياتها إلى الخارج. وتشير دراسة إلى أنه قد يحدث بشكل محدّد في 98% من الحالات، مسبّباً أكياساً صديدية والتهابات بمكان ما حول الزائدة الدودية، وقد ينتشر في 2 % من الحالات ليصيب الغشاء بالكامل خصوصاً عند نقص المناعة. وفي تلك الحالة، تكون نتيجة القيح وقوع محتويات تجويف الزائدة الملتهبة تحت ضغط عالٍ، إذ يتم إفراغها إلى الخارج بشكل سريع ما يؤدّي إلى انتشار الالتهاب بأماكن مختلفة من البطن.
- انتشار العدوى إلى الأعضاء المحيطة بالبطن كالطحال والمثانة البولية والمبيضين وقناتي فالوب لدى الإناث.
- حدوث تليّفات أو التصاقات بالبطن، قد ينتج انسداد معوي عنها.
- تحوّل الإصابة إلى التهاب مزمن يتمظهر في شكل نوبات متكرّرة أقل حدّة.
وفي هذا الخصوص، ينصح الأطباء بعدم تناول أي من المليّنات أو المسهّلات في حال الاشتباه بأعراض التهاب الزائدة الدودية، إذ قد يؤدّي هذا التدبير إلى انفجارها!
عوامل التشخيص
ويعتمد تشخيص الالتهاب الحاد للزائدة الدودية على العوامل الآتية:
- درجة شكوى المريض وتاريخه المرضي.
- نتيجة الفحص الإكلينيكي.
- تحليل دم لملاحظة أي ارتفاع في نسبة كريات الدم البيضاء، ما يدلّ على وجود أعراض التهاب.
- استخدام الموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية.
- إجراء تحليل بول نظراً إلى احتمالية إصابة الحالب أو المثانة بالعدوى المجاورة.
ويؤكّد الأطباء على ضرورة تجنّب استخدام المسكّنات ومخفّضات الحرارة لأنها تخفّف من الألم وتصعّب على الطبيب عملية التشخيص.
التوصيات العلاجية
من الضروري اللجوء إلى التدخّل الجراحي في الوقت المناسب عن طريق إجراء عملية استئصال للزائدة الملتهبة، إذ إن أي تأخّر يقود نحو مضاعفات خطرة قد تؤدّي بالمصاب إلى الوفاة! وتجرى الجراحة بشكل طارئ، خصوصاً لدى الأطفال أو المسنين أو أثناء الحمل أو لدى تناول المصاب عقاقير مليّنة أو مسكّنة.
ويراعى اتّباع بعض النصائح عقب إجراء الجراحة، أهمها: الإلتزام بالراحة وتجنّب رفع الأحمال الزائدة وتفادي القيام بحركات مفاجئة وعنيفة والتدرّج في العودة إلى مزاولة النشاط الطبيعي والحفاظ على مكان الجرح ومتابعته واستشارة الطبيب في حال الشعور بارتفاع في درجة الحرارة أو ألم زائد أو احمرار أو سخونة في منطقة الجرح.
ويمكن أن تجرى الجراحة باستخدام المنظار، فتترك ندبات أقل، ما يمكّن المريض من التعافي بصورة أسرع!