التوأم
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 56892
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- موظفة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 1564
- نقاط التميز :
- 1604
- التَـــسْجِيلْ :
- 21/08/2012
center]من حكايـات جدتـي
حكاية الدنيا دوارة والزمان ما هو بو حد
كان فصل الشتاء البارد وكنا نزور الجدة والجد أحيانا في البلدة وكانا بدورهما يتذكران روائع الحكايات التي مر عليها الزمان فكنا نسعى لتلبية طلبات الجدة والجد حتى نتحصل على المقابل ألا وهو حكاية أو رواية من سالف الزمان.
كنا حينها نتجمع حول موقد النار (بالحطب) في الليالي الشتوية الباردة وكلنا شغف لسماع ما سترويه لنا الجدة أو الجد مقابل ما أنجزناه من أعمال في الصباح، يا لها من قعدة أو لمة عائلية حميمية دفئة "الله يرحم أيامات زمان" هذا ما بدأت به الجدة لما اجتمعنا حولها والنار مشتعلة بهدوء لما بدأت حكايتها بقولها: "حاجيتكم ما جيتكم كلت عشايا وخليتكم كانت الحكاية قصة حول ثلاثة بنات توفيت أمهم ثم أبوهم وتركوهم من دون معين أو أنيس، وفي ذات الأيام صعدوا الأخوات الثلاث إلى أعلى السطح وقالت الأخت الكبرى لأختيها الصغيرتان أنت يا أختي الوسطى ماذا تتمنين من الله وأنت أيضا يا أختي الصغرى فقالتا لها وأنت ماذا تتمنين فقالت وهي تبتسم أتمنى أن أتزوج ابن السلطان وأنتما فقالت الأخت الوسطى أنا أتمنى أن أتزوج رجل غني و لكن قلبه فقير وقالت الأخت الصغرى أنا أتمنى أن أتزوج رجل فقير ولكن قلبه غني، استجاب الله لهن فكان لهن ما تمنوا فكانتا كل من الأختان الكبرى والوسطى يعيشان في نعيم وخير كثير لأنهما اختارتا الرجل الغني أما الأخت الصغرى فكانت حياتها المعيشية صعبة يرثى لها لأنها اختارت الرجل الفقير لكن قلبه غني وهنا يكمن السر.
في يوم من الأيام جاءت فرحة عيد الفطر المبارك فبدأ أطفال الأخت الصغرى (الفقيرة) يبكون ويتألمون من شدة الجوع والعرى فلم تجد ما تفعله لهم إلا أن أرسلتهم إلى أختها الكبرى من هي زوجة ابن السلطان طالبة منها أن تعطيها ما تسد به رمق أولادها، ولما وصلوا إلى خالتهم وأخبروها بسبب حضورهم لها تبسمت ودخلت إلى بيت تخزن فيه مئونتها وجاءت بخسيان وقالت لهم هاتوا طرفكم (ما يرتدون من ملابس قديمة و بالية) ووضعت فيه ذلك الخسيان (وهو النوع الرديء من التمر) ولشدة جوعهم وجهلهم لنوع التمر الذي قدمته لهم خالتهم رجعوا فارحين مخبرين أمهم أن خالتهم أعطتهم تمرا ولما فتح أبنائها طرفهم بكت وقالت لهم اذهبوا وأطعموه للماشية وصبرت الأخت على هذه الظروف المرة وهي تحمد الله وتشكره سبحانه وتعالى، ثم جاءت مناسبة عيد الأضحى المبارك ولصغر عقل الأطفال وغيرتهم لما رءوا كل العائلات وخاصة الأطفال يأكلون ما شهت أنفسهم من اللحم بمناسبة العيد جاؤوا لأمهم يبكون يريدون قطعة لحم كغيرهم من الأطفال ولم تجد الأم المسكينة باب تطرقه غير باب أختها الوسطى لما أرسلت لها أبنائها طالبة منها قطعة لحم لتسكت به أبنائها ولم تكن هذه الأخت خير من أختها لما دخلت مطبخها جالبة منه ما يرمى من اللحم للقطط والكلاب ووضعته لهم في طرفهم ففرحوا لعدم معرفة نوع اللحم، رجعوا فارحين إلى أمهم أنظري يا أمي ماذا أعطتنا خالتنا الكريمة إنه لحم يا أمي ولما رأت اللحم