الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
عمر وكليته اليسرى [ الجزء 5]
لما كانت آمنة تعيد الأدوات داخل المحفظة لاحظت شيئا لاصقا بين فجوتيها من الداخل
حاولت نزعه لكنه تمزق , وكلما أخرجت جزءا فتتت الآخر ... حاولت أن تجمع الجزيئات لكنها عجزت ولم تفلح .. داهمها النعاس تركت ذلك واتجهت نحو غرفتها أين تنام هيام
عندما كانت الخالة تنظف أرضية [الصالون] شد انتباهها شيء مكور وبجانبه قطع صغيرة كفتات ..التقطته ثم التقطت الأجزاء الأخرى المبعثرة هنا وهناك ..تأملتها جيدا ..
بكت ... نعم بكت الخالة الصلبة وحق لها أن تبكي إنها صورة لعمر في سن السابعة والعشرين وقتها ....إيه يا ولدي ...رحلت عنا يا عمر وتركتنا نجتر سيرتك . يرحمك الله يا ولدي
ألقت الخالة ما كان بيدها من وسيلة النظافة وأسندت ظهرها لكرسي كان بالقرب منها
برهة من الزمن استعادت الخالة مسلسل عمر منذ اليوم الأول الذي جاء من القرية
إلى أن تخرج في الجامعة وما بعدها وكيف اشتهر وتميز علما وأدبا .. ثم كيف تعرفا على آمنة ووالدتها –يرحمها الله- .ثم كيف كانت فرحة الأيام بعد خروج آمنة من المستشفى وقضاء مدة عندهم بالبيت .. ثم كيف ودعتهم المرحومة أم آمنة بتلك الكلمات ثم كيف كانت زيارتهما لآمنة .. ثم الاقتران ثم الفاجعة .. ثم هيام ..
كل ذلك الشريط استذكرته الخالة ... الحمد لله لم تتفطن آمنة لتلك القصاصات وإلا ...
*- صباح الخير خالتي كيف أنت اليوم؟إني أرى النور على وجهك مبتسما/ آمنة
*- أسعد الله صباحك ابنتي .. وكيف هي هيام ؟
*- في نوم عميق وكأنها ملاك
*- أتسمحين لي بزيارة المقبرة ؟ إنه يوم جمعة
*- وهل لي أن أمنع كبدي عن كبدي ؟ سنكون جميعا مع بعض إن شاء الله
*- إن شاء الله / آمنة
خلق كثير تعج بهم ساحة المقبرة وما بين القبور وعليها ..جماعات.. كواكب.. فرادى هذا يدعو وذاك يملأ أقداحا فوق بعض القبور وضعت وتلك تنوح والأخرى تبلع دموعها ......
تقد ثلاثتهم وهم يرددون: السلام عليكم ديار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.
وحول الضريح المزعوم تحملق الثلاثة ...الخالة والخال في صمت ووقار وآمنة تغوص البحار
عمر ..كيف ذكر اسمها أول مرة وهي بالمستشفى ... كيف أعطا ها كليته دون سابق معرفة
كيف عاملها أثناء مرضها .. كيف عاملها بعد خروجها من المستشفى ... كيف كان آخر يوم في بيت خاله.... كيف تقدمت منه لتقول له أنها كذبت عليه مرتين ... ماذا قال لها حينها...
حين زارها وزوجة خاله في دارها .. ماذا قال لها وقتها... كيف كانت أحلى أيامهما بعد الزواج كيف كان يتنازعان وساما بين شد ومد .... كيف كان يبادلها النكت وهم منبطحان على أرضية الحديقة وبجانب شجيرة الياسمين حين كانت ..... وحين تكسر فنجان القهوة ..وكيف أصلحه....
مر بها كل هذا وهي على قبره..................
هيا بنا فالشمس اليوم ملتهبة/ الخال
وردد جميعهم الدعاء : اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم.
وهم على مائدة الغداء طلبت الخالة من آمنة إحضار الرسالة .... نعم خالتي وأحضرت الرسالة
تناولها الخال من يدها وراح يتأمل وإذا بالدموع تجري منسابة على خديه ولحيته
لاحظت الخالة ذلك ..أخذت منه الرسالة وقالت : أنت دائما هكذا ضعيف المشاعر لا تتحمل.
أنتهي فعمر عند ربه ..عمر مات وانتهى وسنموت جميعا البقاء لله الواحد القهار
لم تشعر آمنة -صرخت بصوت هز المكان.. لا عمر لم يمت .. عمر حي .. عمر هنا في قلبي لم يفارقه ..وراحت تبكي وتبكي وتبكي ......
لم يكمل أحدهم غداءه ..تحول الموقف إلى وقف كل يعزي الآخر .......
*- لا تغضبي ابنتي هذه حقيقة ..على كل هات الرسالة ..أخبريني ما ذا هناك –وأشارت الخالة إلى آخر ما كتب...
مجرد أسماء ... أرقام .. عناوين ... لكن : زوجتي الحبيبة إني مرغم على الرحيل , ولا أدري متى ٍسأعود ..وإني لفي حيرة من أمري لم يسبق لي أن شعرت بها مطلقا ..اسأل الله اليسر ..
آمنة لا أوصيك بخالتي وخالي ووساما .. أحبكم جميعا ... تحياتي ... ..................عمر
موعدنا مع الجزء السادس
إبراهيم تايحي