عماد الدين علاق
طاقم الكتاب الحصريين
- رقم العضوية :
- 39830
- البلد/ المدينة :
- زريبة الوادي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2299
- نقاط التميز :
- 3257
- التَـــسْجِيلْ :
- 29/03/2012
رواية
امرأة في سجن الرجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقدمة
تتحدث الرواية عن امرأة عاشت حياتها أسيرة في بيت والدها،
معاملة الأب والإخوة الذكور لها، جعلت من ذلك البيت سجنا لا يطاق،
فصارت تحلم وتتمنّى لقاء رجل ينقذها من ذلك السجن،
رجل حرّ يؤمن أنّ المرأة حرّة! و إنسانة تستحق حياة كريمة مثله،
ولكن كيف ستقابله وهي مقيدة بسلاسل من التقاليد والأعراف البالية!
ومربوطة بقوانين غريبة، وضعها الأب وسطرها تاريخ من الجاهلية!
وإن قابلت ذلك الرجل ،هل سيكون كما تخيلته، أم يكون أكثر
قساوة ورعبا من والدها وإخوتها ؟!!
الجزء 1
ولدت نورا في بيت كبير، يشبه القصور، كل شيء فيه متوفر ، للبيت حديقة
واسعة، و محاطة بسياج حديدي، لا يمكن لأحد عبوره بسهولة، سواءً للدخول أو
الخروج ! عاشت نورا هناك سجينة بين البيت ورجاله، فالأب والإخوة الأربعة
جعلوها أسيرة، مقيدة لقوانين وضعوها لها من أول يوم أدركت فيه أنّها أنثى،
سطروا لها بالخط الأحمر حياتها،
وأصدروا لها الأوامر التي لم يكن بإمكانها رفضها،
فالرفض عقوق ..! والنقاش والحوار ، خروج عن الدين! والحرية والخروج من البيت وحدها دون رفيق، فسق وفجور! المكان الوحيد الذي
كانت تجد فيه القليل من الحرية، هو غرفتها الجميلة،
التي كانت تجلس فيها ساعات، تقرأ كتب إخوتها الذكور،
الذين لم يكونوا يبخلون عليها بها، حين تطلبها منهم...
وحين تخرج إلى السوق، يرافقها والدها و أحد إخوتها،
الذين يختارون لها الملابس .. الموديلات ... الألوان .. وحتى الحذاء ..
وإن اعترضت على شيء عنّفوها! فمزاجهم دائما معكر، غريبين،
لا يبتسمون لا يمزحون ولا يضحكون ! جديّين أكثر من اللازم ..!
تمنت نورا أن تتغير حياتها لتعيش بحرية، فصارت تحلم وتتخيل،
فارسا يأتي إلى بيت والدها لطلب يدها للزواج! حتى تتخلص من السجن
الذي تعيش فيه، ولكن كيف؟! فهي لا تخرج من البيت إلاّ للضرورة القصوى ومع
إخوتها، لا تستطيع الحراك سنتيمترا واحدا خارج السياج الحديدي الذي وضعه
والدها! و أمّها رحلت من الدنيا بسب القهر، والبؤس، والحرمان العاطفي، الذي
عاشت فيه في ذلك البيت الكئيب ...
مرت شهور و سنين، صارت نورا في عمر الثامنة والعشرين،
جميلة ، فاتنة ، ببساطة تحولت إلى امرأة، لكن في سجن والدها!
الذي ملّت منه، وسئمت من انتظار وصول الفارس الذي تأخر ولم
يأتي لإنقاذها! تعبت من قراءة قصص الغرام والحب!
كانت تأخذ تلك القصص خلسة من أخيها الصغير...
صار عالمها الوحيد _هو الخيال ، الذي بنت فيه بيتا صغيرا
لها ولزوج يقدرها ويحترمها ويحبها بلا قيود! بلا خطوط حمراء وخضراء، فالحب المُقَيد للحرية والحياة_ لا تريده! يكفيها حب والدها،
الذي يقول لها إنّ كل القيود التي قيدت بها، هي تعبير عن حب
ومودة بها! وأنّ ذاك الحب الآخر الذي تقرأ عنه في الكتب والقصص، هو حب محرم ! لا وجود له في حياة الشرفاء الأتقياء!
