الامر ليس بالتاييد .فقد اتفق العلماء على منع المرأة من الخروج للعمل عند عدم التزامها بالضوابط الشرعية . كما اتفق العلماء والفقهاء على جواز خروج المرأة عند الضرورة , ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من الخروج للعمل إن لم ينفق عليها إن التزمت الضوابط الشرعية .
وقد اختلف أهل العلم في حكم المرأة التي تلتزم الضوابط الشرعية ولا ضرر لخروجها للعمل .فهل يجوز لها ذلك ؟
الذي يترجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز لها أن تخرج للعمل في مثل هذه الحالة , هذا هو الذي ذهب إليه الحنفية [ ابن عابدين – رد المختار 5/427 , الكاساني – بدائع الصنائع 6/20 ] , والمالكية [ الدسوقي – حاشية الدسوقي 3/8 , الآبي – جواهر الإكليل 1/410 ] , والشافعية [ الشربيني – مغني المحتاج 2/392 , الشيرازي – المهذب 2/290 ] , والحنابلة [ ابن مفلح – الفروع 4/384 , البهوتي – كشاف القناع 3/455 ] .
لكن لا بد من الشروط الواجب توافرها في المرأة حتى نقول بجواز خروجها للعمل :
الشرط الأول :
هو الحجاب , لقوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } . [ الأحزاب : 59 ] . وقال تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } . [ النور : 31 ] . وعليه فإذا اضطرت المرأة عند عملها في البيت إلى كشف ذراعها أو شعرها ... يكون حراماً .
الشرط الثاني :
الإذن من الزوج إن كانت متزوجة , ومن الوالد إن لم تكن متزوجة , ودليل ذلك ما أخرجه البزار وصححه ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد (4/163) : أن امرأة من خثعم أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله : ما حق الزوج على زوجته ؟ قال : ( حقه عليها ألا تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع ) .
الشرط الثالث :
عدم الاختلاط بالرجال أو الخلوة بهم ؛ ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب النكاح – باب لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم (5/2005 رقم 4925) قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) . ودليل ذلك أيضاً ما رواه أحمد في مسنده (5/326) : ( لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم ) . وبناءً على هذا الشرط فإن المرأة التي تشتغل في بيوت عرب أو يهود ويكون في هذه البيوت من الخلوة فإن هذا العمل يكون حراماً البتة .
الشرط الرابع :
أن لا يكون عملها معصية أو مزرياً بزوجها أو أهله . فلا يحل للمرأة أن تعمل عمل معصية , فإن كان عملها معصية حرم اتفاقاً , فإنه لا يجوز أيضاً ويعتبر حراماً عليها , والأمر في ذلك متروك للعرف , خاصة إذا كانت تعمل في بيوت عائدة لعائلات يهود فيتأذى الزوج أو الوالد { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً } . [ النساء : 141 ] .
الشرط الخامس :
أن لا ينافي عمل المرأة تكوينها الجنسي لأن في هذا تغييراً لسنن الله تعالى , وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ) .
الشرط السادس :
أن توفق المرأة بين عملها وبين أداء واجبها كزوجة . أخرج ابن حبان في صحيحه – كتاب السير – باب الخلافة والإمارة (10/344 رقم 4492) قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيّع , حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) .
الشرط السابع :
أن لا يكون العمل بعيداً مسافة القصر وهي 81 كم .الخلاصة : إن عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية جائز لكن ينبغي التنبيه هنا أن عمل المرأة بغير اللباس الشرعي حرام , كذلك يحرم العمل إذا كانت فيه خلوة , ولا أظن أن العمل في البيوت يعري ( يخلو ) عن الخلوة . وكذلك إذا ادعى أحد من أولياء المرأة أن هذا العمل يعيبه أصبح عملها حراماً . أما عن المقاول فعمله متعلق بعمل المرأة , فكل امرأة عملها حلال جاز له تشغيلها وكل امرأة عملها حرام يحرم عليه تشغيلها لقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }
والله اعلم