عماد الدين علاق
طاقم الكتاب الحصريين
- رقم العضوية :
- 39830
- البلد/ المدينة :
- زريبة الوادي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2299
- نقاط التميز :
- 3257
- التَـــسْجِيلْ :
- 29/03/2012
الجزء 2
في اليوم الذي عقد الزواج أحست نورا بمشاعر مختلفة ،السعادة ، الفرح ،
الحب ، وكل شيء جميل ، وحين قابلت علي لم تتمالك نفسها فسألته قائلة : هل
هذا قرارك أم قرار
والدي !؟ فهم قصدها فردّ قائلا : إنّه قراري، فأنا معجب بك ...! لكن والدها
حضر وقطع حديثهما قائلا :اسمعا _ حفل الزفاف بعد أسبوع ، جهزا نفسيكما
،ثمّ تركهما مع سالم، الذي جلس بينهما
يراقب الوضع كما وصّاه أبوه قائلا : اجلس معهما ، ما من خلوة قبل الزفاف ... !
وهكذا فإنّ نورا لم تسمح لها الظروف، لتتحدث إلى علي بحرية، فكان كلامها
مقيدا بحضور الأخ المراقب ، الذي كان يرمقها بنظره ،ويرميها بسهام من
الكلمات كي يقطع حديثا لم يعجبه ،ولمّا ملّت من ذلك، قامت إلى غرفتها ،
حملت هاتفها الخلوي، وصارت ترسل لعلي رسائل سرية ،بعيدا عن عيون الأب
والأخوة ...
حل يوم الزفاف ، ارتدت نورا فستانها الأبيض ، جلست مع العائلة، منتظرة وصول
حبيبها علي، فتى أحلامها ،بدتْ بأبهى حلّة ، كملكة ستتوج على عرش قلب رجل ،
أو إمبراطورة
ذاهبة إلى قلعتها ،لتتولى الحكم بعد أن تخلصت من قيود العبودية والاستعمار
في بيت والدها! الذي كان سجنا من القرون البائدة ، لم تكن نورا تتحدث عن
سعادتها ،ولم تبدي أي اهتمام بمن
يحيطون بها ،فالفرح والسرور جعلاها تشع نورا ، وكلمات الترحيب ،كانت تتقاطر
من عينيها، وابتسامتها ،كانت أغنية بلا صوت أطربت بها المدعوين ...!
لكنّ لحظات الحلم الجميل الذي كانت تعيشه لم يدم طويلا ، ساعات قليلة من
الوهم والسعادة ،إلى أن انكشف أمر خطير ... علي رحل !!! لم يعد موجودا
بيننا !! هذه كلمات نطق بها الأب الذي دخل البيت مثل طائر جريح ، سقط من
جبل ما ... لم تفهم نورا شيء ممّا قال، فوقفت وصارت تسأله قائلة : كيف
رحل؟؟؟!! أقرر أن يتركني في آخر لحظة ؟! ولكن لما ؟ قل يا أبي لما تركني ؟!
دخل سالم البيت، اقترب منها و قال : آه عليك يا أختي! لقد صرت أرملة يوم
زفافك ، وماذا أقول لك : لقد مات حرقا في بيته ! وتمّ دفنه قبل لحظات، أنا
ووالدي حضرنا الجنازة ..!!!
صرخت نورا قائلة: هذا كذب ،لقد تحدثت معه ليلة أمس ، أنتم لا تريدون أن
أحيى بحرية ،أنتم تريدون سجني حتى الموت ..لا ..لن أقبل بهذا، سأذهب إليه
بنفسي ...
رد سالم قائلا: للأسف هذا ما حدث ، لقد مات ،وأنت صرت أرملة ، صدقي أو لا تصدقي ،والآن اذهبي واخلعي ذلك الفستان .
دخلت نورا غرفتها ، رمت بالفستان على الأرض ،وصارت تصرخ .. لا .. لا حبيبي
علي لم يمت ، لم يمت إنّه حيّ في مكان ما ، ثمّ سقطت مغشيا، سمع الأب
صراخها وصوتها
لأول مرة في حياته ،فأسرع الى غرفتها ليجدها غائبة عن الوعي ، أخذها للمشفى
.. لتبقى هناك لأيامٍ في حالة لم يفهمها الأب ، الإكتئاب ،الضياع ، الأسى،
و هذا كله لفقدان الحبيب ...!
عادت نورا الى سجنها، والى غرفتها التي تحولت الى ملجئ تقبع فيه وحيدة
مكسورة ،تائهة بين الواقع الذي تعيشه وبين الحلم الذي ضاع وانكسر ، حلم
الحياة السعيدة في بيت الحبيب ..!