لكن كلام والدها لم يكن مقنعا، كانت تسمعه، لكنّها لم تهتم به،
لم تطبقه على خيالها الذي كان يبحر بعيدًا إلى بلاد عجيبة،
فيه رجال مختلفون، أحرار من الأفكار الجاهلية!
وهناك تلتقي بحبيبها، الذي يحملها بين يديه إلى الجنة الموعودة!
لتعيش حياتها في نعيم وسلام أبدي ..!
بلا قيد إلى أن تموت حرة كما ولدت حرة .
ذات مرة ، في واقعها المرير سمعت الجرس يرن، فذهبت لفتح الباب،
لأنّ إخوتها كانوا خارج البيت، أمّا أبوها فكان في غرفته نائما،
و لمّا فتحت الباب، تفاجأة بما رأت ..!
رأت شابا وسيما يقف أمامها! لم تدري ما تفعل، صارت تحدق به،
كأنها أول مرة ترى في حيّاتها شابا ..! حيّاها الشاب قائلا:
_ السلام عليكم ..
احمرت خجلا وردت عليه..
_ وعليكم السلام ..
_ أ أخوك سالم موجود ؟
_ إنّه ... غير..
وقبل أن تكمل، أغمي عليها، لمّا رآها الشاب في تلك الحال،
حملها وأدخلها البيت، وضعها فوق الأريكة وصار ينادي
ويصرخ قائلا:
_ سالم .... سالم أين أنت؟!
لكن سالم لم يكن في البيت، فمن سيسمع صراخه غير الأب !
حين أدرك الشاب أنّ لا أحد هناك، صار يبحث عن كوب
ماء داخل البيت، وبدأ يتجول في المكان كالمجنون،
باحثا عن المطبخ ليصطدم فجأة بالأب! صرخ الأب قائلا:
_ من أنت؟!! كيف دخلت البيت ؟!
رد الشاب قائلا:
_ ألا تذكرني يا سيدي الحاج ؟! أنا علي ...!
صديق سالم ! وابنتك فتحت لي الباب ...
صرخ الأب قائلا:
_ ابنتي نورا فتحت لكي الباب .!! لا ... لا .. لا يمكن !
_ بلى .. وهي الآن مستلقية على الأريكة و.......
حين سمع الأب تلك الجملة.. قفز من مكانه مسرعا إلى الصالة،
ليجد نورا قد أفاقت من الإغماء، جالسة_ تحاول استعادة
شريط الحادث العجيب الذي مرّ عليها!
لكنّ والدها قطع ذلك الشريط قبل أن يكتمل ..! صدمت حين رأته،
وقفت مرعوبة، صارت تعبث بأصابع يدها، ترتجف من الخوف!
ألقت بنظرها على قدمي والدها، منتظرة أن يحركهما نحوها !!
لكن الأب لم يتحرك، بقي مكانه، فهم علي أنّ هناك شيئا ما
بين الأب والابنة!
فقاطع الصمت الغريب بينهما قائلا :
_ لم أكن أعلم أنّ لسالم أخت، سيدي الحاج .. اعذرني لقد أخفتها!
فصوتي خشن، والجميع يقولون لي إنّ صوتك مخيف .. !!
ابتسمت نورا، فصرخ والدها قائلا:
_أو تضحكين..!! لقد فضحتيني، اذهبي إلى المطبخ وأعدي لنا الشاي،
هيا تحركي ....!
ذهبت نورا إلى المطبخ لإعداد الشاي، وهي لا تصدق أن فتى
أحلامها قد وصل أخيرا بعد طول انتظار ..!
وعندما غادر علي، نادى عليها والدها قائلا:
_ نورا تعالي ..
وقفت أمامه فقال لها:
_ اسمعي، أنت معاقبة، لن تغادري غرفتك إلاّ بعد أسبوع..
أ هذا واضح ؟!
لم ترد عليه فصرخ قائلا:
_ واضح يا بنت...
_ سمعا وطاعة..!
وقال لإخوتها...
_ وأنتم ..! إيّاكم أن تتركوها تخرج من الغرفة حين أكون خارجا،
إلاّ لإعداد الطعام، والذهاب للحمام لا أقل ولا أكثر ..!!
