سراج الاسلام
عضو نشيط
- رقم العضوية :
- 42658
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- استاذ التعليم الثانوي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 849
- نقاط التميز :
- 2484
- التَـــسْجِيلْ :
- 24/04/2012
[size=24]لإعجاز العلمي في أحاديث التفريق بين بول الغلام الرضيع وبول الجارية[/size]
[size=24]مقدمة:[/size]
من المقاصد الكبرى للتشريع الإسلامي المحافظة على النفوس، وبناءاً على ذلك جاءت كثير من الأحكام الشرعية في هذا المجال، ومن تلك الأحكام الأمر بالنظافة والتطهر من النجاسات الحسية، فجعلت الطهارة من النجاسات مفتاحاً وشرطاً لابد منه لكل صلاة.
وقد فصلت الشريعة تفصيلاً لا مزيد عليه في باب النجاسات الحسية؛ لأن هذه النجاسات أماكن تتواجد فيها مسببات الأمراض، وتعددت المطهرات من تلك النجاسات في الشريعة الإسلامية، وذلك تبعاً لنوع النجاسة وماهيتها، فمن النجاسات ما يزال ويتم التطهر منه بغسله بالماء -وهذا هو الأغلب- أو صب الماء عليه، ومنها ما يطهر بحكه بالتراب أو النزح منه أو تحويله إلى مادة أخرى... إلى غير ذلك من وسائل التطهير.
وقسمت الشريعة الإسلامية النجاسات إلى نجاسات مغلظة ونجاسات مخففة، ومن هذا التفريق والتقسيم ما يتعلق بالتفريق بين بول الرضيع الذكر -الذي لم يغتذي على شيء غير لبن الأم-وبين بول الأنثى الرضيعة، فجعل بول الغلام الرضيع من باب النجاسات المخففة، ويكتفى في التطهر منه برش الماء عليه، بينما جعل بول الأنثى الرضيعة من النجاسات المغلظة، ولا يتم التطهر منه إلا بغسل أثره بالماء.
وقد كشف العلم الحديث اليوم عن سر من أسرار هذا التفريق بين بول الغلام الرضيع وبول الأنثى الرضيعة، وأثبت أن هنالك فرقاً بينهما.
وفي هذا البحث سنعرض الأحاديث النبوية التي فرقت بين بول الغلام الرضيع وبين بول الأنثى الرضيعة، ونشير إلى شيء من أقوال العلماء في ذلك، ونعرض شيئاً من التجارب العلمية الحديثة التي أجريت في هذا الباب.
[size=24]الأحاديث النبوية الواردة في التفريق بين بول الغلام الرضيع وبين بول الأنثى الرضيعة:[/size]
بول الأطفال من الأمور الملحوظة والمتكررة في كل الأسر والبيوت، ولذلك جاء فيها مجموعة من الأحاديث النبوية، فعن أم قيس بنت محصن: [size=24]«أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله»(1).[/size]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: [size=24]«كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم، فأتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله»(2).[/size]
وعن أبي السمح قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال: [size=24]«ولني قفاك»، فأوليه قفاي فأستره به، فأتي بحسن أو حسين رضي الله عنهما فبال على صدره فجئت أغسله، فقال: «يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام»(3).[/size]
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [size=24]«بول الغلام ينضح عليه، وبول الجارية يغسل»، قال قتادة: هذا ما لم يطعما فإذا طعما غسل بولهما(4).[/size]
وعن أم الفضل قالت: رأيت كان في بيتي عضواً من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فجزعت من ذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: [size=24]«خيراً تلد فاطمة غلاماً فتكفلينه بلبن ابنك قثم»، قالت: فولدت حسناً فأعطيته فأرضعته حتى تحرك أو فطمته، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسته في حجره فبال فضربت بين كتفيه، فقال: «أرفقي بابني رحمك الله أو أصلحك الله أوجعت ابني»، قالت: قلت يا رسول الله اخلع إزارك والبس ثوبا غيره حتى أغسله، قال: «إنما يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام»(5).[/size]
