طير الجنة
عضو متميز
- رقم العضوية :
- 26148
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة ثانية ثانوي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2224
- نقاط التميز :
- 2105
- التَـــسْجِيلْ :
- 24/10/2011
صائم لم يصم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم
: ( رُبَّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش ، وربّ قائمٍ حظه من قيامه
السّهر ) صححه الألباني
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : إن الذي يجب عنه الصوم هو :
المعاصي , يجب أن يصوم الإنسان عن المعاصي ؛ لأن هذا هو المقصود الأول في
الصوم ؛ لقول الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ، لم يقل : لعلكم تجوعون ! أو لعلكم تعطشون ! أو
لعلكم تمسكون عن الأهل ! لا ، قال : ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) , هذا هو
المقصود الأول من الصوم , وحقَّق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأكده بقوله
: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه ) إذاً أن يصوم الإنسان عن معاصي الله عز وجل , هذا هو الصوم
الحقيقي ، أما الصوم الظاهري : فهو الصيام عن المفطرات , الإمساك عن
المفطرات تعبداً لله عز وجل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ؛ لقوله تعالى : (
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ ) ، هذا صوم نسميه الصوم الظاهري، صوم البدن فقط , أما صوم القلب
الذي هو المقصود الأول : فهو الصوم عن معاصي الله عز وجل .
وعلى هذا : فمن صام صوماً ظاهريّاً جسديّاً ، ولكنه لم يصم صوماً قلبيّاً :
فإنَّ صومه ناقص جدّاً جدّاً , لا نقول : إنه باطل ، لكن نقول : إنه ناقص ,
كما نقول في الصلاة , المقصود من الصلاة الخشوع والتذلل لله عز وجل ,
وصلاة القلب قبل صلاة الجوارح , لكن لو أن الإنسان صلّى بجوارحه ولم يصلِ
بقلبه ، كأن يكون قلبه في كل وادٍ : فصلاته ناقصة جدّاً , لكنها مجزئة حسب
الظاهر ، مجزئة لكنها ناقصة جدّاً , كذلك الصوم ناقص جدّاً إذا لم يصم
الإنسان عن معصية الله , لكنه مجزئ ؛ لأن العبادات في الدنيا إنما تكون على
الظاهر" انتهى . " لقاءات الباب المفتوح " ( 116 / ص 1 ) .
ولهذا يجب على الصائم أن يُنَزِّه صيامه عما يجرحه، وربما يهدمه، وأن يصون
سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى، وأن يكون عفَّ اللسان ، فلا يلغو
ولا يرفث ، ولا يصخب ولا يجهل، وألا يقابل السيئة بالسيئة، بل يدفعها بالتي
هي أحسن، وأن يتخذ الصيام درعًا واقية له من الإثم والمعصية، ثم من عذاب
الله في الآخرة
وهذا ما نبهت عليه الأحاديث الشريفة
فإنَّ المعاصي نارُ النعم تأكلها ، كما تأكل النار الحطب ، عياذاً بالله من زوال نعمته ، وتحويل عافيته
فآثار المعصية القبيحة أكثر من أن يحيط بها العبد علماً ، وآثار الطاعة
الحسنة أكثر من أن يحيط بها علماً ، فخير الدنيا والآخرة بحذافيره في طاعة
الله ، وشر الدنيا والآخرة بحذافيره في معصيته ، وفي بعض الآثار يقول الله
سبحانه وتعالى : ( من ذا الذي أطاعني فشقي بطاعتي ، ومن ذا الذي عصاني فسعد
بمعصيتي )
قال ابن القيم رحمه الله : "وههنا مسألة تكلم فيها الناس وهي : أي الصبرين
أفضل : صبر العبد عن المعصية ، أم صبره على الطاعة ؟ فطائفة : رجحت الأول ،
وقالت : الصبر عن المعصية من وظائف الصدِّيقين ، كما قال بعض السلف :
أعمال البر يفعلها البر والفاجر ، ولا يقوى على ترك المعاصي إلا صدِّيق ،
قالوا : ولأن داعي المعصية أشد من داعي ترك الطاعة ؛ فإن داعي المعصية إلى
أمر وجودي تشتهيه النفس ، وتلتذ به ، والداعي إلى ترك الطاعة : الكسل ،
والبطالة ، والمهانة ، ولا ريب أن داعي المعصية أقوى ، قالوا : ولأن
العصيان قد اجتمع عليه داعي النفس ، والهوى ، والشيطان ، وأسباب الدنيا ،
وقرناء الرجل ، وطلب التشبه والمحاكاة ، وميل الطبع ، وكلُّ واحدٍ من هذه
الدواعي يجذب العبد إلى المعصية ، ويطلب أثره ، فكيف إذا اجتمعت ، وتظاهرت
على القلب ، فأي صبر أقوى من صبر عن إجابتها ، ولولا أن الله يصبره لما
تأتَّى منه الصبر .