دخلت نورا غرفتها التي تحولت إلى زنزانة، وأصبحت سجينة فيها،
لا تغادرها إلاّ بأمر من والدها، صارت مقيدة بين أربع جدران،
لكنّ أحلامها الخيالية، كانت تخرجها من تلك الزنزانة وتأخذها بعيدا..
فمنذ أن رأت علي، صارت تحلم به، تحولت إلى حالمة تطير
في الهواء بخيالها مع فتاها علي! الذي دقّ قلبها من أول نظرة،
شعرت بما يسمّى الحب من أول نظرة! إن كان ذلك هو الحب !
فقد أحست به..!! واشتعلت نار الأمنيات في أعماقها،
فتمنّت وتمنت لقاءه مرة أخرى، والزواج به لما لا ...!!
وعلي أيضا أعجب بها، فهي امرأة كاملة، أنثى لم تفترسها
العيون بعد ! سوى عيناه ! فحين رآها كانت ترتدي فستانا جميلا،
يبدي مفاتنها، كما أنّه رأى لون شعرها الأسود، الذي لم يره أحدا غيره! صار علي منذ ذلك اليوم يسأل سالم عنها قائلا:
_ما اسم أختك ؟!! كم عمرها ؟! ما مستواها التعليمي ؟!!
و ما ......وما.....
فغضب سالم قائلا :
_ إن كنت تنوي الزواج بأختي فأهلا وسهلا ، تعال إلى بيتنا
وكلّم والدي، و سيجيب عن أسئلتك كلها، وإن كنت تسأل فحسب ! أنصحك بأن لا تسأل هذا النوع من الأسئلة، لأنّني
لا أرضى بذلك......
بعد أن انقضى الأسبوع ، أصدر الأب مرسوما يعفي نورا
من العقوبة، وصار يطلب منها الجلوس بالقرب منه،
يحدثها ويسألها أسئلة غريبة عن الزواج والأسرة!
لم تفهم شيئا، ذات مرّة قال لها:
_ نورا... لقد تقدم شاب للزواج بك، فهل تقبلين ؟!!
تسارعت دقات قلبها، انقطعت أنفاسها، وقالت في نفسها، شاب!
أترى من يكون ؟؟!!
أهو .. أهو علي ؟ أم شبح ؟! كابوس ..! له أوصاف شخصية
والدي وإخوتي! يسجنني حتى الموت ، آه .. يا الله !
لا تحكم علي بالتعاسة طوال حياتي، أنا إنسانة، عاشقة الحرية،
عاشقة الفرح والسعادة! ارحمني يا الله ...
ارحمني من العذاب، والبؤس والحرمان الذي عاشت فيه أمّي ....
قاطع والدها الحديث الذي خنقها وتمنت يوما ما، أن تخرجه من داخلها،
لتصرخ و تتكلم مثله، كي يسمع صوتها وصراخها الذي أحرق عروقها،
لكن هيهات، بقيت الكلمات تقطع أوصالها من الداخل،
وصراخها تحول إلى شرارة، انطفأت بصمتها المعتاد .....
_ قولي ما رأيك !؟ فأنا وافقت ! إنّه شاب متزن، متدين ، محترم ..م ...
تقريبا يشبه إخوتك !! وغدا سيحضر خالته لتتعرف عليك،
المسكين يتيم مثلك، و أبوه يقيم في بلاد المهجر...
حين سمعت هذا الكلام ، كادت أن تنفجر، احمرت واصفرت،
و لولا سالم الذي هنّأها لانهارت، حيث قال لها:
_ مبارك أختي، ستتزوجين صديقي علي ! إنّه شاب رائع ،
سيقدرك ويجعلك أميرة في بيته!
لمّا سمعت تلك الكلمات، عادت إليها أنفاسها، وصار الدم يجري
في عروقها بعد أن تجمّد للحظات، ولونها الطبيعي الأبيض
عاد إليها، أحست في تلك اللحظة، أن الدنيا أخذتها بالأحضان،
وأنّ دعاءها قد استجاب، فقامت من مكان جلوسها استحياءًا،
وهمّت بالذهاب إلى غرفتها فقال لها أبوها :
_ ما بك قمت دون استئذان ؟
قال له سالم :
_دعها يا أبي؛ لقد استحت ممّا قلتُ لها.....!