وفي رواية أخرى قالت: كان الحسين بن علي رضي الله عنه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه، فقلت: البس ثوباً وأعطني إزارك حتى أغسله، قال: [size=24]«إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر»(6).[/size]
وعن أم كرز الخزاعية قالت: [size=24]«أتي النبي صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه فأمر به فنضح، وأتي بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل»(7).[/size]
[size=24]أقوال العلماء في هذه الأحاديث:[/size]
جاء في بعض ألفاظ الأحاديث: [size=24]«بابن لها صغير لم يأكل الطعام»، ومعنى ذلك أنه لم يأكل شيئاً غير اللبن، قال ابن حجر: "قوله «لم يأكل الطعام» المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها، فكأن المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال"(8).[/size]
وأما النضح فهو بمعنى الرش، يقول ابن فارس: "النون والضاد والحاء أصل يدل على شيء يُندَّى، وماء يرش. فالنضح: رش الماء. قال أهل اللغة: يقال لكل ما رقَّ: نضح. وهذا هو القياس الذي ذكرناه، لأن الرش رقيق"[size=24](9).[/size]
وقد جاء ذلك مفسراً في روايات أخرى للحديث، وجاء في المعاجم العربية النضح بمعنى الرش الخفيف[size=24](10).[/size]
ويقول الإمام النووي: "ذهب إمام الحرمين والمحققون إلى أن النضح أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا يبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره بخلاف المكاثرة في غيره، فإنه يشترط فيها أن يكون بحيث يجرى بعض الماء ويتقاطر من المحل وإن لم يشترط عصره، وهذا هو الصحيح المختار، ويدل عليه قولها فنضحه ولم يغسله وقوله فرشه أي نضحه والله أعلم"[size=24](11).[/size]
ويقول الخطابي: "النضح: إمرار الماء عليه رفقاً من غير مرس ولا دلك، ومنه قيل للبعير الذي يُستقى عليه: الناضح، والغسل إنما يكون بالمرس والعصر"[size=24](12).[/size]
[size=24]وقد اختلف العلماء في حكم بول الغلام الرضيع وبول الجارية على ثلاثة أقوال:[/size]
1. أنه يكفي النضح في بول الصبي، ولا يكفي في بول الجارية، بل لابد من غسله كسائر النجاسات.
2. أنه يكفي النضح فيهما.
3. لا يكفي النضح فيهما، بل لابد من الغسل.
والصحيح في هذه المسالة هو القول بالتفريق بين بول الغلام وبول الجارية، فيغسل بول الجارية ويرش بول الغلام، وهذا هو الذي جاءت به الأحاديث، قال ابن شهاب: "فمضت السنة أن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية"[size=24](13).[/size]
[size=24]التفريق بين بول الغلام الرضيع وبول الأنثى الرضيعة في ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة:[/size]
كشفت الأبحاث العلمية الحديثة -والتي أجريت في هذا لمجال- عن وجود الفرق بين بول الغلام الرضيع وبين بول الأنثى الرضيعة، ومن تلك الأبحاث البحث الذي أجراه أصيل محمد علي وَأحمد محمد صالح من جامعة دهوك بالعراق، وملخص هذا البحث على النحو التالي:
تمت دراسة نسبة تواجد البكتيريا في بول الأطفال الرضع وحديثي الولادة، حيث تم جمع عينات البول بشكل عشوائي من الأطفال الرضع الذين بلغت أعدادهم 73 طفلاً (35 أنثى و38 ذكراً)، وصنفـوا إلى أربع فئات عمرية؛ دون شهر ومن شهــر إلى شهرين ثم إلى ثلاثة ثم أكثر من ثلاثـة مع تزايد احتمال تناول أطعمة، وجمعت العينات ونقلت مباشرة لتفحص معملياً واستمر العمل لعدة أشهر مع مراعاة أقصى ما يمكن من درجات التعقيم وتجنب التلوث.
