melissa
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 12924
- البلد/ المدينة :
- jijel
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة جامعية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 6768
- نقاط التميز :
- 6286
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/02/2011
الحمد لله رب العالمين والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إنه مهما عاش الإنسان في هذه الحياة ومهما طال به البقاء بها ومهما استمتع بشهواتها وملذاتها فإن المصير واحد والنهاية محتومة ولابد لكل إنسان من نهاية وهذه النهاية هي الموت الذي لا مفر منه، قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 57]
وقال الشاعر:
كل ابن انثى وإن طالت سلامته * يوماً على آله حدباء محمول
إنه لابد من يوم ترجع فيه الخلائق إلى الله جل وعلا ليحاسبهم على ما عملوا في هذه الدنيا
قال تعالى:
{وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ}
[البقرة: 281]
يوماً طالما نسيناه، يوم هو آخر الأيام، يوم تغص فيه الحناجر، فلا يوم بعده ولا يوم مثله.
إنه اليوم العظيم والموقف الجليل بين يدي الملك العظيم، يوماً كتبه الله على كل صغير وكبير وكل جليل وحقير، إنه اليوم المشهود واللقاء الموعود.
ثم إنه قبل هذا اليوم لحظة ينتقل فيها الإنسان من دار الغرور إلى دار السرور أو دار الشرور،
كل بحسب عمله، تلك اللحظة التي يُلقى فيها الإنسان آخر النظرات على الأبناء والبنات والإخوان والأخوات، يُلقي فيها آخر النظرات على هذه الدنيا، وتبدو على وجهه معالم السكرات، وتخرج من صميم قلبه الآهات والزفرات.
إنها اللحظة التي يعرف الإنسان فيها حقارة هذه الدنيا، إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها بالحسرة والألم على كل لحظة فرّط فيها في جنب الله تعالى، فهو يناديه رباه رباه
{رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99-100]
إنها اللحظة الحاسمة والساعة القاصمة التي يدنو فيها ملك الموت لكي ينادي، فياليت شعري هل ينادي نداء النعيم أو نداء الجحيم؟!!
أخي.... أخيتى ....
إن الغربة الحقيقية إنما هي غربة اللحد والكفن،
فهل تذكرت انطراحك على الفراش، وإذا بأيدي الأهل تُقلبك، فاشتد نزعك وصار الموت يجذبك من كل عرق، ثم أسلمت الروح إلى بارئها،
والتفت الساق بالساق، ثم قدموك بعد ذلك ليُصلى عليك ثم أنزلوك في القبر وحيداً فريداً،
لا أم تقيم معك، ولا أب يرافقك ولا أخ يؤنسك.
وهناك يحس المرء بدار غريبة، ومنازل عجيبة،
وفي لحظة واحدة ينتقل العبد من دار الهون إلى دار النعيم المقيم إن كان ممن تاب وآمن وعمل صالحاً، أوينتقل إلى دار الجحيم والعذاب الأليم إن كان ممن أساء العمل وعصى المولى جل وعلا.
لقد طويت صفحات الغرور، وبدأ للعبد هول البعث والنشور، مضت الملهيات والمغريات وبقيت التبعات..
فلا إله إلا الله من ساعة تُطوى فيها صحيفة المرء إما على الحسنات أو على السيئات،
ويحس بقلب متقطع من الألم والحسرة على أيام غفل فيها كثيراً عن الله واليوم الآخر،
فها هي الدنيا بما فيها قد انتهت وانقضت أيامها سريعاً، وها هو الآن يستقبل معالم الجد أمام عينيه ويسلم روحه لباريها، وينتقل إلى الدار الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة وفي لحظة واحدة أصبح كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً..
فلا إله إلا الله من ساعة ينزل فيها الإنسان أول منازل الآخرة، ويستقبل الحياة الجديدة، فإما عيشة سعيدة، أو عيشة نكيدة والعياذ بالله.
ولا إله الله من دار تقارب سكانها، وتفاوت عُمّارها، فقبرٌ في النعيم والرضوان المقيم وقبرٌ في دركات الجحيم والعذاب الأليم، فهو ينادي ولكن لا مجيب، وهو يستعطف ولكن لا مستجيب.
