الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
عمر وكليته اليسرى[ ج2]
مر من عمر الدنيا ثلاث سنوات بعد عودة آمنة ووالدتها من العاصمة .اهتزت الأرض وربت بما أنزل رب الأرض والسموات , حلة خضراء على الحقول بانت وللأديم غطت ... خير وفير وحصاد بالقناطير عصافير هنا تغنت وأخر هناك في ملكوت الله تصدح وتطير ....
لولا الأجنحة المنكسرة ...لولا الأقنعة المستهترة .....هذا ووالدة آمنة بين حط ورفع فقد ألم بها نصب ووجع هي للفراش طريحة وأطوع, وآمنة عنها تذود وتدافع قذى الأهل والتوابع
لكن وذات صباح وقبل أن ينبلج الفجر وكعادتها نادت على أمها لتتهيأ للصلاة ..لا حركة
لا كلمة.. لا شهيق ولا زفير .
وكان الموقف جليا والصبر عليا في تصرفات آمنة وليس ذاك بغريب عمن اكتست ببردة الخالة زوجة خال عمر خلال مكوثها وقت مرضها...... أيامها..........
وبقت الوحيدة وحيدة مقيدة وئيدة لا أنس ولا مؤنس في دار عمها الظلام , وغاب عنها عذب الكلام ..... ترنو بعينيها إلى لا شيء....لا أحد من أقاربها طرق الباب ولا من أهل والدتها شق السحاب ..حزمت أمرها على أن تسبح بحرها , ولكن أنى لآمنة أن تجوس الديار وقطع الأمصار , فمهما صالت فهي أنثى هي آمنة بالله متمسكة مؤمنة .... لا يغريها بريق ولا يفزعها نهيق ...فصبرا آمنة.. صبرا آمنة...
من الطارق؟ ... أهلا أهلا بك خالتي ومولاتي ووليتي ..........
ارتمت طفلة بريئة في حضن الخالة زوجة خال عمر .......
كيف أنت وأمك /.قالت الخالة
أما أنا إني أمامك ها هنا .وأما عنها فهي هناك لا هنا .....
استوعبت الخالة الرسالة واكتفت بغلق المقالة ..... وكذا عمر لم يزد سؤالا
وأحب أن يغير المجال فقال ما هذه البلاغة يا آمنة ؟ نطق عمر وإذا نطق عمر توارى وراء الهضبة القمر لأنه في ظن آمنة فريد العصر والدهر .....
ابتسم فابتسمت وكان للخالة سر وأمر .
قالت آمنة اعذراني لم أخبركما قبلا [ تعني وفاة أمها]
فقالت الخالة: وأنت العذر كله لم نشأ أن نكدر الصفو فحتى رقية – ومالت بوجهها نحو عمر –
هي الأخرى قد غادرتنا بعد عز ومستقر , وليس لنا اليوم يا آمنة لوسام من يريحها ويريحنا
قالت آمنة: - والدهشة بادية عليها- متى وكيف هذا؟
قالت الخالة : لا اعتراض على حكم الله , فكلنا للقبر سائرون وبين يدي الملك المقتدر محاسبون ...هوني عليك ابنتي.
ابنتي- نزلت هذه الكلمة - على قلب آمنة بردا وسلاما...؟ يا لها من طعم... يا لها من وقع... يا لها من حب ... يا لها ....
غشتها الدموع ..تململت في حضن الخالة ...
عمر بين نطق ومنطق .... بين ماض فات ومستقبل مظلم هو آت ... وما زاد همه إلا ابنته
كيف وأنى له أن يجد من يعوض حب أمها الراحلة.......
هذا حلمه.... هذا كلامه... هذا غمه... هذا ظلامه....
ربت الخالة على كتف آمنة براحتيها وقالت: أيرضيك ألعيش معنا يا آمنة ؟
لم تجد كلاما ترد به ..فهي الخالة إذا حكمت فصلت ...صاحبة اليد البيضاء عليها وعلى أمها ....لا يمكن أن ترفض لها طلبا مهما كان ولكـن.....؟
فهمت الخالة الطيبة الكريمة ما جال بخاطر آمنة ..فما كان منها إلا أن قبلتها على الجبين وأجلت فيها الكفاح والستر والعفة والطهر ...
إذن ليس لعمر من آمنة لوسام إلا آمنة ..
إلى اللقاء في الجزء الثالث
إبراهيم تايحي