وكان الدم الذي يسيل منه قد طبع وسال على لباسهم البالية وهم لا يبالون، بكت حينها بكاءا مريرا وطلبت منهم رميه للكلاب والقطط وهنا رفعت يدها متضرعة إلى الخالق سبحانه وتعالى لينظر إليها بعين الرحمة ويبدل ساعاتها هذه خيرا منها وانتظرت حتى جاء زوجها وطلبت منه أن يغيروا مكان إقامتهم في أرض الله الواسعة ولطيبة قلب زوجها وافقها الرأي ولم تلبث إلا أيام حتى خرجوا من بلدتهم متجهين نحو أراضي الله الواسعة ليستقر بهم المقام في بلدة لا يعرفون فيها أحد بل ساقهم الله إليها فدخلوا إلى منزل السلطان أو حاكم البلاد وأخبروه بأنهم عائلة فقيرة وهم يبحثون عن سكن يؤويهم بغض النظر عن حالة المسكن لأنهم كما قالوا (ألي في الرق ما يتشرط)، فكر الحاكم برهة من الوقت ثم أخبرهم بعد وجود أي سكن شاعر في البلد وألحوا مرة أخرى يا سيدي الحاكم لا يهم نوع السكن كيف ما كان فنحن راضون،وفكر الحاكم ثانية واخبرهم بعدم وجود سكن ثم تذكر شيئا وقال لهم إلا منزل واحد لكن هذا الأخير مسكون (يسكنه جان في اعتقادهم ) وكل من دخل إليه يموت فما رأيكم فقبلوا به ورضوا ولم يكن لهم من الحاكم إلا ما طلبوه على عهد أنه إذا حدث لهم مكروه لا قدر الله لا يلومون إلا أنفسهم، سكنت العائلة الفقيرة هذا البيت الضيق المهدم والبالية جدرانه يكاد يسقط لكن الحاجة تفرض الصبر والرضى، وفي اليوم الأول الذي سكنوا فيه وبعد أن نصبت ربة البيت قدرها على النار خرجت بين يديها إمرأة حسنة الوجه لا تدري لها من أين دخلت ولا من أين أتت وألقت عليها السلام فردت عليها وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقالت لها مرحبا بكم في بيتي وطلبت منها أن تقلب المرق على الكسكس وتعطيه لها كما قالت بلهجتها (كبي أباها على أمو وهاتيه)، لم تمتنع ربة البيت من تلبية الطلب ونفذت طلبها بدون تأني ولم تمضي إلا ثواني وتختفي المرأة الحسنة الوجه، جاء زوجها طالبا منها تقديم وجبة العشاء فأخبرته بما حدث ولم يمانع أو يرفض بل سكت قائلا سبحان الله. بقيت المرأة الحسنة الوجه على عادتها في الحضور في الوجبتين الغذاء والعشاء وتطلب منها نفس الطلب أما هما فيصبران وينامان وألم الجوع ينغصهم وأبنائهم لكن كان ذلك بالحمد والشكر لله والصبر والرضا بما قسم الله
وفي يوما من الأيام خرجت المرأة الحسناء وألقت السلام على ربة المنزل وما إن رأتها ذهبت كعادتها لتعطيها ما قسم الله فتبسمت المرأة وقالت لها يا مولات الخير يامولات القلب الكبير يا .... من اليوم فصاعدا لن تريني وسأترك لك قصعتي في هذا المكان (وحددت لها المكان) وعليك يا مولات الدار الكبيرة والقلب الكبير غير تقسموا معي ما رزقكم الله ولا داعي لوضعه في القصعة بأكمله كالعادة بل أعطوني نصيبي فقط والباقي لكم ولكن لا تنسي وصيتي وأخبرتها أنه إذا أتى عليكم يوما و وجدتم الغذاء أو العشاء كما هو عدة أيام من يوم وضعته كما هو فهي قد توفيت وأخبرتها أنها ستضع لها مفتاح سيكون فيه سر كما أخبرتها عن سبب موت من يسكن هذا المنزل وذلك لرفضهم تلبية ما كانت تطلبه منهم منذ أن وطأة أقدامهم هذا المنزل أي كانوا بخلاء وعليه كانت تضطر لطردهم من بيتها كما تزعم وذلك بقتلهم ولكن أصحاب البلدة لا يعرفون سر هذا البيت و يظنونه مسكون لكن بالعكس فهو منزل مبارك بما جاد به من خير ممن سكنوه.