استلقت على سريرها، تذرف الدموع حتى بلّلت وسادتها فرمتها على الأرض ثمّ
أخذت وسادة أخرى لتبلّلها ، وما عساها أن تفعل ،فقد فقدت آخر أمل كاد أن
يتحقق لولا القدر ....
مرت شهور على نورا وهي في حالة الإكتئاب ، ولم يخرجها من تلك الحالة إلاّ
والدها الذي قال لها ذات يوم إنّ الحاج مراد قد تقدم لخطبتك وأنا وافقت ،
وزواجك به سيكون بعد ثلاثة أيام ...
حركت رأسها وكأنّ الأمر لم يعد يهمّها، و قال لها محاولا شرح سبب موافقته
قائلا: اسمعي يا ابنتي ! إنّ الحاج مراد يبلغ من العمر خمسون سنة وقد سبق
أن طلبك للزواج قبل سنوات ،
لكنني رفضت يومئذ ، و اليوم _ وافقت لأنّني مدين له بملايين الدراهم، فقط
من أجل ذلك وافقت...! فلا يمكنني بيع البيت لدفع الديون، لأنّه الشيء
الوحيد الذي بقي لنا بعد أن خسرت الشركة وكل شيء ، سكت
الأب قليلا ثمّ قال: لا تخافي سأرعاك دائما، لقد اشترطت عليه أن تقيما معنا
في هذا البيت ، لن تبتعدي عن عيني يا ابنتي ! رسمت نورا ابتسامة صفراء على
وجهها و قالت في نفسها
سجن وزوج في الخمسين معادلة صعبة ...!!!
في يوم زفافها الثاني ارتدَت نورا فستانا عاديا ،لم تبالي بنفسها كثيرا،
جلست في غرفتها تنتظر مراد زوجها الثاني الذي لم تكن تعرف عنه إلاّ القليل
،عمره تعدّى الخمسين.. مطلق وله مال
كثير وشكله عادي لا يختلف كثيرا عن حبيبها علي ،سوى في ملامح الوجه ...
تعبت نورا من الجلوس فاستلقت على السرير، أخذها النّعاس فغطّت في نوم عميق ،
سمعت صوتا غريبا يهمس في أذنها قائلا :نورا أنا علي .... أنا هنا .. لقد
عدت من أجلك ! أفيقي هيا افتحي عينيك !
لم تستوعب ما سمعت، ظنّت أنّه حلم جميل ،لأنّ صدى صوت علي بقي في ذاكرتها
،يدغدغ عقلها من حين إلى آخر ، فتحت عيناها فإذ بها تُفاجأ !! فالرجل الذي
يقف أمامها هو مراد، لكنّ الصوت،
صوت علي ، لم تستوعب ما رأت وما سمعت، فقامت من السرير، وقفت تنظر إلى الرجل الذي لم تعرف من يكون قائلة :من أنت !!؟
_ أنا علي ..
_ هل تمزح ... !!!
_ على العكس تماما أقول لكي الحقيقة ، أنا علي ...!
_ أتريد أن تصيبني بالجنون ؟!! ما أراه أمامي هو مراد ...
_ بلى ، شكلا أنت على حقّ لكن صوتي .. ألا تذكرين نبرته!؟
_ بلى والله إنّه صوتك ولكن .. لم أفهم ؟!!
_ أتذكرين حين التقينا أول مرة عندما فتحت لي باب البيت ،أغمي عليك ..و ... روى لها تفاصيل ما حدث في أول لقاء عند باب القصر
ابتسمت وقالت : أجل كل ما قلته حدث ولكن .. وجهك ؟؟!
_ لقد وضعت قناعا على وجهي يشبه شكل وجه مراد الشرير ...
_ اخلعه ..أريد أن أرى وجهك ..!!!
_ لا يمكنني ذلك، فوجهي احترق إبّان الحريق الرهيب في بيتي ..
_ لا يهم أريد أن أراه ...
_ لا أستطيع لا أريد أن أخيفك ...!!
_ لن تخيفني ... أرجوك اخلع القناع ....
_ أتعدينني أن لا تشمئزي منّي ،ولا تصرخي حتى لا يسمعك أبوك؟!
_ أعدك ..
خلع علي القناع و قال: انظري ما فعله بي ..
مسكته نورا من يده قائلة :آه .. من فعل هذا بك ؟؟!!
_ لن أقول لك الليلة أيّ شيء، لكن في الصباح سأخبرك القصة ...
_ لما لا ؟ لما لا تخبرني الآن ؟!