دخلت نورا غرفتها وصارت تفكر، وتتساءل: كيف حدث هذا ؟!
أ أعجب بي من أول لقاء ؟!!
أ يحبني ... ! و من أول نظرة ؟! أم أنّ والدي طلب منه
الزواج بي، مرغما لا راغبا بي؟!
كيف سأعرف إن كانت رغبته هو وليس قرار والدي؟!
الحقيقة _أنّ نورا لم تكن على خطأ، فوالدها ذات يوم،
أخذ عليا جانبا، بعيدا عن عيون إخوتها، وقال له :
_ اسمع يا بني ! لقد قرأت شيئا ما في عيناك يدل على إعجابك ببنتي!
وأنا لن أجد زوجا أفضل منك لها، فهي امرأة كاملة الأخلاق
والأوصاف، لم تعش تلك الخزعبلات التي يعيشها الشباب
والبنات اليوم! إنّها مختلفة، تقيّة ونقيّة العقل والنفس،
لم تلوثها المشاهد الخليعة التي تظهر على الشاشات!
لأنّي أخذت التليفزيون إلى غرفتي لأشاهد الأخبار!
ولأتابع الكوارث في بلاد الإخوة، كي أتضامن معهم بقلبي
وبقليل من الدموع من حين إلى آخر ..!
ابنتي نورا_ تجلس في غرفتها تطالع الكتب المفيدة ..!!
التي تجعل منها عالمة، ومفكرة وإنسانة صالحة!
وأيضا طاهية ماهرة، كما أنّها مطيعة لن تعصي لك أمرا أبدا!
حين سمع علي الخطبة التي ألقاها الأب، لم يستطع النطق،
أعلن القبول والموافقة على العروس النّادرة في عصرنا!
وتحولت في نظره، إلى كعكة يتمنى تناولها اليوم قبل الغد!
وتمنّى التعرف عليها أكثر، لكنّ الأب قال له :
_ رأيتها من قبل، وأي مقابلة أخرى، لن تكون إلاّ بعد عقد الزواج إن شاء الله ...
يتبع ....
امرأة في سجن الرجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقدمة
تتحدث الرواية عن امرأة عاشت حياتها أسيرة في بيت والدها،
معاملة الأب والإخوة الذكور لها، جعلت من ذلك البيت سجنا لا يطاق،
فصارت تحلم وتتمنّى لقاء رجل ينقذها من ذلك السجن،
رجل حرّ يؤمن أنّ المرأة حرّة! و إنسانة تستحق حياة كريمة مثله،
ولكن كيف ستقابله وهي مقيدة بسلاسل من التقاليد والأعراف البالية!
ومربوطة بقوانين غريبة، وضعها الأب وسطرها تاريخ من الجاهلية!
وإن قابلت ذلك الرجل ،هل سيكون كما تخيلته، أم يكون أكثر
قساوة ورعبا من والدها وإخوتها ؟!!
الجزء 1
ولدت نورا في بيت كبير، يشبه القصور، كل شيء فيه متوفر ، للبيت حديقة
واسعة، و محاطة بسياج حديدي، لا يمكن لأحد عبوره بسهولة، سواءً للدخول أو
الخروج ! عاشت نورا هناك سجينة بين البيت ورجاله، فالأب والإخوة الأربعة
جعلوها أسيرة، مقيدة لقوانين وضعوها لها من أول يوم أدركت فيه أنّها أنثى،
سطروا لها بالخط الأحمر حياتها،
وأصدروا لها الأوامر التي لم يكن بإمكانها رفضها،
فالرفض عقوق ..! والنقاش والحوار ، خروج عن الدين! والحرية والخروج من البيت وحدها دون رفيق، فسق وفجور! المكان الوحيد الذي
كانت تجد فيه القليل من الحرية، هو غرفتها الجميلة،
التي كانت تجلس فيها ساعات، تقرأ كتب إخوتها الذكور،
الذين لم يكونوا يبخلون عليها بها، حين تطلبها منهم...
