خولة الجزائر
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- متخرجة وعاطلة عن العمل
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 108
- نقاط التميز :
- 184
- التَـــسْجِيلْ :
- 30/09/2010
غرقت نظراته الخبيرة في عيني .. وبعد طول تأمل قال لي :ـ أريد منك إجراء تحليل لدموعك .. كانت أول مرة اسمع فيها عن تحليل الدموع ..في الطريق نحو المختبر كنت خائف . . ماذا سيكشف لهم تحليل دموعي ؟ بل وكيف سيحصلون على الدمع مني ؟ ولكن لم لا ؟ أنها فرصة رائعة للبكاء بعد طول احتباس لمطر القلب سأنتهز الفرصة وسأبكي طويلا . . .وحتى حينما يأتي الممرض ويقول لي أن الأنبوب الذي ملأته بالدمع طاف, فلن أرد عليه وسأملأ له إبريقا من الدمع . . . و جاؤوا بقطعة قطن وحكوا بها جفني فانهمر الدمع . نقطة واحدة كانت تكفيهم , ولكنها لم تكن تكفيني ! وحين غادرت المختبر فرحت لأنها كانت ولم يكن في وسعي أن أوقف مطر الدمع في حنجرتي المالحة كمغارة محشوة بالشوك . . قال لي الرجل :ـ تعال بعد أيام من أجل نتيجة التحليل وعشت أياما شبه قلق . . . ياترى هل سيقرؤون في دموعي تاريخي كله !؟ تاريخ أحزاني كلها ؟. . . هل سيقرؤون أيضا أسماء . . و تواريخ .؟ هل ستتراءى للمحلل وجوه و وجوه ، وجوه أمسكت بها و وجوه راحت مني في زحام ذلك الزمن الهارب !؟ هل سيقرأ في دموعي حكايتي ؟ وهل سيرتجف جسده ضحكا مني ،من غباء أسميته ( حباً ) . . وانهيارات أسميتها تجارب ؟! ترى هل ينبت الذين نحبهم داخل دموعنا ، وهل يسبحون في بحرها المالح كما الأسماك تسبح ؟ ترى هل تسجل دموعنا زلازل أعماقنا وفواجعنا بحيث تبقى دوائرها مرتسمة ، هادئة حينا وصاخبة حينا و هل . . و هل .؟ في اليوم الموعود ذهبت لإحضار نتيجة التحليل . تخيلت انه سيدفع إلي بعدة مجلدات فيها حكايات عمري التي لا يعرفها احد غير دمعي ! و فوجئت بصفحة بيضاء وعبارة واحد تتوسطها : [ الدمع خالي من كل شيء ! ] . . لم تذكر الورقة أي شيء غير حساس لأحد المركبات الكيميائية. أما بقية " حساسيات عمري " فلم تلحظها . ما أشد قصور العلم أمام قطرة دمع أنساني واحدة هي بحر من الأسرار! لا ،لم تذكر أية أسماء ..أية حكايا..أي توق ..أي جنون..لم تذكر أية تواريخ .. تحياتي |