اختفت المرأة بعد أن شكرت ربة المنزل وزوجها عل صبرهما وكرمهما ودعت لها بالخير الكثير، بقيت المرأة في كل وجبة تطهيها تضع للمرأة وجبتها في قصعتها وتتالت الأيام على هذا الحال حتى جاء اليوم الذي وجدت ربة البيت ما وضعته البارحة من وجبة العشاء باقية على ما هي عليه حينها تذكرت قول المرأة وعلمت أنها توفيت وبالفعل وجدت بجانب القصعة مفتاح في البادئ لم تعرف ماذا تفتح به وبقيت تجول في أرجاء المنزل حتى لمحت عينها غرفة لم تراها في المنزل من قبل اقتربت منها وأدخلت المفتاح فإذا به يفتح باب الغرفة ويا لدهشتها لما رأته إنه من أروع ما يكون، مال و مجوهرات خير كثيرا لا يعد ولا يحصى أسرعت وأخبرت زوجها بالمفاجأة وتعجبا وحمدا الله وشكراه على تعويض صبرهما خير وحينها سألها زوجها ماذا سنفعل بهذه الخيرات فقالت له زوجته سنفتح به هذا المنزل ولنجعله لله في سبيل الله سنجعل من البيت بيت زوار وضيوف نطعم الفقير ولا نرد السائل (دار زاوية) ولم يمتنع زوجها عن ذلك وفعلا قاما بفتح منزلهما لفعل الخير كما يقال الخير مرا والشر مرا
ذاع صيتهم في البلد وأصبح الكل يتحدث عن هذه العائلة كيف كانت وكيف أصبحت حتى بلغ الخبر حاكم البلاد فأرسل إلى صاحب الدار وطلب منه أن يخبره من أين له هذا وكيف لهم أن عاشوا في هذا البيت بينما كل من دخله ماتوا، في البادئ امتنع الرجل على إخبار الحاكم ليحافظ على السر فشدد عليه وأمر بقطع رأسه إن لم يخبره فأضطر إلى أن يخبره بالتفصيل عن ما جرى لهم منذ دخولهم هذا المنزل المبارك تعجب الحاكم ودعى لهم بالخير وبمواصلة طريقهم وطلب منه الانصراف.
في يوم من الأيام دقت باب منزل العائلة امرأتان ولما خرجت لهما ربة المنزل عرفتهما ولكن يا سبحان مغير الأحوال إنهما أختاها الغنيتان أصبحتا في حالة يرثى لها ولكن هما لم يعرفاها لأنها تغيرت كثيرا، رحبت يهما وأدخلتهما فطلبا منها قليلا من المال أو الطعام ... لأنهم يحتاجان لمن يساعدهما رحبت يهما وطلبت منهما أن يباتا معا ليلتان على الأقل فأحسنت ضيافتهما ولم تترك شيء إلا وأعطته لهما فدعا لها بالخير والزيادة أكثر وأكثر، وفي اليوم الثاني جلست معهم وسألتهم أتعرفون من هي المرأة التي أمامكم إنها أختكم الصغرى فضحكتا منها كثيرا وقالتا لها إن أختي حالتها يرثى لها ولا ندري عنها منذ زمن أين هي فقالت لهما بل أنا هي أختكم والدليل على ذلك هو تجمعنا يوم كذا وكذا في سطح منزلنا بعد وفاة أبوانا حيث طلبت كل منا طلب وذكرتهما بما طلبتا وزادتهم كدليل على أنها أختهم الصغرى أنت يا أخت الكبرى زوجة ابن السلطان من أرسلت لك يوم عيد الفطر وأعطيتني كذا وكذا وأنت يا أختي الوسطى زوجة الرجل الغني وقلبه فقير من أرسلت لك يوم عيد الأضحى وكان منك ما لم أكن أتصوره والآن هل تأكدتما أنني أختكما الصغرى حينها أجهشتا كل منهما بالبكاء وطلبا منها السماح والعفو فهذا حال الدنيا أحيانا هيض وأحيانا أخرى غيض ولم تكن الأخت إلا مسامحة كريمة فقبلت بطلبهما وطلبت منهما أن يسكنا معها ولا يفارقاها أبدا وعاشوا الأخوات الثلاثة في نعيم وخير كثير
وهذا حال من لا يقرأ للزمان عواقب
انتهت الحكاية وإلى قعدة أخرى وحكاية أخرى فهناك المزيد والمزيد إن شاء الله
دمتم في رعاية الله وحفظه
[/center]