وحين تخرج إلى السوق، يرافقها والدها و أحد إخوتها،
الذين يختارون لها الملابس .. الموديلات ... الألوان .. وحتى الحذاء ..
وإن اعترضت على شيء عنّفوها! فمزاجهم دائما معكر، غريبين،
لا يبتسمون لا يمزحون ولا يضحكون ! جديّين أكثر من اللازم ..!
تمنت نورا أن تتغير حياتها لتعيش بحرية، فصارت تحلم وتتخيل،
فارسا يأتي إلى بيت والدها لطلب يدها للزواج! حتى تتخلص من السجن
الذي تعيش فيه، ولكن كيف؟! فهي لا تخرج من البيت إلاّ للضرورة القصوى ومع
إخوتها، لا تستطيع الحراك سنتيمترا واحدا خارج السياج الحديدي الذي وضعه
والدها! و أمّها رحلت من الدنيا بسب القهر، والبؤس، والحرمان العاطفي، الذي
عاشت فيه في ذلك البيت الكئيب ...
مرت شهور و سنين، صارت نورا في عمر الثامنة والعشرين،
جميلة ، فاتنة ، ببساطة تحولت إلى امرأة، لكن في سجن والدها!
الذي ملّت منه، وسئمت من انتظار وصول الفارس الذي تأخر ولم
يأتي لإنقاذها! تعبت من قراءة قصص الغرام والحب!
كانت تأخذ تلك القصص خلسة من أخيها الصغير...
صار عالمها الوحيد _هو الخيال ، الذي بنت فيه بيتا صغيرا
لها ولزوج يقدرها ويحترمها ويحبها بلا قيود! بلا خطوط حمراء وخضراء، فالحب المُقَيد للحرية والحياة_ لا تريده! يكفيها حب والدها،
الذي يقول لها إنّ كل القيود التي قيدت بها، هي تعبير عن حب
ومودة بها! وأنّ ذاك الحب الآخر الذي تقرأ عنه في الكتب والقصص، هو حب محرم ! لا وجود له في حياة الشرفاء الأتقياء!
لكن كلام والدها لم يكن مقنعا، كانت تسمعه، لكنّها لم تهتم به،
لم تطبقه على خيالها الذي كان يبحر بعيدًا إلى بلاد عجيبة،
فيه رجال مختلفون، أحرار من الأفكار الجاهلية!
وهناك تلتقي بحبيبها، الذي يحملها بين يديه إلى الجنة الموعودة!
لتعيش حياتها في نعيم وسلام أبدي ..!
بلا قيد إلى أن تموت حرة كما ولدت حرة .
ذات مرة ، في واقعها المرير سمعت الجرس يرن، فذهبت لفتح الباب،
لأنّ إخوتها كانوا خارج البيت، أمّا أبوها فكان في غرفته نائما،
و لمّا فتحت الباب، تفاجأة بما رأت ..!
رأت شابا وسيما يقف أمامها! لم تدري ما تفعل، صارت تحدق به،
كأنها أول مرة ترى في حيّاتها شابا ..! حيّاها الشاب قائلا:
_ السلام عليكم ..
احمرت خجلا وردت عليه..
_ وعليكم السلام ..
_ أ أخوك سالم موجود ؟
_ إنّه ... غير..
وقبل أن تكمل، أغمي عليها، لمّا رآها الشاب في تلك الحال،
حملها وأدخلها البيت، وضعها فوق الأريكة وصار ينادي
ويصرخ قائلا:
_ سالم .... سالم أين أنت؟!
لكن سالم لم يكن في البيت، فمن سيسمع صراخه غير الأب !
حين أدرك الشاب أنّ لا أحد هناك، صار يبحث عن كوب
ماء داخل البيت، وبدأ يتجول في المكان كالمجنون،
باحثا عن المطبخ ليصطدم فجأة بالأب! صرخ الأب قائلا:
_ من أنت؟!! كيف دخلت البيت ؟!
رد الشاب قائلا:
_ ألا تذكرني يا سيدي الحاج ؟! أنا علي ...!
صديق سالم ! وابنتك فتحت لي الباب ...
صرخ الأب قائلا:
_ ابنتي نورا فتحت لكي الباب .!! لا ... لا .. لا يمكن !
