ام اسلام
عضو متميز
- رقم العضوية :
- 27069
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- ماكثة في البيت
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2171
- نقاط التميز :
- 3324
- التَـــسْجِيلْ :
- 04/11/2011
(إن مع العسر يسرا)
يا
أيّها الإنسان.. بعد الجوع شبع، وبعد الظمإ ريّ، وبعد السهر نوم،
وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضالّ، ويفكّ العاني،
وينقشع الظلام (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو بأمر من عنده).
بشّر الليل بصبح صادق سوف يطارده على رؤوس الجبال ومسارب الأودية،
بشّر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر، بشّر المنكوب
بلطف خفيّ وكفّ حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد، فاعلم أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال.
إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمن، ومع الفزع سكينة.
فلا تضق ذرعاً، فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج،
الأيام دول، والدهر قُلّب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل
يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإن مع العسر يسراً، إن
مع العسر يسراً.
د / عائض بن عبد الله القرني
كرب ومطر وجوع
عن
أبي قلابة المحدث، قال: ضقت ضيقة شديدة، فأصبحت ذات يوم، والمطر يجيء
كأفواه القرب، والصبيان يتضوَّرون جوعاً، وما معي حبة واحدة فما
فوقها، فبقيت متحيَّراً في أمري. فخرجت، وجلست في دهليزي، وفتحت بابي،
وجعلت أفكر في أمري، ونفسي تكاد تخرج غماً لما ألاقيه، وليس يسلك
الطريق أحد من شدة المطر.
فإذا بامرأة نبيلة، على حمار فاره، وخادم أسود آخذ بلجام الحمار، يخوض
في الوحل، فلما صار بإزاء داري، سلم، وقال: أين منزل أبي قلابة؟ فقلت
له: هذا منزله، وأنا هو.
فسألتني عن مسألة، فأفتيتها فيها، فصادف ذلك ما أحبّت، فأخرجت من
خفّها خريطة، فدفعت إليّ منها ثلاثين ديناراً. ثم قالت: يا أبا قلابة،
سبحان خالقك، فقد تنوق في قبح وجهك، وانصرفت.
بعد فساد الزرع
قال
بعض العلماء: رأيت امرأة بالبادية، وقد جاء البَرَدُ فذهب بزرعها،
فجاء الناس يعزّونها فرفعت رأسها إلى السماء، وقالت: اللهم أنت المأمول لأَحسنِ الخلف وبيدك التعويض مما تلف، فافعل بنا ما أنت أهله، فإنّ أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة إليك،
قال: فلم أبرح حتى مرّ رجل من الأَجِلاء، فحدّث بما كان؛ فوهب لها
خمسمائة دينار، فأجاب الله دعوتها وفرَّج في الحين كربتها.
استحكمت حلقاتها
أضجع
أحد الجزارين كبشا ليذبحه بالقيروان، فتخبط بين يديه وأفلت منه وذهب،
فقام الجزار يطلبه وجعل يمشي إلى أن دخل إلى خربة، فإذا فيها رجل
مذبوح يتشحط في دمه ففزع وخرج هاربا. وإذا صاحب الشرطة والرجالة عندهم
خبر القتيل، وجعلوا يطلبون خبر القاتل والمقتول، فأصابوا الجزار
وبيده السكين وهو ملوَّث بالدم والرجل مقتول في الخربة، فقبضوه وحملوه
إلى السلطان فقال له السلطان: أنت قتلت الرجل؟ قال: نعم! فما زالوا
يستنطقونه وهو يعترف اعترافا لا إشكال فيه، فأمر به السلطان ليُقتل فأُخرج
للقتل، واجتمعت الأمم ليبصروا قتله، فلما هموا بقتله اندفع رجل من
حلقة المجتمعين وقال: يا قوم لا تقتلوه فأنا قاتل القتيل! فقُبض وحُمل
إلى السلطان فاعترف وقال: أنا قتلته! فقال السلطان قد كنت معافى من
هذا فما حملك على الاعتراف؟ فقال: رأيت هذا الرجل يُقتل ظلما فكرهت أن
ألقى الله بدم رجلين، فأمر به السلطان فقُتل ثم قال للرجل الأول: يا
أيها الرجل ما دعاك إلى الاعتراف بالقتل وأنت بريء؟ فقال الرجل: فما
حيلتي رجل مقتول في الخربة وأخذوني وأنا خارج من الخربة وبيدي سكين
ملطخة بالدم، فإن أنكرت فمن يقبلني وإن اعتذرت فمن يعذرني؟ فخلَّى
سبيله وانصرف مكرَّما.
أبشر ولا تحزن
في الحديث عن الترمذي: (أفضل العبادة انتظار الفرج) وكما قال سبحانه: (أليس الصبح بقريب)!..
صبح المهمومين والمغمومين لاح، فانظر إلى الصباح وارتقب الفتح من
الفتّاح، تقول العرب: (إذا اشتد الحبل انقطع) والمعنى إذا تأزمت
الأمور، فانتظر فرجاً ومخرجاً. وقال سبحانه وتعالى: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً) وفي الحديث الصحيح: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء) وقوله تعالى: (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا)
قال عمر بن الخطاب – وبعضهم يجعله حديثاً- : (لن يغلب عسرٌ يسرين)،
ومعنى الآية أنه لما عرّف العسر ونكّر اليسر، ومن عادة العرب إذا ذكرت
اسماً معرّفاً ثم أعادته فهو هو، وإذا نكّرته ثم كررته فهو اثنان. وقال
سبحانه: (إن رحمة الله قريب من المحسنين)، وفي الحديث الصحيح: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب)، وقال الشاعر:
إذا تضايق أمر فانتظر فرجاً
........... فأقرب الأمر أدناه إلى الفرج
يقول
بعض المؤلفين: إن الشدائد – مهما تعاظمت وامتدت- لا تدوم على
أصحابها، ولا تخلد على مصابها، بل إنها أقوى ما تكون اشتداداً
وامتداداً واسوداداً، أقرب ما تكون انقشاعاً وانفراجاً وانبلاجا، عن يسر
وملاءة، وفرج وهناءة، وحياة رخيَّة مشرقة وضّاءة، فيأتي العون من الله
والإحسان عند ذروة الشدة والامتحان، وهكذا نهاية كل ليل غاسق فجر
صادق.
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
......... ويحمد غِبَّ السير من هو سائر