_ لأنّني لا أريد أن أضيع هذه الليلة الجميلة في الكلام على ما مضى ..
_ وماذا عن مراد إن أتى إلى هنا .. ماذا سنفعل ؟!
_ لن يعود أبدا ، لذا لا تزعجي نفسك بالتفكير به...
_ وكيف لا أفكر به ؟؟!
تمتم ساخرا : لأنّه رحل إلى الابد ! رحل ولن يعود ، لن يأتي ...!
أمسك بها وردد قائلا: لن يزعجنا الليلة أحدا ..وعد منّي ..
ضحكت نورا قائلة: أحقا ما تقول ؟؟
حرك علي رأسه ضاحكا ....
_تعالي ننسى ولو للحظات من نحن حبيبتي ...
مرت الليلة على نورا وكأنّها حلم من أحلامها القديمة، وخيالا تمنّت حدوثه
ولو للحظات قصيرة ...وفي الصباح حين فتحت عينيها وجدت علي بوجهه الذي يشبه
المسخ ،نائما بالقرب منها،
أحست بالغثيان فقامت الى الحمّام ، أحس بها علي فاستيقظ من نومه مفزوعا
وقام يبحث عن القناع ،ولمّا وجده ،أسرع لوضعه على وجهه ، خرجت نورا من
الحمام ولمّا رأته سألته ..
_ألن تتخلص من ذلك القناع ؟؟
_ ولما أتخلص منه ؟! هذا القناع _ دفعت مالا كثيرا للحصول عليه ، لقد صار
عالمي اليوم ، أصبحت مراد في نظر النّاس به ، لذا لا يمكنني التخلص منه
أبدا ..
_ ولكن كيف ؟ ألن تخبر والدي بأنّك حي ؟ أتقصد أنّك ستعيش معي على أنك مراد ؟؟!! هذا أمر مستحيل ... !!
_ بلى .. فهذا هو الحل الوحيد ،أن أكون مراد ! أمسك بها من يدها وقال لها
اجلسي ، سأشرح لك كل ما حدث فقد وعدتك ، جلسا على السرير .. وقال: اسمعي يا
نورا ! ما سأقوله لك
لا يعرفه أحدا سوى طبيبي الذي أنقذني من الموت ، سأخبرك ما حدث ،و لكن
إيّاك أن تقاطعي حديثي، فما سأبوح لك به رهيب، أريدك أن تسمعي فحسب ...
يتبع ........
في اليوم الذي عقد الزواج أحست نورا بمشاعر مختلفة ،السعادة ، الفرح ،
الحب ، وكل شيء جميل ، وحين قابلت علي لم تتمالك نفسها فسألته قائلة : هل
هذا قرارك أم قرار
والدي !؟ فهم قصدها فردّ قائلا : إنّه قراري، فأنا معجب بك ...! لكن والدها
حضر وقطع حديثهما قائلا :اسمعا _ حفل الزفاف بعد أسبوع ، جهزا نفسيكما
،ثمّ تركهما مع سالم، الذي جلس بينهما
يراقب الوضع كما وصّاه أبوه قائلا : اجلس معهما ، ما من خلوة قبل الزفاف ... !
وهكذا فإنّ نورا لم تسمح لها الظروف، لتتحدث إلى علي بحرية، فكان كلامها
مقيدا بحضور الأخ المراقب ، الذي كان يرمقها بنظره ،ويرميها بسهام من
الكلمات كي يقطع حديثا لم يعجبه ،ولمّا ملّت من ذلك، قامت إلى غرفتها ،
حملت هاتفها الخلوي، وصارت ترسل لعلي رسائل سرية ،بعيدا عن عيون الأب
والأخوة ...
حل يوم الزفاف ، ارتدت نورا فستانها الأبيض ، جلست مع العائلة، منتظرة وصول
حبيبها علي، فتى أحلامها ،بدتْ بأبهى حلّة ، كملكة ستتوج على عرش قلب رجل ،
أو إمبراطورة
ذاهبة إلى قلعتها ،لتتولى الحكم بعد أن تخلصت من قيود العبودية والاستعمار
في بيت والدها! الذي كان سجنا من القرون البائدة ، لم تكن نورا تتحدث عن
سعادتها ،ولم تبدي أي اهتمام بمن
يحيطون بها ،فالفرح والسرور جعلاها تشع نورا ، وكلمات الترحيب ،كانت تتقاطر
من عينيها، وابتسامتها ،كانت أغنية بلا صوت أطربت بها المدعوين ...!