واستخدمت طريقة د. هانز كريستيان جرام التي اكتشفها عام 1884م في صبغ البكتريا حيث تكون البنفسجية موجبة الجرام والحمراء سالبة.
واختبرت جميع العينات باختيار حقل مجهري لعد البكتريا بتكبير موحد هو 100 مرة، ووجد أن جميعها سالبة الجرام، وصنفت البكتريا على أنها بكتريا القولون [size=19]Escherichia Coli.[/size]
وقد كانت النتائج على النحو التالي:
أولاً: في الفئة العمرية حتى 30 يوماً كانت نسبة تواجد البكتريا في بول الرضع الإناث 95.44% أكثر من الرضع الذكور؛ حيث بلغ عدد البكتريا في الحقل المجهري لبول الرضع الإناث 41.9 بينما بلغ العدد 2 في نفس الحقل للرضع الذكور.
ثانياً: في الفئة العمرية (من شهر إلى شهرين) كانت نسبـة تواجد البكتريا في بول الرضع الإناث 91.48% أكثر من الرضع الذكور؛ حيث بلغ عدد البكتريا في الحقل المجهري لبول الرضع الإناث 24.1 بينما بلغ العدد 2.25 في حالة الرضع الذكور.
ثالثاً: في الفئة العمرية 2 - 3 شهور كانت نسبـة تواجد البكتريا في بول الرضع الإناث 93.69% أكثر من الرضع الذكور؛ حيث بلغ عدد البكتريا في الحقل المجهري لبول الرضع الإناث 24.1 بينما بلغ العدد 1.6 في حالة الرضع الذكور.
رابعاً: في الفئة العمرية أكثر من 3 شهور كانت نسبة البكتريا في بول الرضع الإناث 69% أكثر من الرضع الذكور؛ حيث بلغ عدد البكتريا في الحقل المجهري لبول الرضع الإناث 13.9 بينما بلغ العدد 6.8 في حالة الرضع الذكور.
ومن المقارنة بين نفس الجنس من الأطفال نلاحظ بأن معدل عدد البكتريا لدى الأنثى يتناقص بتقدم العمر، حيث كان المعدل في الفئة العمرية التي تقل عن الشهر 41.9، أما الفئة العمرية التي تزيد على الثلاثة الأشهر نلاحظ انخفاض المعدل إلى 13.9، على عكس ما تم ملاحظته لدى الذكور؛ حيث كان معدل البكتريا لدى الفئة العمرية التي تقل عن شهرين أقل بكثير من الفئة العمرية التي تجاوزت الثلاثة أشهر (6.8)، ونستدل من هذا بأن معدل البكتريا في الأنثى يكون لديها مرتفعاً منذ الأيام الأولى في عمرها بغض النظر عن تقدم العمر وبغض النظر عما إذا كانت قد بدأت بأخذ الطعام أم لا، أما الذكر فإن تواجد البكتريا يكون أقل بكثير في الأيام الأولى من عمره، وتبدأ هذه النسبة بالتزايد تدريجياً مع مرور الزمن، وخاصة عندما يتجاوز الشهر الثالث من عمره، حيث تزداد احتمالية البدء بتناول الطعام[size=24](14).[/size]
وفي بحث آخر أثبت الدكتور صلاح الدين بدر من خلاله أن هناك فرقاً بين بول الغلام الرضيع وبول الأنثى، وملخص هذا البحث على النحو التالي:
أثبت العلم اليوم أن البول يحتوي على عدد كبير من البكتريا الممرضة، والتي يسبب انتقالها كثيراً من الأمراض الخطيرة، ومن هذه البكتريا:
بكتريا القولون (إيشريشيا كولاي)، والبكتريا العنقودية، والدفتيريا، والبكتريا السبحية، وفطر الكانديدا، وغيرها. ولذلك وجب غسل وتطهير الجسم والملابس من هذا البول حتى لا تحدث إصابة بأحد هذه البكتريا الممرضة.
