نسمة إيمان
عضو مساهم
- رقم العضوية :
- 5222
- البلد/ المدينة :
- تبسة
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة طب
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 132
- نقاط التميز :
- 219
- التَـــسْجِيلْ :
- 04/11/2010
- قلم: أ. عبد القادر خليل الشطلي
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلامعلى إمام المتقين وقدوة الصالحين، وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهمبإحسان إلى يوم الدين وبعد:
مما لا شك فيه أن الأصل في الناس الاختلاف ؛ فالناس مختلفون في أشكالهموألوانهم، وأطوالهم وأجسامهم وعقولهم وأفهامهم وقوتهم وضعفهم، وفقرهموغناهم..... الخ فهذه هي سنة الله في خلقه، وصدق سبحانه حيث قال مؤكداًعلى هذا المعنى بقوله: [ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةًوَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَوَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّجَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ].
ومما هو جدير بالذكر أن الاختلاف في العقول والأفهام يترتب عليه اختلاففي المواقف والآراء، وهذا شيء طبيعي، فقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهمأجمعين في وجود النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته صلى الله عليه وسلموكانت لهم مدارس مختلفة في الفقه، كما اختلف التابعون من بعدهم وكذاالفقهاء والأئمة الأعلام من سلف هذه الأمة ولا يزال العلماء إلى كتابة هذهالسطور يختلفون فيما بينهم في الكثير من مسائل الفقه والفكر والسياسة وغيرذلك من فنون العلم والمعرفة.
ومما هو جدير بالذكر أن الخلاف في الرأي نتج عنه إثراء للفقه والفكرالإسلامي نتيجة لتلاقح الأفكار وتعارك الأفهام، مما جعل هذا الثراء رحمةلهذه الأمة يناسب كافة مستويات البشر وقدراتهم، وهذا هو الأصل في الخلافلا أن يكون سبباً للعداء والخصام والبغضاء والشحناء، وقديماً قيل: "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.. ".
وفي هذا المقام أود أن أؤكد في هذه المقالة القصيرة على النقاط التالية:
1- الاختلاف في الفروع ضرورة ورحمة وسعة وأن كل محاولة لرفع الخلاف فيالفروع على حد تعبير الدكتور يوسف القرضاوي " لا تثمر إلا توسيع دائرةالخلاف وهي محاولة تدل على سذاجة بينة ذلك أن الاختلاف في فهم الأحكامالشرعية ضرورة لا بد منها وإنما أوجب هذه الضرورة طبيعة البشر وطبيعةالدين، وطبيعة اللغة وطبيعة الكون والحياة ".
2- اتباع المنهج الوسط وترك التنطع في الدين فإن ذلك أدعى إلى توحيد الصف وتقريب الشقة وإزالة الجفوة بين المختلفين.
3- التركيز على المحكمات لا المتشابهات مما يعين على الاجتماع والائتلاف ويبعد عن الفرقة والاختلاف.
4- تجنب القطع والإنكار في المسائل الاجتهادية التي تحتمل وجهين أوأكثر وهذا ما قرره علماؤنا الأفاضل حيث جاء عنهم: " لا انكار من أحد علىأحد في المسائل الاجتهادية ".
5- ضرورة الاطلاع على اختلاف العلماء فإن ذلك يساعد على التسامح وتبادل العذر فيما اختلف فيه.
6- تحديد المفاهيم والمصطلحات التي يقع فيها النزاع وبيان مدلولها بدقةووضوح مما يدفع عنها الغموض والاشتباه، لذا كان علماؤنا السابقون يحرصونعلى " تحديد موضع النزاع " في المناظرات والخلافيات حتى لا تنشب معركة علىغير شيء.
7- اشتغال المسلم بهموم أمته الكبرى لأن النفوس إذا فرغت من الهمومالكبيرة اعتركت في المسائل الصغيرة واقتتلت – أحياناً – فيما بينها علىغير شيء، ولا يجمع الناس شيء كما تجمعهم الهموم والمصائب المشتركة، وإن منالخيانة لأمتنا اليوم أن نغرقها في بحر من الجدل حول مسائل في فروع الفقهأو على هامش العقيدة اختلف فيها السابقون، وتنازع فيها اللاحقون ولا أملفي أن يتفق عليها المعاصرون.
8- التعاون في المتفق عليه، فإن التركيز على الأمور الخلافية، والشدةعلى المخالفين، فيما يجوز التساهل فيه هو خلاف ما كان عليه سلف الأمة رضيالله عنهم.
9- التسامح في المختلف فيه، فإذا كان التعاون في المتفق عليه واجباًفأوجب منه هو التسامح في المختلف فيه فلا نتعصب لرأي ضد رأي آخر فيالمسائل الخلافية ولا لمذهب ضد مذهب، ولا لإمام ضد إمام، بل نرفع شعارالتسامح الذي عبر عنه صاحب المنار بقوله: " نتعاون فيما اتفقنا عليه،ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ".
وأخيراً أذكر بأهم آداب الحوار عند الاختلاف والتي تتمثل في النقاط التالية:
1- اختيار الألفاظ المهذبة التي لا تجرح شعور الآخرين ولا تسيء إليهم.
2- أن يستند الحوار إلى المنطق السليم والأدلة الصحيحة.
3- أن يقصد بالحوار الوصول إلى الحقيقة وتحري الصواب بعيداً عن التعصب للرأي،ـ والانقياد للآراء الفاسدة.
4- إفساح المجال للمحاور أن يقول رأيه ويعبر عنه، فالله سبحانه وتعالىلم يمنع إبليس من الحديث والتعبير عما يريد أن يقوله عندما رفض السجودلآدم عليه السلام.
أسأل الله العلي العظيم أن ينفع بهذه الكلمات
وأن تجد لدى شباب الصحوة الإسلامية آذاناً صاغية اللهم آمين
وآخر دعوانا .. أن الحمد لله رب العالمين