لكنّ لحظات الحلم الجميل الذي كانت تعيشه لم يدم طويلا ، ساعات قليلة من
الوهم والسعادة ،إلى أن انكشف أمر خطير ... علي رحل !!! لم يعد موجودا
بيننا !! هذه كلمات نطق بها الأب الذي دخل البيت مثل طائر جريح ، سقط من
جبل ما ... لم تفهم نورا شيء ممّا قال، فوقفت وصارت تسأله قائلة : كيف
رحل؟؟؟!! أقرر أن يتركني في آخر لحظة ؟! ولكن لما ؟ قل يا أبي لما تركني ؟!
دخل سالم البيت، اقترب منها و قال : آه عليك يا أختي! لقد صرت أرملة يوم
زفافك ، وماذا أقول لك : لقد مات حرقا في بيته ! وتمّ دفنه قبل لحظات، أنا
ووالدي حضرنا الجنازة ..!!!
صرخت نورا قائلة: هذا كذب ،لقد تحدثت معه ليلة أمس ، أنتم لا تريدون أن
أحيى بحرية ،أنتم تريدون سجني حتى الموت ..لا ..لن أقبل بهذا، سأذهب إليه
بنفسي ...
رد سالم قائلا: للأسف هذا ما حدث ، لقد مات ،وأنت صرت أرملة ، صدقي أو لا تصدقي ،والآن اذهبي واخلعي ذلك الفستان .
دخلت نورا غرفتها ، رمت بالفستان على الأرض ،وصارت تصرخ .. لا .. لا حبيبي
علي لم يمت ، لم يمت إنّه حيّ في مكان ما ، ثمّ سقطت مغشيا، سمع الأب
صراخها وصوتها
لأول مرة في حياته ،فأسرع الى غرفتها ليجدها غائبة عن الوعي ، أخذها للمشفى
.. لتبقى هناك لأيامٍ في حالة لم يفهمها الأب ، الإكتئاب ،الضياع ، الأسى،
و هذا كله لفقدان الحبيب ...!
عادت نورا الى سجنها، والى غرفتها التي تحولت الى ملجئ تقبع فيه وحيدة
مكسورة ،تائهة بين الواقع الذي تعيشه وبين الحلم الذي ضاع وانكسر ، حلم
الحياة السعيدة في بيت الحبيب ..!
استلقت على سريرها، تذرف الدموع حتى بلّلت وسادتها فرمتها على الأرض ثمّ
أخذت وسادة أخرى لتبلّلها ، وما عساها أن تفعل ،فقد فقدت آخر أمل كاد أن
يتحقق لولا القدر ....
مرت شهور على نورا وهي في حالة الإكتئاب ، ولم يخرجها من تلك الحالة إلاّ
والدها الذي قال لها ذات يوم إنّ الحاج مراد قد تقدم لخطبتك وأنا وافقت ،
وزواجك به سيكون بعد ثلاثة أيام ...
حركت رأسها وكأنّ الأمر لم يعد يهمّها، و قال لها محاولا شرح سبب موافقته
قائلا: اسمعي يا ابنتي ! إنّ الحاج مراد يبلغ من العمر خمسون سنة وقد سبق
أن طلبك للزواج قبل سنوات ،
لكنني رفضت يومئذ ، و اليوم _ وافقت لأنّني مدين له بملايين الدراهم، فقط
من أجل ذلك وافقت...! فلا يمكنني بيع البيت لدفع الديون، لأنّه الشيء
الوحيد الذي بقي لنا بعد أن خسرت الشركة وكل شيء ، سكت
الأب قليلا ثمّ قال: لا تخافي سأرعاك دائما، لقد اشترطت عليه أن تقيما معنا
في هذا البيت ، لن تبتعدي عن عيني يا ابنتي ! رسمت نورا ابتسامة صفراء على
وجهها و قالت في نفسها
سجن وزوج في الخمسين معادلة صعبة ...!!!
في يوم زفافها الثاني ارتدَت نورا فستانا عاديا ،لم تبالي بنفسها كثيرا،
جلست في غرفتها تنتظر مراد زوجها الثاني الذي لم تكن تعرف عنه إلاّ القليل
،عمره تعدّى الخمسين.. مطلق وله مال
كثير وشكله عادي لا يختلف كثيرا عن حبيبها علي ،سوى في ملامح الوجه ...
تعبت نورا من الجلوس فاستلقت على السرير، أخذها النّعاس فغطّت في نوم عميق ،
سمعت صوتا غريبا يهمس في أذنها قائلا :نورا أنا علي .... أنا هنا .. لقد
عدت من أجلك ! أفيقي هيا افتحي عينيك !