ثم يأتي بعد ذلك اللقاء الموعود واليوم المشهود،
اليوم الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات وبروزاً لله الواحد القهار، يوم لا يُغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم يُنصرون، وصاح الصائح بصيحته فخرج الموتى من تلك الأجداث وتلك القبور إلى ربهم حفاة عراة غرلاً، فلا أنساب، ولا أحساب، ولا جاه ولا مال.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}
[المؤمنون: 101-104]
إنه اليوم الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين،
إنه اليوم الذي تتبدد عنده الأوهام والأحلام،
إنه اليوم الذي تُنشر فيه الدواوين وتُنصب فيه الموازين، إنه اليوم الذي يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، واليوم الذي يود المجرم لو يفتدى فيه من العذاب ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه.
أخي.... أخيتى ....
يا من تعصي الله تصوّر نفسك وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك
أين فلان ابن فلان هلُمّ إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك،
وتضطرب قدماك وجميع جوارحك من شدة الخوف، قد تغير لونك،
وحل بك من الهم والغم والقلق ما الله به عليم.
وتصوّر وقوفك بين يدي بديع السماوات والأرض ذليل، قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر وداخلك الخجل، والحياء من الله الذي لم ينزل إليك محسناً وعليك ساتراً، فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك، وعظيم جرمك وبأي قدم تقف غداً بين يديه، وبأي طرف تنظر إليه، وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل، ومساءلته وتوبيخه.
وكيف بك إذا ذكَّرك مخالفتك له، وركوبك معاصيه، وقلة اهتمامك بنهيه ونظره إليك، وقلة اكتراثك في الدنيا بطاعته.
ماذا تقول إذا قال لك:
يا عبدي ما أجللتني،
أما استحييت مني؟!
استخففت بنظري إليك؟!
ألم أحسن إليك؟!
ألم أنعم عليك؟!
ما غرك مني؟!
أخي.... أخيتى ....
تذكر أهل الصالحات حين يخرجون من قبورهم وقد ابيضت وجوههم بآثار الحسنات،
خرجوا بذلك الأثر العظيم من الله الكريم، وما عظم المقام عليهم، تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون..
تذكر عندما يقول الرب تبارك وتعالى بحقهم:
((يا ملائكتي خذوا بعبادي إلى جنات النعيم، خذوهم إلى الرضوان العظيم، فأصبحوا بحمد الله في عيشة راضية، وفُتحت لهم الجنان وطاف حولهم الحور والولدان، وذهب عنهم النكد والنصيب وزال العناء والتعب)).
وتذكر في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن منهج الله تعالى العاصية له عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها:
يا ملائكتي {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: 30]
فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني، فوقفت تلك النفس الآثمة الظالمة على نار تلظى وجحيم تغيظ وتزفر،
وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحاً
ولكن هيهات هيهات أن ترجع، فكُبكبت على رأسها وجبينها،
وهوت في تلك المهاوي المظلمة وتقلبت بين الدركات والجحيم، والحسرات والزفرات...
فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك، بين من كان في النعيم ومن كان في الجحيم،
وصدق الله تعالى إذ يقول:
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13-14]
أخي.... أخيتى ....
يا من تقرأ هذه الرسالة قف قليلاً وحاسب نفسك، فإن كنت ممن يسارع في الطاعات والقربات ويتجنب المعاصي والمخالفات
فاحمد الله على ذلك واسأله الثبات حتى الممات وهنيئاً لك ما أنت مقدم عليه بإذن الله.
وإن كنت غير ذلك
فتب إلى الله وارجع إلى الهدى ولا داعي للعناد والإصرار على المعاصي التي ستعرضك لعذاب الله
فإنك والله لأعجز من أن تطيق شيئاً من هذا العذاب،
وإن الجبال الشم الراسيات لو سُيرت بالنار لذابت من شدة حرها!
فأين أنت أيها الإنسان الضعيف من تلك الجبال، إنك تصبر على الجوع والعطش،
وتصبر على الضُر وعلى التكاليف،
لكن والله الذي لا إله إلا هو لا صبر لك على النار..
ألا فأنقذ نفسك من النار ما دمت في زمن الإمهال قبل أن تندم ولات ساعة مندم
واعلم أن الصبر عن محارم الله في هذه الدنيا أيسر والله بكثير من الصبر على عذاب يوم القيامة.
ثم اعلم أخي أن طريق الاستقامة والالتزام ليس فيه تعقيد وكبت حرية كما يظنه البعض،
بل إن طريق الاستقامة والالتزام كله سعادة، كله لذة، كله راحة، كله طمأنينة،
وماذا يريد الإنسان في هذه الحياة غير ذلك..
خلافاً لحياة المعصية والآثام التي كلها قلق ونكد وحسرة في الدنيا ثم عذاب وهوان في الآخرة.