وأثبت العلم أن بول الطفل الحديث الولادة معقم، ولا يوجد به أي نوع من أنواع البكتريا، ولكنه بعد ذلك يحمل البكتريا، وغالباً ما يكون التلوث بالبكتريا من الجهاز الهضمي.
وأكد الدكتور صلاح الدين في بحثه أن بول الغلام الرضيع الذي يقتصر في غذائه على لبن الأم (اللبن الطبيعي) لا يحتوي على أي نوع من أنواع البكتريا، بينما يحتوي بول الأنثى الرضيعة على بعض أنواع البكتريا، وأرجع ذلك إلى الاختلاف في الجنس، فمجرى البول في الأنثى أقصر من مجرى البول في الذكر، بجانب إفرازات غدة البروستاتا لدى الذكر والتي لها تأثير قاتل للجراثيم، ولذلك لا يحتوي بول الغلام الرضيع - الذي لم يأكل الطعام- على بكتريا ضارة.
ونتيجة للفارق التشريحي للجهاز البولي للأنثى والذكر فإن الأنثى أكثر عرضة للتلوث البكتيري بالمقارنة مع الذكر، فمن السهل انتقال البكتريا إلى المثانة في الأنثى، وخصوصاً تلك البكتريا التي تنتقل من نهاية الجهاز الهضمي وتتعلق بمجرى البول، وغالباً ما تكون تلك البكتريا بكتريا القولون.
وبالنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم يتبين أن بول الأنثى يحتوي على بكتريا تسبب العدوى ومن ثم وجب غسله؛ وذلك للوضع التشريحي لجهازها البولي، وصغر مجرى البول في الأنثى مقارنة بالجهاز البولي عند الذكر.
وقد كشف العلم اليوم أن تغذية الطفل بغير لبن الأم وذلك بالألبان الصناعية أو بأي مكونات غذائية أخرى صناعية كانت أم طبيعية يكون سبباً في تلوث البول؛ حيث إن لبن الأم يمنع تواجد بكتريا القولون في بوله، فهناك بعض السكريات في لبن الأم تمنع من التصاق بكتريا القولون بالخلايا الطلائية في الجهاز البولي؛ مما يؤدي إلى عدم تلوث البول ببكتريا القولون، وبالتالي يكون بوله معقماً[size=24](15).[/size]
[size=24]وجه الإعجاز:[/size]
جاء التفريق بين بول الغلام الرضيع -الذي لم يأكل الطعام- وبين بول الأنثى في السنة المطهرة، فبول الغلام يكتفى فيه بالرش، بينما يتحتم الغسل من بول الأنثى، وليس في هذا الحكم تحيز للذكر على حساب الأنثى؛ فأحكام الشريعة أحكام إلهية، وليس لله تعالى مصلحة في ذلك التفريق.
وإنما التفريق هنا -وفي غيره من مواطن التفريق بين الجنسين- تفريق قائم على فروق في أصل خلقة الذكر والأنثى؛ وذلك ليقوم كل واحد منهما بما أوكل إليه من أعمال وتكاليف في هذه الحياة الدنيا، فكل ميسر لما خلق له، وسبحان الله تعالى [size=24]﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: 50].[/size]
وقد كشفت الأبحاث العلمية الحديثة عن المطابقة التامة بين أحكام الشريعة وبين ما كشف عنه العلم الحديث من فروق بين الذكر والأنثى، ومن تلك الفروق التطهر من بول الغلام الرضيع بالرش، والتطهر من بول الأنثى بالغسل.
ولم يكن عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم معامل ومختبرات يستطيع من خلالها الكشف عن هذا الفرق بين بول الغلام الرضيع والأنثى الرضيعة، وبالتالي فإن العقل السليم يجزم بأن هذا الإخبار من هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ما هو إلا وحي تلقاه من الخالق العليم؛ ليمتثله المؤمنون، وتقوم به الحجة على من كان له عقل رشيد، ويبقى ذلك شاهداً على صلاحية هذه الأحكام لكل زمان ومكان.