_ بلى .. وهي الآن مستلقية على الأريكة و.......
حين سمع الأب تلك الجملة.. قفز من مكانه مسرعا إلى الصالة،
ليجد نورا قد أفاقت من الإغماء، جالسة_ تحاول استعادة
شريط الحادث العجيب الذي مرّ عليها!
لكنّ والدها قطع ذلك الشريط قبل أن يكتمل ..! صدمت حين رأته،
وقفت مرعوبة، صارت تعبث بأصابع يدها، ترتجف من الخوف!
ألقت بنظرها على قدمي والدها، منتظرة أن يحركهما نحوها !!
لكن الأب لم يتحرك، بقي مكانه، فهم علي أنّ هناك شيئا ما
بين الأب والابنة!
فقاطع الصمت الغريب بينهما قائلا :
_ لم أكن أعلم أنّ لسالم أخت، سيدي الحاج .. اعذرني لقد أخفتها!
فصوتي خشن، والجميع يقولون لي إنّ صوتك مخيف .. !!
ابتسمت نورا، فصرخ والدها قائلا:
_أو تضحكين..!! لقد فضحتيني، اذهبي إلى المطبخ وأعدي لنا الشاي،
هيا تحركي ....!
ذهبت نورا إلى المطبخ لإعداد الشاي، وهي لا تصدق أن فتى
أحلامها قد وصل أخيرا بعد طول انتظار ..!
وعندما غادر علي، نادى عليها والدها قائلا:
_ نورا تعالي ..
وقفت أمامه فقال لها:
_ اسمعي، أنت معاقبة، لن تغادري غرفتك إلاّ بعد أسبوع..
أ هذا واضح ؟!
لم ترد عليه فصرخ قائلا:
_ واضح يا بنت...
_ سمعا وطاعة..!
وقال لإخوتها...
_ وأنتم ..! إيّاكم أن تتركوها تخرج من الغرفة حين أكون خارجا،
إلاّ لإعداد الطعام، والذهاب للحمام لا أقل ولا أكثر ..!!
دخلت نورا غرفتها التي تحولت إلى زنزانة، وأصبحت سجينة فيها،
لا تغادرها إلاّ بأمر من والدها، صارت مقيدة بين أربع جدران،
لكنّ أحلامها الخيالية، كانت تخرجها من تلك الزنزانة وتأخذها بعيدا..
فمنذ أن رأت علي، صارت تحلم به، تحولت إلى حالمة تطير
في الهواء بخيالها مع فتاها علي! الذي دقّ قلبها من أول نظرة،
شعرت بما يسمّى الحب من أول نظرة! إن كان ذلك هو الحب !
فقد أحست به..!! واشتعلت نار الأمنيات في أعماقها،
فتمنّت وتمنت لقاءه مرة أخرى، والزواج به لما لا ...!!
وعلي أيضا أعجب بها، فهي امرأة كاملة، أنثى لم تفترسها
العيون بعد ! سوى عيناه ! فحين رآها كانت ترتدي فستانا جميلا،
يبدي مفاتنها، كما أنّه رأى لون شعرها الأسود، الذي لم يره أحدا غيره! صار علي منذ ذلك اليوم يسأل سالم عنها قائلا:
_ما اسم أختك ؟!! كم عمرها ؟! ما مستواها التعليمي ؟!!
و ما ......وما.....
فغضب سالم قائلا :
_ إن كنت تنوي الزواج بأختي فأهلا وسهلا ، تعال إلى بيتنا
وكلّم والدي، و سيجيب عن أسئلتك كلها، وإن كنت تسأل فحسب ! أنصحك بأن لا تسأل هذا النوع من الأسئلة، لأنّني
لا أرضى بذلك......
بعد أن انقضى الأسبوع ، أصدر الأب مرسوما يعفي نورا
من العقوبة، وصار يطلب منها الجلوس بالقرب منه،
يحدثها ويسألها أسئلة غريبة عن الزواج والأسرة!
لم تفهم شيئا، ذات مرّة قال لها:
_ نورا... لقد تقدم شاب للزواج بك، فهل تقبلين ؟!!
تسارعت دقات قلبها، انقطعت أنفاسها، وقالت في نفسها، شاب!