فجرب هذا الطريق من الآن ولا تتردد فإني والله لك من الناصحين وعليك من المشفقين
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إنه مهما عاش الإنسان في هذه الحياة ومهما طال به البقاء بها ومهما استمتع بشهواتها وملذاتها فإن المصير واحد والنهاية محتومة ولابد لكل إنسان من نهاية وهذه النهاية هي الموت الذي لا مفر منه، قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 57]
وقال الشاعر:
كل ابن انثى وإن طالت سلامته * يوماً على آله حدباء محمول
إنه لابد من يوم ترجع فيه الخلائق إلى الله جل وعلا ليحاسبهم على ما عملوا في هذه الدنيا
قال تعالى:
{وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ}
[البقرة: 281]
يوماً طالما نسيناه، يوم هو آخر الأيام، يوم تغص فيه الحناجر، فلا يوم بعده ولا يوم مثله.
إنه اليوم العظيم والموقف الجليل بين يدي الملك العظيم، يوماً كتبه الله على كل صغير وكبير وكل جليل وحقير، إنه اليوم المشهود واللقاء الموعود.
ثم إنه قبل هذا اليوم لحظة ينتقل فيها الإنسان من دار الغرور إلى دار السرور أو دار الشرور،
كل بحسب عمله، تلك اللحظة التي يُلقى فيها الإنسان آخر النظرات على الأبناء والبنات والإخوان والأخوات، يُلقي فيها آخر النظرات على هذه الدنيا، وتبدو على وجهه معالم السكرات، وتخرج من صميم قلبه الآهات والزفرات.
إنها اللحظة التي يعرف الإنسان فيها حقارة هذه الدنيا، إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها بالحسرة والألم على كل لحظة فرّط فيها في جنب الله تعالى، فهو يناديه رباه رباه
{رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99-100]
إنها اللحظة الحاسمة والساعة القاصمة التي يدنو فيها ملك الموت لكي ينادي، فياليت شعري هل ينادي نداء النعيم أو نداء الجحيم؟!!
أخي.... أخيتى ....
إن الغربة الحقيقية إنما هي غربة اللحد والكفن،
فهل تذكرت انطراحك على الفراش، وإذا بأيدي الأهل تُقلبك، فاشتد نزعك وصار الموت يجذبك من كل عرق، ثم أسلمت الروح إلى بارئها،
والتفت الساق بالساق، ثم قدموك بعد ذلك ليُصلى عليك ثم أنزلوك في القبر وحيداً فريداً،
لا أم تقيم معك، ولا أب يرافقك ولا أخ يؤنسك.
وهناك يحس المرء بدار غريبة، ومنازل عجيبة،
وفي لحظة واحدة ينتقل العبد من دار الهون إلى دار النعيم المقيم إن كان ممن تاب وآمن وعمل صالحاً، أوينتقل إلى دار الجحيم والعذاب الأليم إن كان ممن أساء العمل وعصى المولى جل وعلا.
لقد طويت صفحات الغرور، وبدأ للعبد هول البعث والنشور، مضت الملهيات والمغريات وبقيت التبعات..
فلا إله إلا الله من ساعة تُطوى فيها صحيفة المرء إما على الحسنات أو على السيئات،
ويحس بقلب متقطع من الألم والحسرة على أيام غفل فيها كثيراً عن الله واليوم الآخر،
فها هي الدنيا بما فيها قد انتهت وانقضت أيامها سريعاً، وها هو الآن يستقبل معالم الجد أمام عينيه ويسلم روحه لباريها، وينتقل إلى الدار الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة وفي لحظة واحدة أصبح كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً..
فلا إله إلا الله من ساعة ينزل فيها الإنسان أول منازل الآخرة، ويستقبل الحياة الجديدة، فإما عيشة سعيدة، أو عيشة نكيدة والعياذ بالله.
ولا إله الله من دار تقارب سكانها، وتفاوت عُمّارها، فقبرٌ في النعيم والرضوان المقيم وقبرٌ في دركات الجحيم والعذاب الأليم، فهو ينادي ولكن لا مجيب، وهو يستعطف ولكن لا مستجيب.
ثم يأتي بعد ذلك اللقاء الموعود واليوم المشهود،
اليوم الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات وبروزاً لله الواحد القهار، يوم لا يُغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم يُنصرون، وصاح الصائح بصيحته فخرج الموتى من تلك الأجداث وتلك القبور إلى ربهم حفاة عراة غرلاً، فلا أنساب، ولا أحساب، ولا جاه ولا مال.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}
[المؤمنون: 101-104]
إنه اليوم الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين،
إنه اليوم الذي تتبدد عنده الأوهام والأحلام،
إنه اليوم الذي تُنشر فيه الدواوين وتُنصب فيه الموازين، إنه اليوم الذي يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، واليوم الذي يود المجرم لو يفتدى فيه من العذاب ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه.
