الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
عمر وكليته اليسرى [ ج6]
حركة غير عادية بالبيت ...نساء كثيرات ..قريبات بعيدات
طبيب يغادر وآخر يلج ... الخال هناك بين غدو ورواح يذرع البهو ..يطل من على نوافذ البيت على الحديقة ... يدخل غرفته ثم يخرج ..يتمتم.. هول عظيم فماذا حدث...؟
إنها السيدة الطيبة الكريمة طريحة الفراش , فقد فتك بها مرض لم تشعر به قط من ذي قبل ...إنها تتهاوى كورق الخريف, ونحن في الخريف. تفطن وتغيب .. وكلما استعادت وعيها لا تزيد عن قولها : آمنة عمر في الطريق .. عمر قادم ..
اعتبر الجميع أن هذا مجرد هذيان من شدة الحمى ووطأة المرض .....
إلا آمنة فكان لها شعور آخر وإحساس غريب ...
وكان أمر الله مقضيا ...............
فبعد أذان العصر بدقائق فارقت الخالة الحياة ..... ومن باب الصدفة كان ضريحها لا يبعد عن قبر عمر- المزعوم- إلا قليلا .
واشتدت من جديد ظلمة البيت على آمنة ..طفا الكيل .. واتسع الخرق.. كيف تتصرف ؟.. كيف توفق بين تربية ورعاية ابنتيها ..؟ كيف تعتني وتلبي حاجات الخال وهو رجل شديد المراس
رغم حلمه وعلمه وأدبه ....أسئلة تلوى الأخرى كضربات مطرقة على رأس آمنة ....
سنة وشهران مرت على وفاة عمر , وتسعة أشهر منذ وفاة الخالة
بدأت بالظهور علامات التعب والشقاء جلية على وجه وبدن آمنة .. هزل جسمها ... ذهب ورد وجنتيها .. تشققت قدماها ... اخشوشنت يداها . ذهبت نظارتها ..ضعف بصرها ......
مسكينة آمنة لم تعرف طعم الهناء إلا لفترة محدودة , وكأن الزمن يناصبها.. وكأن الحياة تخادعها ....
وواصلت آمنة المشوار ..لم تيأس رغم اليأس .. لم تجزع من الخال رغم تصرفاته وإن كانت منطقية حيث أشرف على أبواب التسعين .. لم تؤجل عملا. حاولت أن تبقى محافظة دقيقة منضبطة مثل ما علمتها الخالة الراحلة
أخذت فنجان قهوة وعلى مقعد بالحديقة جلست جسدا دون فؤاد , هي هنا ببدنها وهناك بعقلها
تذكرت رسالة عمر . وهل نستها يوما؟ وقطع صياح الخال عنها خلوتها
أين أنت يا آمنة أين حذائي ..أين برنوسي..؟
حاضر خالي ..هاهو حذاؤك .. وها هو برنوسك معلق, سألبسك إياه خالي...
*- حفظك الله ابنتي ..اتعبتك معي كثيرا .........
آمنة ابنتي... رنت هذه الكلمة مرة أخرى في أذنيها لكنها استمدت منها القوة وليس كذي قبل
*- هيه يا خالي إلى أين أنت ذاهب ؟
*- وأين سأذهب يا آمنة طبعا للمكان المعلوم ...
*- وما ذا تريد أن احضر لك كغداء؟
*- لا يهم يا آمنة فليس للأكل طعم بعد الفراق...؟
*- لا زالت البركة خالي .. أنت مؤمن تقي..
*- نعم يا ابنتي ونعم بالله.....أين وسام ؟
*- هي في المدرسة خالي
*- آه أصبحت كثير النسيان .. وأين هيام؟
*- ها هي خالي تتقدم نحوك بخطواتها المتعثرة...
*- ماشاء الله ...ما شاء الله.... تعالي حبيبتي ..إنها صورة حقيقية لعمر
استقبلت آمنة تلك الكلمة وضمت شفتيها ..
*- خالي لم تقل لي ما ذا أطبخ لك ؟ أم أن طبخي لا يعجبك .. ؟ نظر إليها وضمها تحت برنوسه وقال : ما يعجبني فيك يا ابنتي إلا أسلوبك وطهرك وعفتك ..حفظك الله لابنتيك أما أنا فلا أعلم هل أعود أم لا ..
*- أبعد الله عنك الشر والأذى خالي
لوح برأسه وكأن لسان حاله يقول غير ذلك .
غادر الخال البيت شطر مكانه المعلوم ..لكن قضاء الله وقدره كانا له بالمرصاد
صدمة من سيارة من سائق طائش خامر أردته جثة هامدة
واشتدت حلقات الهون والويل على آمنة ... هي الآن عرضة لكل شيء ...لكل شيء
بدأت وسام تقلد أمها حين تراها تصلي ... حفظت بعض السور القصيرة .. ترددها من حين لآخر على والدتها بصوت البراءة’ والطهر ... طرقات على الباب متسارعة ...متواصلة
طيب كفى طرقا .. البشارة ..البشارة سيدتي /قال الطارق
نعم علام البشارة .. / أمنة
سمعتهم يتحدثون عن ..
وصمت المتكلم الطارق
أكمل أكمل سمعتهم يتحدثون عن ماذا تكلم هيا أنطق ...؟
لا تخبريهم سيدتي فالأمر كما سمعت مهم , وهم لا يريدون أن يشيع قبل أن يأتوا إليك بأنفسهم
سيدتي هاهم قد أتوا أنا ذاهب لا تنسي سيدتي البشارة ....؟
سيارتان- يبدو أنهما من جهة مسؤولة- توقفتا أمام الباب نزل منهما جماعة يظهر عليهما الاحترام حيث مظاهر الهندام تشير إلى ذلك
تقدم جمعهم نحو الباب أين كانت آمنة وراءه تنظر إليهم
طرق الباب .. مرة ثم ثانية .. تعمدت آمنة ذلك لكي لا تشعرهم بأنها كانت تراقبهم
نعم ..فتحت فاطمة الباب جزئيا
نحن ممثلي ..... جئناك سيدة آمنة بخبر سعيد وغير منتظر .
موعدنا مع الجزء السابع الأخير
إبراهيم تايحي