قال الشاعر:
أتى رمضان مزرعة العبـــاد
لتطهير القلوب من الفســـاد
فـأد حقوقــهُ قـــولا وفعـــــلا
وزادك فاتخــــــذه للمَــعَـــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادما يــوم الحصــــــاد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم
: ( رُبَّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش ، وربّ قائمٍ حظه من قيامه
السّهر ) صححه الألباني
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : إن الذي يجب عنه الصوم هو :
المعاصي , يجب أن يصوم الإنسان عن المعاصي ؛ لأن هذا هو المقصود الأول في
الصوم ؛ لقول الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ، لم يقل : لعلكم تجوعون ! أو لعلكم تعطشون ! أو
لعلكم تمسكون عن الأهل ! لا ، قال : ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) , هذا هو
المقصود الأول من الصوم , وحقَّق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأكده بقوله
: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه ) إذاً أن يصوم الإنسان عن معاصي الله عز وجل , هذا هو الصوم
الحقيقي ، أما الصوم الظاهري : فهو الصيام عن المفطرات , الإمساك عن
المفطرات تعبداً لله عز وجل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ؛ لقوله تعالى : (
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ ) ، هذا صوم نسميه الصوم الظاهري، صوم البدن فقط , أما صوم القلب
الذي هو المقصود الأول : فهو الصوم عن معاصي الله عز وجل .
وعلى هذا : فمن صام صوماً ظاهريّاً جسديّاً ، ولكنه لم يصم صوماً قلبيّاً :
فإنَّ صومه ناقص جدّاً جدّاً , لا نقول : إنه باطل ، لكن نقول : إنه ناقص ,
كما نقول في الصلاة , المقصود من الصلاة الخشوع والتذلل لله عز وجل ,
وصلاة القلب قبل صلاة الجوارح , لكن لو أن الإنسان صلّى بجوارحه ولم يصلِ
بقلبه ، كأن يكون قلبه في كل وادٍ : فصلاته ناقصة جدّاً , لكنها مجزئة حسب
الظاهر ، مجزئة لكنها ناقصة جدّاً , كذلك الصوم ناقص جدّاً إذا لم يصم
الإنسان عن معصية الله , لكنه مجزئ ؛ لأن العبادات في الدنيا إنما تكون على
الظاهر" انتهى . " لقاءات الباب المفتوح " ( 116 / ص 1 ) .
ولهذا يجب على الصائم أن يُنَزِّه صيامه عما يجرحه، وربما يهدمه، وأن يصون
سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى، وأن يكون عفَّ اللسان ، فلا يلغو
ولا يرفث ، ولا يصخب ولا يجهل، وألا يقابل السيئة بالسيئة، بل يدفعها بالتي
هي أحسن، وأن يتخذ الصيام درعًا واقية له من الإثم والمعصية، ثم من عذاب
الله في الآخرة
وهذا ما نبهت عليه الأحاديث الشريفة
فإنَّ المعاصي نارُ النعم تأكلها ، كما تأكل النار الحطب ، عياذاً بالله من زوال نعمته ، وتحويل عافيته
فآثار المعصية القبيحة أكثر من أن يحيط بها العبد علماً ، وآثار الطاعة
الحسنة أكثر من أن يحيط بها علماً ، فخير الدنيا والآخرة بحذافيره في طاعة
الله ، وشر الدنيا والآخرة بحذافيره في معصيته ، وفي بعض الآثار يقول الله
سبحانه وتعالى : ( من ذا الذي أطاعني فشقي بطاعتي ، ومن ذا الذي عصاني فسعد
بمعصيتي )
قال ابن القيم رحمه الله : "وههنا مسألة تكلم فيها الناس وهي : أي الصبرين
أفضل : صبر العبد عن المعصية ، أم صبره على الطاعة ؟ فطائفة : رجحت الأول ،
وقالت : الصبر عن المعصية من وظائف الصدِّيقين ، كما قال بعض السلف :
أعمال البر يفعلها البر والفاجر ، ولا يقوى على ترك المعاصي إلا صدِّيق ،
قالوا : ولأن داعي المعصية أشد من داعي ترك الطاعة ؛ فإن داعي المعصية إلى
أمر وجودي تشتهيه النفس ، وتلتذ به ، والداعي إلى ترك الطاعة : الكسل ،
والبطالة ، والمهانة ، ولا ريب أن داعي المعصية أقوى ، قالوا : ولأن
العصيان قد اجتمع عليه داعي النفس ، والهوى ، والشيطان ، وأسباب الدنيا ،
وقرناء الرجل ، وطلب التشبه والمحاكاة ، وميل الطبع ، وكلُّ واحدٍ من هذه
الدواعي يجذب العبد إلى المعصية ، ويطلب أثره ، فكيف إذا اجتمعت ، وتظاهرت
على القلب ، فأي صبر أقوى من صبر عن إجابتها ، ولولا أن الله يصبره لما
تأتَّى منه الصبر .
قال الشاعر:
أتى رمضان مزرعة العبـــاد
لتطهير القلوب من الفســـاد
فـأد حقوقــهُ قـــولا وفعـــــلا
وزادك فاتخــــــذه للمَــعَـــــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادما يــوم الحصــــــاد