أخي.... أخيتى ....
يا من تعصي الله تصوّر نفسك وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك
أين فلان ابن فلان هلُمّ إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك،
وتضطرب قدماك وجميع جوارحك من شدة الخوف، قد تغير لونك،
وحل بك من الهم والغم والقلق ما الله به عليم.
وتصوّر وقوفك بين يدي بديع السماوات والأرض ذليل، قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر وداخلك الخجل، والحياء من الله الذي لم ينزل إليك محسناً وعليك ساتراً، فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك، وعظيم جرمك وبأي قدم تقف غداً بين يديه، وبأي طرف تنظر إليه، وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل، ومساءلته وتوبيخه.
وكيف بك إذا ذكَّرك مخالفتك له، وركوبك معاصيه، وقلة اهتمامك بنهيه ونظره إليك، وقلة اكتراثك في الدنيا بطاعته.
ماذا تقول إذا قال لك:
يا عبدي ما أجللتني،
أما استحييت مني؟!
استخففت بنظري إليك؟!
ألم أحسن إليك؟!
ألم أنعم عليك؟!
ما غرك مني؟!
أخي.... أخيتى ....
تذكر أهل الصالحات حين يخرجون من قبورهم وقد ابيضت وجوههم بآثار الحسنات،
خرجوا بذلك الأثر العظيم من الله الكريم، وما عظم المقام عليهم، تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون..
تذكر عندما يقول الرب تبارك وتعالى بحقهم:
((يا ملائكتي خذوا بعبادي إلى جنات النعيم، خذوهم إلى الرضوان العظيم، فأصبحوا بحمد الله في عيشة راضية، وفُتحت لهم الجنان وطاف حولهم الحور والولدان، وذهب عنهم النكد والنصيب وزال العناء والتعب)).
وتذكر في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن منهج الله تعالى العاصية له عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها:
يا ملائكتي {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: 30]
فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني، فوقفت تلك النفس الآثمة الظالمة على نار تلظى وجحيم تغيظ وتزفر،
وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحاً
ولكن هيهات هيهات أن ترجع، فكُبكبت على رأسها وجبينها،
وهوت في تلك المهاوي المظلمة وتقلبت بين الدركات والجحيم، والحسرات والزفرات...
فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك، بين من كان في النعيم ومن كان في الجحيم،
وصدق الله تعالى إذ يقول:
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13-14]
أخي.... أخيتى ....
يا من تقرأ هذه الرسالة قف قليلاً وحاسب نفسك، فإن كنت ممن يسارع في الطاعات والقربات ويتجنب المعاصي والمخالفات
فاحمد الله على ذلك واسأله الثبات حتى الممات وهنيئاً لك ما أنت مقدم عليه بإذن الله.
وإن كنت غير ذلك
فتب إلى الله وارجع إلى الهدى ولا داعي للعناد والإصرار على المعاصي التي ستعرضك لعذاب الله
فإنك والله لأعجز من أن تطيق شيئاً من هذا العذاب،
وإن الجبال الشم الراسيات لو سُيرت بالنار لذابت من شدة حرها!
فأين أنت أيها الإنسان الضعيف من تلك الجبال، إنك تصبر على الجوع والعطش،
وتصبر على الضُر وعلى التكاليف،
لكن والله الذي لا إله إلا هو لا صبر لك على النار..
ألا فأنقذ نفسك من النار ما دمت في زمن الإمهال قبل أن تندم ولات ساعة مندم
واعلم أن الصبر عن محارم الله في هذه الدنيا أيسر والله بكثير من الصبر على عذاب يوم القيامة.
ثم اعلم أخي أن طريق الاستقامة والالتزام ليس فيه تعقيد وكبت حرية كما يظنه البعض،
بل إن طريق الاستقامة والالتزام كله سعادة، كله لذة، كله راحة، كله طمأنينة،
وماذا يريد الإنسان في هذه الحياة غير ذلك..
خلافاً لحياة المعصية والآثام التي كلها قلق ونكد وحسرة في الدنيا ثم عذاب وهوان في الآخرة.
فجرب هذا الطريق من الآن ولا تتردد فإني والله لك من الناصحين وعليك من المشفقين
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته