ريم الجهمى
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- الرياض
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 103
- نقاط التميز :
- 396
- التَـــسْجِيلْ :
- 23/01/2013
ينبغي للمسلم أن لا يسارع إلى القول بجواز وقوع الذنب منه صلى الله عليه وسلم لمجرد رؤيته لبعض النصوص التي فيها الإقرار منه صلى الله عليه وسلم بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله والخوف منه فيقع في سوء الاعتقاد وفساد الرأي وهو مَرَضٌ خبيث - والعياذ بالله - وعليه أن يعلم أن درجة الأنبياء في الرفعة والعلو والمعرفة بالله وسنته في عباده وعظم سلطانه وقوة بطشه مما يحملهم على الخوف منه جلَّ وعلا والإشفاق من المؤاخذة بما لا يؤاخذ به غيرهم وأنهم في تصرفهم بأمور لم ينهوا عنها ولا أمروا بِها ثم أوخذوا عليها وعوتبوا بسببها حذروا من المؤاخذه وأتوها على وجه التأويل أو السهو أو تزيُّد من أمور الدنيا المباحة خائفون وجلون وهي ذنوبٌ بالإضافة إلى منصبهم ومعاصٍ بالنسبة إلى كمال طاعتهم لا أنها كَذُنُوبِ غيرهم ومعاصيهم
فإن الذنب مأخوذ من الشيء الدنيء الرذل ومنه (ذنب كل شيء) أي: آخره وأذناب الناس: أرذالهم فكأن هذه أدني أفعالهم وأسوأ ما يجري من أحوالهم لتطهيرها وتنزيههم وعمارة بواطنهم وظواهرهم بالعمل الصالح والكلم الطيب والذكر الظاهر والخفي والخشية لله وإعظامه في السرِّ والعلانية وغيرهم يتلوث من الكبائر والقبائح والفواحش بما تكون بالإضافة إليه هذه الهنات في حقِّه كالحسنات وقال بعضهم (يؤاخذ الأنبياء بمثاقيل الذَّرِّ) لمكانتهم عنده ويجاوز عن سائر الخلق - لقِلَّةِ مبالاته بهم - في أضعاف ما أتوا به من سوء الأدب وهم يؤاخذون بذلك في الدنيا ليكون ذلك زيادة في درجاتهم ويبتلون بذلك ليكون استشعارهم له سبباً لزيادة رتبتهم كما قال {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} وقال لداود {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} وقال بعد قول موسي {تُبْتُ إِلَيْكَ} {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ}وقال بعد ذكر فتنة سليمان وإنابته {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ} إلى قوله {وَحُسْنَ مَآبٍ}
وقال بعض المتكلمين (زلاَّت الأنبياء في الظاهر زلاَّت وفي الحقيقة كراماتٌ وقُرب) وأيضاً لينبه غيرهم من البشر منهم أو ممن ليس من درجته بمؤاخذتهم بذلك فيستشعروا الحذر ويعتقدوا المحاسبة ليلتزموا الشكر على النعم ويعدوا الصبر على المحن بملاحظة ما وقع بأهل هذا النصاب الرفيع المعصوم فكيف بمن سواهم؟ وقد وقع في نفسي فيما يتعلق بالآيات القرآنية التي تتضمن العتاب والزجر والتهديد في خطابه صلى الله عليه وسلم أو يستفاد منها ما ينافي العصمة النبوية أن هذا كله لا يحتاج إلى جواب ولا إشكال فيه وذلك لأنه خطابٌ من الله إلى الأنبياء وهو مولاهم وسيِّدُهم يخاطبهم بما شاء وبالأسلوب الذي يريد فيعاتبهم ويهددهم ويخطئهم ويؤدبهم ويحذرهم وهذا لا يبيح لغيرهم أن يخاطبهم بمثله أو أن يستفيد منه ما يبيح له نسبة مفهومه أو مدلوله لهم فيستفيد مثلاً من العتاب جواز صدور المخالفة منهم ويستفيد من قوله {عَفَا اللّهُ عَنكَ}جواز صدور الخطأ بل هذه جرأة ووقاحة وتطفل من هذا الدعي لأن الأب قد يضرب ابنه أو يعاتبه أو يسبُّه ويشتمه ولكنه لا يرضي من غيره أن يضربه أو يفعل معه كما فعل محتجًّا بأن أباه فعل معه كذلك فهذا ما لا يرضاه الأب