أترى من يكون ؟؟!!
أهو .. أهو علي ؟ أم شبح ؟! كابوس ..! له أوصاف شخصية
والدي وإخوتي! يسجنني حتى الموت ، آه .. يا الله !
لا تحكم علي بالتعاسة طوال حياتي، أنا إنسانة، عاشقة الحرية،
عاشقة الفرح والسعادة! ارحمني يا الله ...
ارحمني من العذاب، والبؤس والحرمان الذي عاشت فيه أمّي ....
قاطع والدها الحديث الذي خنقها وتمنت يوما ما، أن تخرجه من داخلها،
لتصرخ و تتكلم مثله، كي يسمع صوتها وصراخها الذي أحرق عروقها،
لكن هيهات، بقيت الكلمات تقطع أوصالها من الداخل،
وصراخها تحول إلى شرارة، انطفأت بصمتها المعتاد .....
_ قولي ما رأيك !؟ فأنا وافقت ! إنّه شاب متزن، متدين ، محترم ..م ...
تقريبا يشبه إخوتك !! وغدا سيحضر خالته لتتعرف عليك،
المسكين يتيم مثلك، و أبوه يقيم في بلاد المهجر...
حين سمعت هذا الكلام ، كادت أن تنفجر، احمرت واصفرت،
و لولا سالم الذي هنّأها لانهارت، حيث قال لها:
_ مبارك أختي، ستتزوجين صديقي علي ! إنّه شاب رائع ،
سيقدرك ويجعلك أميرة في بيته!
لمّا سمعت تلك الكلمات، عادت إليها أنفاسها، وصار الدم يجري
في عروقها بعد أن تجمّد للحظات، ولونها الطبيعي الأبيض
عاد إليها، أحست في تلك اللحظة، أن الدنيا أخذتها بالأحضان،
وأنّ دعاءها قد استجاب، فقامت من مكان جلوسها استحياءًا،
وهمّت بالذهاب إلى غرفتها فقال لها أبوها :
_ ما بك قمت دون استئذان ؟
قال له سالم :
_دعها يا أبي؛ لقد استحت ممّا قلتُ لها.....!
دخلت نورا غرفتها وصارت تفكر، وتتساءل: كيف حدث هذا ؟!
أ أعجب بي من أول لقاء ؟!!
أ يحبني ... ! و من أول نظرة ؟! أم أنّ والدي طلب منه
الزواج بي، مرغما لا راغبا بي؟!
كيف سأعرف إن كانت رغبته هو وليس قرار والدي؟!
الحقيقة _أنّ نورا لم تكن على خطأ، فوالدها ذات يوم،
أخذ عليا جانبا، بعيدا عن عيون إخوتها، وقال له :
_ اسمع يا بني ! لقد قرأت شيئا ما في عيناك يدل على إعجابك ببنتي!
وأنا لن أجد زوجا أفضل منك لها، فهي امرأة كاملة الأخلاق
والأوصاف، لم تعش تلك الخزعبلات التي يعيشها الشباب
والبنات اليوم! إنّها مختلفة، تقيّة ونقيّة العقل والنفس،
لم تلوثها المشاهد الخليعة التي تظهر على الشاشات!
لأنّي أخذت التليفزيون إلى غرفتي لأشاهد الأخبار!
ولأتابع الكوارث في بلاد الإخوة، كي أتضامن معهم بقلبي
وبقليل من الدموع من حين إلى آخر ..!
ابنتي نورا_ تجلس في غرفتها تطالع الكتب المفيدة ..!!
التي تجعل منها عالمة، ومفكرة وإنسانة صالحة!
وأيضا طاهية ماهرة، كما أنّها مطيعة لن تعصي لك أمرا أبدا!
حين سمع علي الخطبة التي ألقاها الأب، لم يستطع النطق،
أعلن القبول والموافقة على العروس النّادرة في عصرنا!
وتحولت في نظره، إلى كعكة يتمنى تناولها اليوم قبل الغد!
وتمنّى التعرف عليها أكثر، لكنّ الأب قال له :
_ رأيتها من قبل، وأي مقابلة أخرى، لن تكون إلاّ بعد عقد الزواج إن شاء الله ...
يتبع ....