أما عن مفهوم الوسطية
:[rtl]فقال شيخ الإسلام ابن تيمية (فتاوى 3/375) في تفضيل طريق أهل السنَّة والجماعة: (وكذلك في سائر أبواب السنَّة هم وسط، لأنه متمسكون بكتاب الله وسنَّة رسوله وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان).[/rtl]
[rtl]وقال (الفتاوى 5/261): (وقد قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)، والسنَّة فى الاسلام كالإسلام فى الملل).[/rtl]
[rtl]وقال ابن القيم في سياق الأوجه الدالة على وجوب اتباع الصحابة وعدم الخروج عن أقاويلهم (إعلام الموقعين 4/132): (الوجه التاسع: قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ).[/rtl]
[rtl]ووجه الاستدلال بالآية أنه تعالى أخبر أنه جعلهم أمة خياراً عدولاً، هذا حقيقة الوسط، فهم -أي الصحابة- خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم فهم شهداؤه، ولهذا نوه بهم ورفع ذكرهم و أثنى عليهم لأنه تعالى لما اتخذهم شهداء أعلم خلقه من الملائكة وغيرهم بحال هؤلاء الشهداء، وأمر ملائكته أن تصلى عليهم وتدعو لهم وتستغفر لهم).[/rtl]
[rtl]ومعلوم أن هذه الآية إنما نزلت على الصحابة رضي الله عنهم، فهم المخاطبون بها أصالة، ومن سار على طريقهم تبعاً، فدل على أن الوسطية التي وصفت بها الأمة إنما هي اتباع السنَّة وطريق الصحابة رضي الله عنهم.[/rtl]
[rtl] ومما لا شك فيه أن الصحابة رضي الله عنهم هم أهدى الناس، وهم أعلم الناس بدين الله تعالى الموصوف بكونه وسطاً، إذ هم الذين أمر الله بالاقتداء بهم واتباعهم.[/rtl]
[rtl]قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة100].[/rtl]
[rtl]وقال تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) [النساء115].[/rtl]
[rtl]قال ابن قدامة في كتابه «ذم التأويل» في بيان وجوب اتباع الصحابة رضي الله عنهم (ص28): (الباب الثاني: في بيان وجوب اتباعهم والحث على لزوم مذهبهم وسلوك سبيلهم وبيان ذلك من الكتاب والسنَّة وأقوال الأئمة.[/rtl]
[rtl] إذا عُلم هذا، صار أقرب المصطلحات المرادفة لمصطلح «الوسطية» المعاصر عند السلف والأئمة، وهو الذي يذكرونه لبيان وجوب الاعتدال والتوسط هو مصطلح «السنَّة».[/rtl]
[rtl]ولا يُراد بمصطلح «السنَّة» هنا المعني الفقهي أو الأصولي، وإنما المراد به الطريقة العامة للنبي صلى الله عليه وسلم في العلم والعمل والدعوة، وهو الذي يُذكر في باب الاعتقاد والاتباع، وهو المعني بقول السلف «فلان على السنَّة»[/rtl]