لم تستوعب ما سمعت، ظنّت أنّه حلم جميل ،لأنّ صدى صوت علي بقي في ذاكرتها
،يدغدغ عقلها من حين إلى آخر ، فتحت عيناها فإذ بها تُفاجأ !! فالرجل الذي
يقف أمامها هو مراد، لكنّ الصوت،
صوت علي ، لم تستوعب ما رأت وما سمعت، فقامت من السرير، وقفت تنظر إلى الرجل الذي لم تعرف من يكون قائلة :من أنت !!؟
_ أنا علي ..
_ هل تمزح ... !!!
_ على العكس تماما أقول لكي الحقيقة ، أنا علي ...!
_ أتريد أن تصيبني بالجنون ؟!! ما أراه أمامي هو مراد ...
_ بلى ، شكلا أنت على حقّ لكن صوتي .. ألا تذكرين نبرته!؟
_ بلى والله إنّه صوتك ولكن .. لم أفهم ؟!!
_ أتذكرين حين التقينا أول مرة عندما فتحت لي باب البيت ،أغمي عليك ..و ... روى لها تفاصيل ما حدث في أول لقاء عند باب القصر
ابتسمت وقالت : أجل كل ما قلته حدث ولكن .. وجهك ؟؟!
_ لقد وضعت قناعا على وجهي يشبه شكل وجه مراد الشرير ...
_ اخلعه ..أريد أن أرى وجهك ..!!!
_ لا يمكنني ذلك، فوجهي احترق إبّان الحريق الرهيب في بيتي ..
_ لا يهم أريد أن أراه ...
_ لا أستطيع لا أريد أن أخيفك ...!!
_ لن تخيفني ... أرجوك اخلع القناع ....
_ أتعدينني أن لا تشمئزي منّي ،ولا تصرخي حتى لا يسمعك أبوك؟!
_ أعدك ..
خلع علي القناع و قال: انظري ما فعله بي ..
مسكته نورا من يده قائلة :آه .. من فعل هذا بك ؟؟!!
_ لن أقول لك الليلة أيّ شيء، لكن في الصباح سأخبرك القصة ...
_ لما لا ؟ لما لا تخبرني الآن ؟!
_ لأنّني لا أريد أن أضيع هذه الليلة الجميلة في الكلام على ما مضى ..
_ وماذا عن مراد إن أتى إلى هنا .. ماذا سنفعل ؟!
_ لن يعود أبدا ، لذا لا تزعجي نفسك بالتفكير به...
_ وكيف لا أفكر به ؟؟!
تمتم ساخرا : لأنّه رحل إلى الابد ! رحل ولن يعود ، لن يأتي ...!
أمسك بها وردد قائلا: لن يزعجنا الليلة أحدا ..وعد منّي ..
ضحكت نورا قائلة: أحقا ما تقول ؟؟
حرك علي رأسه ضاحكا ....
_تعالي ننسى ولو للحظات من نحن حبيبتي ...
مرت الليلة على نورا وكأنّها حلم من أحلامها القديمة، وخيالا تمنّت حدوثه
ولو للحظات قصيرة ...وفي الصباح حين فتحت عينيها وجدت علي بوجهه الذي يشبه
المسخ ،نائما بالقرب منها،
أحست بالغثيان فقامت الى الحمّام ، أحس بها علي فاستيقظ من نومه مفزوعا
وقام يبحث عن القناع ،ولمّا وجده ،أسرع لوضعه على وجهه ، خرجت نورا من
الحمام ولمّا رأته سألته ..
_ألن تتخلص من ذلك القناع ؟؟
_ ولما أتخلص منه ؟! هذا القناع _ دفعت مالا كثيرا للحصول عليه ، لقد صار
عالمي اليوم ، أصبحت مراد في نظر النّاس به ، لذا لا يمكنني التخلص منه
أبدا ..
_ ولكن كيف ؟ ألن تخبر والدي بأنّك حي ؟ أتقصد أنّك ستعيش معي على أنك مراد ؟؟!! هذا أمر مستحيل ... !!
_ بلى .. فهذا هو الحل الوحيد ،أن أكون مراد ! أمسك بها من يدها وقال لها
اجلسي ، سأشرح لك كل ما حدث فقد وعدتك ، جلسا على السرير .. وقال: اسمعي يا
نورا ! ما سأقوله لك
لا يعرفه أحدا سوى طبيبي الذي أنقذني من الموت ، سأخبرك ما حدث ،و لكن
إيّاك أن تقاطعي حديثي، فما سأبوح لك به رهيب، أريدك أن تسمعي فحسب ...
يتبع ........