والله يعامل أنبياءه بما يشاء ويخاطبهم بما يشاء ولكنه لا يرضي أن نعاملهم نحن بما عاملهم به فلينتبه لهذه المسألة يروي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشاور سيدنا الإمام علىّ بعدما لاكَ المنافقون في حديث الإفك الخاص بالسيدة عائشة رضي الله عنها فقال له : ما رأيك يا علىّ؟ قال: يا رسول الله إنك دخلت بنا مرة في الصلاة وخرجت منها مسرعاً وقلت: إنَّ جبريل أخبرني بأن بإحدى نعلي نجاسة فخرجت لتطهره أفما يخبرك بما في أهلك؟ وقد قال الله عزَّ وجلَّ فيك وفي أهلك {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فالأحوال التي لا تصلح معنا نحن نُنَزِّهُ عنها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا الميزان الذي أريد منكم أن تزنوا به دائماً أحوال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وليس هذا فقط بل وصحابة النَّبِيِّ الأمين لأنهم أيضا بإشعاعات النبوة محفوظون وكل ما ورد عنهم بخلاف ذلك لا ينزلق به لسان المؤمن ولا يرتاح إليه القلب ولا يصدقه العقل ولا يثبته النقل وإنما هي أمور بثَّها اليهود قديماً أو حديثاً حتي يشككوا الأمة في عصمة نبيِّ الأمة صلوات ربي وسلامه عليه فأي حديث صحيح وتجد مؤمناً يجرح فيه - لأنه قد لا يتقبله ذوقاً أو لم يصل إلى فَهْمِهِ عِلْمُهُ حتي الآن نقول له: لا، أنه وحيٌّ من الله والنَّبِيُِّ يقول فيه (أ أَلا إنِّي أُوتِيت الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)[1] فالقرآن وحيٌ والذي مثله وحيَ وقال في الرواية الأخرى (ألا إني أوتيت القرآن ومثليه معه) والله لما جاء ليبين لنا قال له: انتظر {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} يريد أن يبين بياناً تفصيليًّا - ومَنْ حوله لن يتحملوا لأن عقولهم لا تدرك فيما يَحْدُثُ بعد ذلك من أقدار - دع هذا الأمر لنا {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} نحن الذين سنبين والعصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وطبعا الحمد لله ليس أحد فينا أجمعين - ولا في السابقين أو اللاحقين - سيبلغ به التنزيه والعصمة إلى أنه سيجعله يشارك في حضرة الربوبية
دَعْ ما أدعته النصاري في نَبِيِّهم واحْكُمْ بما شئت مدحاً فيه واحتكم
لا تقل إنه إله وقل كما تشاء عَبْدٌ حفظه الله عَبْدٌ علَّمه الله عَبْدٌ أَلْهَمَهُ الله عَبْدٌ نَوَّرَ قَلْبَهُ الله عَبْدٌ تولاَّهُ الله
[1] مسند أحمد عن المقدام بن معد يكرب
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%DF%E3%C7%E1%C7%CA%20%C7%E1%E3%CD%E3%CF%ED%C9_%D82&id=91&cat=4
منقول من كتاب [الكمالات المحمدية]
فإن الذنب مأخوذ من الشيء الدنيء الرذل ومنه (ذنب كل شيء) أي: آخره وأذناب الناس: أرذالهم فكأن هذه أدني أفعالهم وأسوأ ما يجري من أحوالهم لتطهيرها وتنزيههم وعمارة بواطنهم وظواهرهم بالعمل الصالح والكلم الطيب والذكر الظاهر والخفي والخشية لله وإعظامه في السرِّ والعلانية وغيرهم يتلوث من الكبائر والقبائح والفواحش بما تكون بالإضافة إليه هذه الهنات في حقِّه كالحسنات وقال بعضهم (يؤاخذ الأنبياء بمثاقيل الذَّرِّ) لمكانتهم عنده ويجاوز عن سائر الخلق - لقِلَّةِ مبالاته بهم - في أضعاف ما أتوا به من سوء الأدب وهم يؤاخذون بذلك في الدنيا ليكون ذلك زيادة في درجاتهم ويبتلون بذلك ليكون استشعارهم له سبباً لزيادة رتبتهم كما قال {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} وقال لداود {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} وقال بعد قول موسي {تُبْتُ إِلَيْكَ} {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ}وقال بعد ذكر فتنة سليمان وإنابته {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ} إلى قوله {وَحُسْنَ مَآبٍ}
وقال بعض المتكلمين (زلاَّت الأنبياء في الظاهر زلاَّت وفي الحقيقة كراماتٌ وقُرب) وأيضاً لينبه غيرهم من البشر منهم أو ممن ليس من درجته بمؤاخذتهم بذلك فيستشعروا الحذر ويعتقدوا المحاسبة ليلتزموا الشكر على النعم ويعدوا الصبر على المحن بملاحظة ما وقع بأهل هذا النصاب الرفيع المعصوم فكيف بمن سواهم؟ وقد وقع في نفسي فيما يتعلق بالآيات القرآنية التي تتضمن العتاب والزجر والتهديد في خطابه صلى الله عليه وسلم أو يستفاد منها ما ينافي العصمة النبوية أن هذا كله لا يحتاج إلى جواب ولا إشكال فيه وذلك لأنه خطابٌ من الله إلى الأنبياء وهو مولاهم وسيِّدُهم يخاطبهم بما شاء وبالأسلوب الذي يريد فيعاتبهم ويهددهم ويخطئهم ويؤدبهم ويحذرهم وهذا لا يبيح لغيرهم أن يخاطبهم بمثله أو أن يستفيد منه ما يبيح له نسبة مفهومه أو مدلوله لهم فيستفيد مثلاً من العتاب جواز صدور المخالفة منهم ويستفيد من قوله {عَفَا اللّهُ عَنكَ}جواز صدور الخطأ بل هذه جرأة ووقاحة وتطفل من هذا الدعي لأن الأب قد يضرب ابنه أو يعاتبه أو يسبُّه ويشتمه ولكنه لا يرضي من غيره أن يضربه أو يفعل معه كما فعل محتجًّا بأن أباه فعل معه كذلك فهذا ما لا يرضاه الأب
والله يعامل أنبياءه بما يشاء ويخاطبهم بما يشاء ولكنه لا يرضي أن نعاملهم نحن بما عاملهم به فلينتبه لهذه المسألة يروي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشاور سيدنا الإمام علىّ بعدما لاكَ المنافقون في حديث الإفك الخاص بالسيدة عائشة رضي الله عنها فقال له : ما رأيك يا علىّ؟ قال: يا رسول الله إنك دخلت بنا مرة في الصلاة وخرجت منها مسرعاً وقلت: إنَّ جبريل أخبرني بأن بإحدى نعلي نجاسة فخرجت لتطهره أفما يخبرك بما في أهلك؟ وقد قال الله عزَّ وجلَّ فيك وفي أهلك {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فالأحوال التي لا تصلح معنا نحن نُنَزِّهُ عنها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا الميزان الذي أريد منكم أن تزنوا به دائماً أحوال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وليس هذا فقط بل وصحابة النَّبِيِّ الأمين لأنهم أيضا بإشعاعات النبوة محفوظون وكل ما ورد عنهم بخلاف ذلك لا ينزلق به لسان المؤمن ولا يرتاح إليه القلب ولا يصدقه العقل ولا يثبته النقل وإنما هي أمور بثَّها اليهود قديماً أو حديثاً حتي يشككوا الأمة في عصمة نبيِّ الأمة صلوات ربي وسلامه عليه فأي حديث صحيح وتجد مؤمناً يجرح فيه - لأنه قد لا يتقبله ذوقاً أو لم يصل إلى فَهْمِهِ عِلْمُهُ حتي الآن نقول له: لا، أنه وحيٌّ من الله والنَّبِيُِّ يقول فيه (أ أَلا إنِّي أُوتِيت الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)[1] فالقرآن وحيٌ والذي مثله وحيَ وقال في الرواية الأخرى (ألا إني أوتيت القرآن ومثليه معه) والله لما جاء ليبين لنا قال له: انتظر {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} يريد أن يبين بياناً تفصيليًّا - ومَنْ حوله لن يتحملوا لأن عقولهم لا تدرك فيما يَحْدُثُ بعد ذلك من أقدار - دع هذا الأمر لنا {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} نحن الذين سنبين والعصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وطبعا الحمد لله ليس أحد فينا أجمعين - ولا في السابقين أو اللاحقين - سيبلغ به التنزيه والعصمة إلى أنه سيجعله يشارك في حضرة الربوبية
دَعْ ما أدعته النصاري في نَبِيِّهم واحْكُمْ بما شئت مدحاً فيه واحتكم
لا تقل إنه إله وقل كما تشاء عَبْدٌ حفظه الله عَبْدٌ علَّمه الله عَبْدٌ أَلْهَمَهُ الله عَبْدٌ نَوَّرَ قَلْبَهُ الله عَبْدٌ تولاَّهُ الله
[1] مسند أحمد عن المقدام بن معد يكرب
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%DF%E3%C7%E1%C7%CA%20%C7%E1%E3%CD%E3%CF%ED%C9_%D82&id=91&cat=4
منقول من كتاب [الكمالات المحمدية]